علاقات جديدة على هامش تجارب فاشلة.. هل ذلك مفتاح للهروب؟

Untitled-1
Untitled-1

عمان- زواج جديد أعلنت رحاب موافقتها عليه، لعلها تنصف نفسها بعد فشل زواج دام أربع سنوات فقط، لكنها لم تكن تدرك أن ذلك سيخلف لها الكثير من الحزن والإحباط والانكسار في نفسها، حسب وصفها.اضافة اعلان
لم تمنح رحاب خليل نفسها الكثير من الوقت لتتجاوز محنة انفصالها عن زوجها، رغم الأثر النفسي السلبي الكبير الذي خلفه عدم نجاح زواجها، سواءعليها أم على المحيطين بها، معتقدة أن تجربتها الجديدة ستكون "دليلا" بأنها تستحق أفضل من الأول.
لم تمض أشهر قليلة حتى اصطدمت الثلاثينية رحاب بحقيقة أنها غير مستعدة بعد للخوض بتجربة زواج جديد، ومسؤوليات أخرى، وأنها لم تشف بعد من تلك المحطة "السيئة" في حياتها.
تقول، "هربت من فشل زواجي فدخلت بزواج متسرع.. وها أنا أدفع ثمن تسرعي واستعجالي"، فلم تعد قادرة الرجوع للوراء أو حتى الإنسحاب، فالمجتمع من حولها لا يرحم، بحسب وصفها.
ثلاثة مشاريع ارتباط فاشلة خلال أقل من ستة أشهر لم ينجح محمد الطوباسي الاستمرار بأي منها، رغم رغبته الشديدة في تكوين أسرة والاستقرار.
تسرع الأربعيني الطوباسي في الارتباط للمرة الأولى، جعله رهينة ثلاث علاقات فاشلة بعد ذلك، تكبد خلالها تكاليف مالية، فضلا عن "السمعة التي عرف بها في منطقته بأنه كثير الطلاق".
يقول "خطبت المرة الأولى وبعد شهر اكتشفت أنها لا تناسبني ولا أحبها.. فاتفقنا على الانفصال"، لكنها لم تكن درسا بالنسبة له، ولم يأخذ خطورة الخطوة على محمل الجد.
عدم اكتراث الطوباسي بخطورة الدخول بعلاقات غير مدروسة، جعل فتيات، ضحية لتهوره، معتقدا انه بخطبة جديدة ينجو من علاقة فاشلة، ويحقق حلمه بتكوين أسرة.
بيد أن هروب الثلاثينية ماجدة للبحث عن شريك جديد لحياتها بعد خروجها من علاقة عاطفية، والبحث عمن يداوي جروحها كان سببا في اصطدامها مجددا في علاقة لا تحتمل الاستمرار بها.
اصدمت ماجدة محمد بمطب المقارنات التي جعلتها أسيرة علاقتها الماضية، فلم تعد العلاقة الجديدة تلبي احتياجاتها وفي كل مرة تقف أمام مقارنات لا تنتهي.
الأصل أن يحرص الشخص على إقامة علاقاته مع الآخرين بعد دراسة ودون تسرع وفق الأخصائي الأسري مفيد سرحان، خصوصا في حالة الرغبة في الزواج والارتباط.
ويشير سرحان إلى أن هذا القرار هو أهم قرار يتخذه الإنسان في حياته ولا يتم ذلك إلا بعد معرفة الطرف الآخر والتأكد أنه مناسب من جميع النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، كذلك اختيار الاصدقاء، بما يضمن الحد المناسب من التوافق والانسجام، في حين يجب أن يحقق الزواج أهدافه في السكينة والمودة والاستقرار.
وفي حالة تعرض الشخص لتجربة غير ناجحة أو فاشلة سواء على مستوى العلاقات الاجتماعية أو الخطبة أو الزواج، فإن الأفضل وفق سرحان أن يقف الشخص على الأسباب التي أدت إلى ذلك.
"معرفة الاسباب هو المدخل لتفادي تكرار التجربة الفاشلة مرة أو أكثر"، وفق سرحان الذي يبين أن جزءا من الأسباب متعلقة بالشخص نفسه وطبيعته وهذا لايعني أن لا ينجح في علاقته دائما، بل البحث عن الشخص المناسب الذي يتناسب مع شخصيته وطبيعته.
ويؤكد سرحان على ضرورة عدم التسرع في تكرار التجربة والتصرف بردود أفعال غير مدروسة، من منطلق الاعتقاد بإثبات الذات ونكاية في الطرف الآخر، إذ ينبغي التفكير بروية وهدوء حتى لا تنعكس العلاقة الفاشلة على المستقبل سلبا.
ويقول، عدم النجاح والفشل لا يعني النهاية للإنسان، بل المهم الاستفادة من التجارب وعدم تكرار الأخطاء.
من جهته يقيم أخصائي علم النفس الدكتور عبدالله أبو العدس هذه العلاقات بأنها مبينة على أسس عاطفية وليست عقلانية وبالتالي عندما يصطدم الإنسان بالسمات الشخصية للطرف الآخر يتفاجئ بوجود بعض الصفات التي تتضارب مع شخصيته، وقد يصطدم أحيانا بأن الطرف الآخر غير صادق بالعلاقة العاطفية والأصل أن يقيم الإنسان هذه العلاقة من ناحية عقلية وعاطفية.
ويذهب إلى أن الأصل في هذه العلاقات هو تقييم الشخصيتين مسبقا لبعضهم البعض قبل أن يقترحوا بدء العلاقة المفضية للارتباط والزواج وتكوين أسرة بحسب أبو العدس.
عدم النضوج في الطرح وعدم رؤية أهداف هذه العلاقة واحدة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى انفصال هذه العلاقات وفق أبو العدس، إذ يجب أن يعرف الطرف الآخر السبب من وراء التواصل مع الطرف الآخر.
ويقول أبو العدس غالبا ما يكون الهدف في التواصل فقط للتفريغ العاطفي والهروب من الضغوط الأسرية والاقتصادية وأحيانا من الظروف الاجتماعية.
ويضيف، غياب وجود منظومة حوارية متكاملة داخل المنزل تدفع الإنسان للبحث عن شخص آخر عادة يكون من جيله يشاركه أفكاره ومشاعره وأحزانه.
ويستدرك أبو العدس أن المجتمع الرقمي أدى إلى انشغال كل إنسان بحياته، ونوبة الفردية وتقوقعه حول نفسه، ما غيب من قنوات الحوار بين الزملاء أيضا.
ويبين أن مشاعر الخذلان والاكتئاب والقلق التي تسيطر على الشخص بعد الخروج من علاقة فاشلة وغير منتهية بالنجاح، عادة ما تزول عند البدء بعلاقة عاطفية جديدة، محذرا أبو العدس عدم البدء بأي علاقة سواء للمرة الأولى أو بعد تجربة فاشلة، إلا بعد استفاضة كاملة ومعرفة أهداف العلاقة وإلى أين ستفضي، وادراك حدود ومساحات كل شخص فلكل شخص مساحة نفسية في العلاقة ينبغي أن لا يخترقها أي طرف.
وفي حال كانت العلاقة الجديدة التي بدأ بها الشخص ضمن إطار الأسرة والزواج وتم الانفصال، فلا بد من الإرشاد والتوجيه من قبل المختصين لتحديد أسباب الانفصال والطلاق وقراءة شخصية كل طرف من الأطراف، وتقييم معالم شخصيته وقياس الأثر النفسي، فمنظومة الطلاق معقدة نفسيا واجتماعيا، بحسب أبوالعدس.