على أبواب الفصول: أمزجة "تتقلب" و"خريف" يتحكم بحالة النفس

على أبواب الفصول: أمزجة "تتقلب" و"خريف" يتحكم بحالة النفس
على أبواب الفصول: أمزجة "تتقلب" و"خريف" يتحكم بحالة النفس
تغريد السعايدة عمان- لا تحتمل رانيا عبدالرحمن، عبارات توجه لها بالمبالغة بسبب الحالة النفسية التي تصيبها والتغير الحاد بالمزاج مع دخول فصل الخريف، هي كما تقول، لا تستطيع التحكم بمشاعرها، لكن هذه الحالة تصاحبها منذ سنوات، تحديا حينما تبدأ الأجواء الغائمة تطغى على ضوء الشمس. "يصيبني الحزن والقلق، لا أرغب المشاركة بأي نشاطات مشتركة، أميل للانعزال، ولا شعوريا أفكر بكل محطات حياتي تحديدا المحزن منها".. هكذا تصف رانيا حالتها النفسية كل عام بهذه الفترة تحديدا، إذ استشارت أكثر من مختص بهذا المجال، علها تتجاوز تلك المحطة السنوية التي باتت تزعجها، وتضايق المحيطين بها. وتبين رانيا أن "كثيرا من الأشخاص لا يعانون ذات المشاكل، فيستغربون الحالة التي نشعر بها ولا يعطونها أي أهمية إنما يبدأون بإطلاق تعليقات سلبية بالمبالغة وكثرة التشاؤم والسلبية بالتفكير، وكأننا نحن من نتحكم بأنفسنا". شعور الضيق وفقدان المتعة أو الرغبة بإتمام التفاصيل المعتادة بالحياة اليومية، هي الحالة التي تسيطر على عدد من الأفراد مع بداية دخول فصل الخريف، لما يتسبب به من انخفاض بالمزاج والشعور بالحزن بلا سبب، والتعب العام مع فقدان ضوء الشمس. هذه الحالة المُبهمة تعطي شعورا بغياب الاتزان والتخبط، كما هي في الأجواء المناخية، وهو ما يسميه علماء النفس والمختصون بـ"اكتئاب الخريف"، إذ إن تشخيصه وعلاجه كحالة مرضية يعتمد على شدته ومدته وتكرار الأعراض. "قله من يفهم أنّ جنون الربيع إنّما هو وليد حزن الخريف"، هكذا قيل في فصل الخريف، وبأنه يشبه تبدل العلاقات وخريف العمر والنهايات، فيما يراه آخرون أنه استعداد للنمو كما في التحضر للشتاء واستقبال المطر، ومن ثم الولادة للمظاهر الطبيعية بمطلع الربيع. ذلك الاختلاف في المشاعر اتجاه الفصول، يشكل حواراً اجتماعياً مع بداية كل فصل، فهنالك من يُفضل هذه الأجواء الخريفية، وشخص يشبهه بالأجواء "مضطربة"، فيما يعتبره آخر، بأنه يحمل تفاصيل جميلة إيذانا باستقبال الشتاء ولمة العائلة. ومنذ أيام قليلة ماضية، بدأ الكثيرون بنشر صور ومقاطع فيديو تُمثل الخريف بأجوائه المختلفة والمتقبلة، ومقاطع لأوراق الشجر الصفراء، ما يعكس تأثر الناس بالأجواء وبدايات الفصول، وتأثير ذلك على تحركاتهم وتفاصيل حياتهم اليومية. ويرى الدكتور والاختصاصي بالصحة النفسية أحمد عيد الشخانبة؛ ان الاكتئاب الموسمي أو الخريفي، حالة موجودة واضطراب شائع قد يستمر ويزول حتى بداية فصل الربيع، ويتسم انخفاض المزاج والشعور بالضيق وفقدان المتعة والخمول والكسل وقلة التركيز، واضطرابات في النوم والشهية، على ألا تكون هذه الأعراض مرتبطة بسبب طبي عضوي آخر. ويبين الشخانبة أن تشخيص المرض يعتمد على "الشدة والمدة والتكرار بالأعراض"، ويمكن اعتماده كحالة مرضية، إذا زادت المدة على ثلاثة أسابيع، وأثر في القدرة الوظيفية للشخص، هذه الأعراض المتكررة بفصل الخريف، دفعت بدراسة الحالات ومحاولة إيجاد العلاج لها. دراسة علمية أجراها باحثون من جامعة لييج في بلجيكا كشفت أن "القدرات العقلية قد تكون أقوى خلال فصول معينة من العام، وأن ضوء الشمس هو السبب ببعض المشاكل، إذ تبين أن الخريف يعتبر الفصل الذي يكون فيه الدماغ أكثر تركيزاً وأقل نسياناً، وتنخفض قوته خلال فصل الربيع. وعلل الباحثون ذلك بأن النتائج العلمية تبين أن "المكان المسؤول عن الذاكرة في المخ يكون نشطاً جداً خلال فصل الخريف، وان فصل الشتاء يعاني فيه الكثيرون من الاكتئاب وانخفاض المزاج، حيث أشار الباحثون في الدراسة إلى أن الفصول قد تؤثر على الحيوانات من ناحية التكاثر، ولكن تأثيرها على الإنسان يكون في "الحالة النفسية والمزاج"، وأن الاكتئاب الموسمي ناتج عن عدم كفاية التعرُّض لضوء النهار. بيد أن الشخانبة يؤكد وجود الكثير من الأعمال المعنوية والملموسة التي يمكن أن يقوم بها الإنسان لتجنب حدوث الاكتئاب الخريفي أو التخفيف من الأعراض المصاحبة له، ومن أبرزها تغيير طريقة التفكير بشكل إيجابي والنظرة لهذا الفصل على أنه فصل راحة وانطلاق لحياة جديدة لجميع الكائنات الحية وليس فقط الإنسان، وهذا له تأثير نفسي جيد في حال كانت الأفكار بطريقة إيجابية. كما ينصح الشخانبة الأفراد بشكل عام والمعرضين للاكتئاب الخريفي بشكل خاص، إلى إجراء تغييرات في حياتهم اليومية، كما في ممارسة الهوايات التي يفضلونها في هذا الفصل تحديدا حتى يكون مخصصا لممارسة الأعمال المفضلة، كما أن يقوم محبو السفر، على سبيل المثال، بتأجيل رحلاتهم إلى هذا الفصل ليشعروا بالمتعة والتغيير، بالإضافة إلى ممارسة الاستجمام بمختلف اشكاله المتاحة لكل شخص. هذا الأمر قد يجعل قدوم الخريف سببا للاستمتاع، كما يبين الشخانبة، الذي ينصح كذلك بعمل أشياء جميلة وبسيطة يومياً مثل ممارسة الرياضة لدورها في تحسين النفسية، وتناول الفيتامينات مثل اوميجا 3 وفيتامين D، كما يؤكد على أهمية العلاج بالضوء، وهي طرق عملية يعتمد عليها الكثيرون في معالجة اكتئاب الخريف من خلال التعرض للضوء الشديد لما يقل عن 25 دقيقة. خبيرة اليوجا والمعالجة النفسية هناء كمال، كتبت مقالاً تحدثت فيه عن علاقة الطاقة والإنسان بالاكتئاب الموسمي للفصول تقول فيه إن فصل الخريف لا يؤثر في الحالة النفسية ويشحن الجسد بطاقة سلبية فقط، بل كذلك على الأمعاء الغليظة والرئة والأنف والجلد، وإن المرأة أكثر استعدادا من الرجل للإصابة بالاكتئاب الموسمي الناتج عن تغير الفصول، نتيجة التغيرات الهرمونية التي تصيبها وما يصاحبها من نقص هرمون الاستروجين". وتضيف خبيرة الطاقة كمال أن طبيعة هذا الفصل تجعله فصل التغييرات الجذرية في حياة الإنسان التي ينتقل فيها من الماضي إلى المستقبل، ما يؤثر على صحة الإنسان النفسية والجسدية، وحتى يمر فصل الخريف بسلام، يجب أن ينجز كل شخص المهام أو الأهداف التي حددها لنفسه، ما يعطيه طاقة إيجابية ويساعده على التخلص من الاكتئاب، على حد وصفها.اضافة اعلان