على إسرائيل الابتعاد عن بكين بعد اتفاقها مع إيران

إسرائيل هيوم

بقلم: يعقوب نيجل ومارك دوفوفيتش

اضافة اعلان

28/7/2020

يعد الاتفاق المتحقق بين ايران والصين، والذي تسرب مؤخرا، اتفاقا "منقذا للنظام" وشراكة واسعة، اقتصاديا وامنيا. فالصينيون سيستثمرون نحو 400 مليار دولار على مدى 25 سنة في ايران، مقابل نفط ايراني بتنزيلات كبرى. سيمس الاتفاق بالطبع بالعقوبات الشديدة المفروضة على التجارة مع ايران وبالجهد الاميركي لعزلها في استراتيجية "اقصى الضغط". بالنسبة لاسرائيل يجب على الصفقة بين شريك اقتصادي مركزي (اليوم) لاسرائيل وعدوها الاساس ان تشكل جرس ايقاظ مقلق: فالصين ليست صديقة اسرائيل، وبالتأكيد ليست بديلا عن الدعم الاميركي.
لقد بادر الرئيس روحاني بالاتفاق في 2016، في اعقاب الاتفاق النووي والذي كنتيجة له رفعت عن ايران العقوبات الاقتصادية. وحسب الصفقة مع الصين، والتي اقرها مجلس الوزراء الايراني، فسيتوسع التواجد الصيني في البنوك، في وسائل الاعلام، في الموانئ والمطارات، في القطارات وفي مشاريع البنى التحتية في ايران. وسيتضمن الاتفاق تعاونا عسكريا، سايبر وتكنولوجيا، تأهيلات وتدريبات مشتركة وكذا التعاون في تطوير السلاح والاستخبارات.
لقد كانت ردود الفعل في ايران سلبية وفي حالة الرئيس روحاني شجبته، فحسب فهمهم، فان ايران الضعيفة ستنتهي كطرف خاسر في الصفقة، وهم يرون كيف أن طريقة الاستثمارات الصينية "تحبس" الدول مع دين كبير، وفي نهاية العملية تنشأ رافعة تسمح للصينيين بالسيطرة على البنى التحتية الحرجة وعلى المقدرات الطبيعية في الدولة. والطريقة هي جزء من الاستراتيجية الصينية، المسماة "مبادرة الحزام والطريق"، والتي تنفذ في اكثر من مائة دولة. أما النظام في طهران، بالمقابل، فيفهم بأن الصفقة يمكنها أن تنفذ الاقتصاد الايراني، ستكون "اصبع في العين" للولايات المتحدة وستسمح للنظام بالاعتماد على الصين وعلى قدراتها، مع التشديد على نموذج التعقب للمواطنين، مما سيزيد احتمالات حماية الحكم.
ما يزال الاتفاق غير موقع وتسريبه يخدم مصالح داخلية في الدولتين. فالطرفان كفيلان بأن ينتظرا حتى الانتخابات في الولايات المتحدة على امل أن يهجر بايدن خطة "اقصى الضغط". فالعقوبات الاميركية على ايران، والتي ردعت بنوكا صينية وشركات طاقة عن التقدم في صفقات مهمة في ايران، سيفتح فرصا رائعة للتعاون. بالنسبة لاسرائيل، فإن مجرد الحديث عن الاتفاق هو اشارة واضحة الى أنه حان الوقت لتغيير السياسة وللبدء بالانفصال عن الصين.
ايران هي العدو الاكثر خطرا على اسرائيل. زعماؤها يقسمون على ابادة الدولة اليهودية ويطورون برنامجا نوويا وصواريخ باليستية مع قدرة على حمل الرؤوس المتفجرة النووية. تمول ايران وتسلح حماس وحزب الله الذي جمع اكثر من 150 ألف صاروخ على الحدود الشمالية. ايران وحزب الله يوجدان في عملية متواصلة من ادخال قدرات السلاح الموجه الدقيق الى المنطقة، قدرات تغير قواعد اللعب وتهدد بالمس برموز الحكم، بالمنشآت العسكرية، بالبنى التحتية وبالمراكز المدنية وإلحاق ضرر كبير باسرائيل.
مصلحة إستراتيجية
الصين هي الخصم الخطير للولايات المتحدة، الحليفة الاهم لاسرائيل. والصينيون ينشرون تكنولوجيات النووي والصواريخ للانظمة الماركة مثل ايران، كوريا الشمالية والباكستان، ويهددون هونغ كونغ، تايوان وبحر الصين الجنوبي، يسرقون ملكية فكرية وينفذون خروقات فظة لحقوق الانسان. لقد كتب الصينيون واخفوا معلومات حيوية عن كورونا كان يمكنها أن تساعد العالم على منع المصيبة الانسانية والاقتصادية.
بالنسبة لاسرائيل لن يكون الانفصال بسيطا. فالصين هي احدى الشركاء الاقتصاديين المركزيين ومصدر مهم للاستثمارات المالية، بعد الولايات المتحدة واوروبا. فقد بلغت التجارية الصينية – الاسرائيلية في العام 2018 مقدار 15.3 مليار دولار، ارتفاع بمعدل 4.400 % من العام 1995. ترى الصين في البنى التحتية الحرجة في اسرائيل جزءا من مشروعها للتوسع العالمي. وهذا يشمل ميناء حيفا، الذي تسبب منذ الآن بالتوتر بين اسرائيل والولايات المتحدة، ميناء اسدود، الانفاق في الكرمل، القطار التحتي في تل أبيب، منشآت تحلية المياه وغيرها. ان الاهمية الاستراتيجية للبنى التحتية واضحة، ولا سيما في ضوء حقيقة أن جزءا منها يعمل الى جانب منشآت عسكرية، مراكز تجارية وغذاء وخدمات حيوية اخرى.
لقد حددت الصين التكنولوجيا العليا الاسرائيلية كمصدر تكنولوجي حيوي في بناء اسلحة للجيل القادم، حتى وان كان تحت غطاء استثمارات "مدنية". وجندت شركات الانطلاق الاسرائيلية 325 مليون دولار من مستثمرين صينيين في ثلاثة ارباع من العام 2018، مقابل 67 مليون دولار في 2013. والاستثمارات الصينية استراتيجية وتستهدف استخدام العلم الاسرائيلي في مجالات الفهم الاصطناعي، الحواسيب المتطورة، السيارات المتحركة بالتحكم الذاتي، علم الرجال الآليين وعلوم المعطيات. هذه التكنولوجيات اعترف بها البنتاغون كحيوية لجهودد الحداثة العسكرية، حتى لو كانت "مدنية" في تطبيقها الحالي. على اسرائيل أن تعيد تقويم العلاقات مع الصين، إذ ان الحديث يدور عن مصلحة استراتيجية مركزية لضمان عدم تآكل التفوق العسكري الاسرائيلي والاميركي.
ان مخططي الاستراتيجية الاسرائيليين كفيلون بأن تغريهم فكرة ان العلاقات الاقتصادية بين الصين واسرائيل ستؤثر على الشراكة الكبرى لبيجين مع طهران. هذا بالطبع وهم: فالصينيون سيكسبون ما يمكنهم، وفقا لاحتياجاتهم، من اسرائيل ومن ايران، دون تفضيلات وخوف. اما اذا اضطرت الصين الى الاختيار، فلا شك انها ستختار ايران القادرة على أن توفر لها الطاقة الحرجة لوجودها، والتي لا يمكن لإسرائيل ان توفرها. عدد السكان الايرانيين اكبر بثمانية اضعاف والارض اوسع بــ75 ضعفا وهي تقع في منطقة استراتيجية مهمة لخطة السيطرة الصينية. فضلا عن كل هذا فإن ايران هي عدو اميركي مرير يمكن للصين ان تستخدمه في المنافسة العالمية امام الولايات المتحدة.
الاقتراب من الولايات المتحدة
كل هذا يضع الولايات المتحدة واسرائيل في جانب واحد والصين وايران في الجانب الآخر في الحرب الباردة الناشئة بين القوى العظمى.
لا مفر لإسرائيل غير الوقوف في الجانب الاميركي بما في ذلك في السياسة الرسمية. واصحاب القرار في اسرائيل ليسوا مطالبين بأن يقروا أنظمة أو تشريعات تخنق القطاع الخاص؛ هم ببساطة ملزمون ان يضمنوا الا تتخذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات الاستراتيجية من قبل البيروقراطيين الذين لا تحركهم إلا اجندة محلية ضيقة. الى جانب ذلك فإن حكومة اسرائيل ملزمة بأن تساعد المستثمرين في التكنولوجيا عندها على استخدام قدرات الشراكات الاستراتيجية مع الهند، اليابان، استراليا، كندا، سنغافورة ودول مشابهة، الى جانب العلاقات مع دول الخليج (وحماية المصالح الامنية). هذا الاستخدام الحيوي لتشخيص رأسمال بديل للاستثمارات الصينية.
لا شك انه الى جانب التجسيد بالملموس للالتزام الاسرائيلي بفك الارتباط عن الصين، ستنشأ فرص اخرى لتعميق التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة. فالتعاون التكنولوجي، العسكري والاستخباري سيرتفع درجة اخرى وسيعمق التعاون السياسي. عندما يعمل الصينيون على امكانية التعاون مع أسوأ اعداء اسرائيل، لا بديل لإسرائيل غير التقرب من صديقتها الافضل والابقاء على مسافة مع خصمها الاكبر.