على الديمقراطيات أن لا تدع حلم الإنترنت المفتوح يموت

في مؤتمر أمن الإنترنت في بكين، أيلول (سبتمبر) 2018 - (المصدر)
في مؤتمر أمن الإنترنت في بكين، أيلول (سبتمبر) 2018 - (المصدر)

غراهام ويبستر؛ وجوستين شيرمان* - (فورين أفيرز) 28/10/2021

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

سواء أعجبنا ذلك أم لا، فإن الإنترنت والتقنيات المرتبطة به هي مساعٍ عالمية. وقد اعتمد تطويرها -خاصة في الولايات المتحدة- على براعة الإنسان والمواد الخام والعمالة من جميع أنحاء العالم. وقد تطلب إنجازها تبادل المعرفة، وتطوير المصادر المفتوحة، والتعاون العلمي عبر الحدود. وتعتمد المساهمة الأكثر جذرية لتقنية الإنترنت في التاريخ -شبكات الاتصالات شبه اللحظية التي تصل إلى جزء كبير جداً من البشرية- على كابلات الألياف الضوئية التي تمتد عبر الحدود وتعبر قيعان البحار، وهو المكان الذي تسميه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار "تراث البشرية المشترك".

  • * *
    ثمة كلمتان رئيسيتان كانتا مفقودتين في الكلمات التي أعقبت القمة التي عُقدت بالحضور الشخصي في أيلول (سبتمبر) لـ"الحوار الأمني الرباعي"، المعروف أيضًا باسم "الرباعي"، والذي يضم أستراليا، والهند، واليابان، والولايات المتحدة. كانت الكلمة الغائبة الأولى متوقعة: "الصين". وعلى الرغم من أن القوة المتنامية لذلك البلد هي الدافع الجيوسياسي الواضح لهذا التجمع الهندي-الباسيفيكي، فإن المسؤولين يبذلون قصارى جهدهم لتصوير جهودهم على أنها إيجابية، ولا تتعلق باحتواء منافس. ومع ذلك، كانت الكلمة الأخرى المحذوفة أقل وضوحًا وأكثر أهمية. أصدرت الحكومات الأربع مجموعة من المبادئ المشتركة حول التكنولوجيا، مؤكدة القيم المشتركة والمنافسة العادلة و"نظاما بيئيا تقنيا مفتوحا وسهل الوصول وآمنا". وقد يبدو هذا الخطاب مألوفًا بدرجة كافية من أربعة بلدان اجتمعت لمناصرة "نظام حر ومفتوح وقائم على القواعد". لكن كل هذه الحكومات كانت تدافع، لسنوات، وبشكل انعكاسي تقريبًا، عن رؤية تكنولوجية أكبر أيضاً: عن رؤية "عالمية".
    منذ انطلاقته الأولى تقريبًا، رأى المثاليون في الإنترنت إمكانية متطرفة للمساعدة على جسر الانقسامات بين الناس. وقد انتشر الاتصال الرقمي بسرعة خلال فترة ما بعد الحرب الباردة التي صعدت فيها العولمة وبدت الديمقراطية للكثيرين منتصرة. وترسخت العولمة التقنية باعتبارها نموذجًا مثاليًا بين الدبلوماسيين والعلماء والتقنيين الذين آمنوا بالتبادل الحر والمفتوح كفضيلة في حد ذاته، وكوسيلة لنشر الحريات السياسية والاقتصادية.
    ولم تتحقق أبدًا الرؤى الأكثر مثالية للعولمة التقنية. في الواقع، كان أحد أسباب احتضان القادة السياسيين لإنترنت عالمي، حر ومفتوح، هو الدعوة ضد الجهود المبذولة لعزل أجزاء من الشبكة: حيث عملت الحكومات الاستبدادية، وخاصة في الصين، بسرعة وفعالية لإقامة حواجز رقمية منعت مواطنيها من الوصول بحرية إلى الإنترنت. وحتى عندما دعا الدبلوماسيون الأميركيون إلى الانفتاح، تصوّر قطاعا الدفاع والاستخبارات في البلاد مخاطر جديدة، واستخدما الإنترنت لتعزيز مصالح الأمن القومي الضيقة. واليوم، بعيدًا عن ساحة اللعب المتساوية التي كان يأملها الكثيرون، ما يزال الوصول إلى الإنترنت والفوائد التي تتدفق منه وتنجم عنه غير متكافئ إلى حد كبير في جميع أنحاء العالم.
    تشير البيانات والإجراءات الأخيرة في اللجنة الرباعية وما بعدها إلى أن العديد من المويدين منذ وقت طويل لإنترنت عالمي قد انتقلوا الآن نحو رؤية جديدة للتطور التقني: عالم منقسم بين كتل وطنية أو أيديولوجية متنافسة، والتي تعتمد كل منها على مورديها الموثوقين الخاصين بها لأجهزتها وبرمجياتها من أجل الدفاع ضد التدخل الخبيث. ومع ذلك، فإن التخلي عن المثل الأعلى العالمي لصالح أندية من الديمقراطيات التقنية أو الأنظمة الاستبدادية التقنية، يعني التخلي عن الاعتراف بحتميات عصر الإنترنت -بحيث أنه على الرغم من الانقسامات الحقيقية، فإن الإنسانية وتقنياتها تظل مترابطة بعناد.
    إن وجود فجوة تكنولوجية دائمة هو أمر غير محتمل، ومكلف وغير عملي. وهو، علاوة على ذلك، شيء غير مرغوب فيه. من دون الاعتماد المتبادل، سيعامل الخصوم بعضهم بعضا بقدر أقل من ضبط النفس، ما يزيد من احتمالية حدوث مواجهات جادة وخطيرة. وتقع على عاتق الولايات المتحدة مسبقاً مسؤولية خاصة للتفكير بشروط عالمية بشأن الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية؛ فمن "فيسبوك" إلى "غوغل"، يتصدر عمالقة الصناعة الأميركيون العالم. وقد تكون قدرة الإنترنت على النهوض بحقوق الإنسان مبالغًا فيها إلى حد كبير، لكن قدرته على إلحاق الأذى ليست كذلك، ويجب على واشنطن أن تفكر وتتصرف على الصعيد العالمي على إبقاء عمالقة التكنولوجيا لديها تحت السيطرة.
    غسق العولمة التقنية
    سواء أعجبنا ذلك أم لا، فإن الإنترنت والتقنيات المرتبطة به هي مساعٍ عالمية. وقد اعتمد تطويرها -خاصة في الولايات المتحدة- على براعة الإنسان، والمواد الخام والعمالة من جميع أنحاء العالم. وقد تطلب إنجازها تبادل المعرفة، وتطوير المصادر المفتوحة، والتعاون العلمي عبر الحدود. وتعتمد المساهمة الأكثر جذرية لتقنية الإنترنت في التاريخ -شبكات الاتصالات شبه اللحظية التي تصل إلى جزء كبير جداً من البشرية- على كابلات الألياف الضوئية التي تمتد عبر الحدود وتعبر قيعان البحار، وهو المكان الذي تسميه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار "تراث البشرية المشترك".
    لعقود من الزمان، روج دبلوماسيون ومفكرون من الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى لمبدأ "إنترنت واحد؛ مجتمع عالمي واحد؛ وجسم مشترك من المعرفة التي تفيدنا وتوحدنا جميعًا"، كما عبرت عن ذلك وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، في خطابها الشهير عن حرية الإنترنت في العام 2010. وحذرت "الاستراتيجية الدولية للفضاء السيبراني" التي قدمتها إدارة أوباما في العام 2011 من أن "البديل عن الانفتاح العالمي وقابلية التشغيل البيني هو الإنترنت المجزأ، حيث ستُحرم قطاعات كبيرة من سكان العالم من الوصول إلى التطبيقات المتطورة والمحتوى الثري بسبب المصالح السياسية الضيقة لعدد قليل من الدول".
    حتى وقت قريب، تقاسمت دول "الحوار الرباعي" الأخرى الحماس نفسه لوجهة نظر عولمة التقنية. وتمتاز إستراتيجية أستراليا الدولية للمشاركة الإلكترونية للعام 2017 بأنها مليئة بالإشارات إلى مجتمع عالمي، ووضع قواعد عالمية، وسوق عالمي عبر الإنترنت. وتحدثت استراتيجيات الأمن السيبراني الصادرة عن الهند واليابان في العام 2013 بالمثل عن مجتمع إنترنت يشمل جميع أنحاء العالم. ودعت هذه الحكومات، بالكلمات، ولو أن ذلك لم يكن بالأفعال دائمًا، إلى بيئة تقنية منفتحة وعالمية بدلاً من الزوايا الأكثر تسييجًا وقسوة التي تميز الإنترنت في الصين، وروسيا، وأماكن أخرى.
    ومع ذلك، لا يجب أن يكون الإنترنت العالمي واحداً غير خاضع للحكم. ما تزال البلدان التي قدمت رؤية تقنية لعولمة للإنترنت وشجبت مزاعم "السيادة الإلكترونية" للسلطويين تمارس سلطات سيادية خاصة بها، على سبيل المثال، في تقييد المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال. وقد وضعت بعض الحكومات في أوروبا قيودًا صارمة على الخطاب الذي يحض على الكراهية، مثل "قانون ضبط الشبكات" في ألمانيا، والذي يتطلب الحذف السريع للخطاب غير القانوني عبر الإنترنت. ومع ذلك، حتى وقت قريب، اتخذت استراتيجيات هذه البلدان الانفتاح على العالم كنقطة انطلاق، وسعت إلى الحماية من عدد محدود من المخاطر المحددة.
    ما تزال المبادئ الليبرالية الخاصة بالانفتاح، وحقوق الإنسان العالمية، والوصول العادل إلى الأسواق، تظهر في المبادرات الدبلوماسية الحالية، كما حدث في بيان إعلان المبادئ للـ"الرباعي" فيما يتعلق بالتكنولوجيا، أو في "مجلس التجارة والتكنولوجيا للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة" الذي أُطلق في أيلول (سبتمبر). لكن هذا الخطاب لا ينفي وجود انحراف عن عولمة التقنية. وتدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل متزايد نقاط الضعف الجديدة الناشئة عن اتصالهم بالعالم. وقد أصبحت مخاطر الإنترنت -مثل احتمالية الهجمات الإلكترونية ونشر المعلومات المضللة على نطاق واسع- أكثر وضوحًا، ما أدى إلى تحول نحو قومية الإنترنت في العديد من البلدان الديمقراطية الرئيسية.
    حواجز متزايدة
    أصبحت الدول الديمقراطية التي كان فيها دعاة العولمة التقنية في يوم من الأيام غير مقيدين في دعوتهم لإنترنت مفتوح منشغلة الآن بمخاطر التكنولوجيا. وقد سمح الإنترنت للجهات المعادية الحكومية وغير الحكومية باجتياز الحدود. وشنت الجماعات الإجرامية هجمات من أجل الفدية، والتي شلت شركات الشحن العابرة للحدود وألحقت الخراب والفوضى بالتجارة العالمية. وأدت المشاكل المنهجية في سوق الأجهزة الرقمية إلى نقاط ضعف أمنية أساسية في كل شيء، من أجهزة تنظيم الحرارة المتصلة إلى أنظمة التحكم الصناعية التي تستخدمها مرافق الطاقة والمياه. ومن الانتخابات إلى اللقاحات، تطرح المعلومات المضللة تحديات محلية وعالمية حادة.
    نتيجة لذلك، سعى القادة في الهند والولايات المتحدة وغيرهما من المدافعين المتحمسين السابقين عن إنترنت عالمي في السنوات الأربع الماضية إلى فرض مزيد من السيطرة على الشبكات. وعلى نحو يعكس تصرفات الحكومات الاستبدادية، تسعى هذه الدول الآن إلى قطع العلاقات التشغيلية وسلسلة التوريد، خاصة مع الصين، وخاصة في قطاعات الإنترنت. ولم يعد التهديد المتصور للتسلل أو التخريب مقصورًا على بائعي البنية التحتية المهمين مثل شركة "هواوي" الصينية، ولكنه يُشع الآن من مناطق أخرى، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وصناعة الطائرات الاستهلاكية من دون طيار التي تباع للناس العاديين.
    وسط هذا التحول، أسقط الخطاب الرسمي فكرة "العالمية" من الحديث عن التقنية والإنترنت. وطمحت الإستراتيجية الإلكترونية الوطنية لإدارة ترامب للعام 2018 إلى "الترويج لإنترنت مفتوح وقابل للتشغيل المتبادل، وموثوق وآمن" -ولكن ليس بالضرورة واحداً عالميًا. ودعت مبادرة "الشبكة النظيفة" التي طرحها وزير الخارجية، مايك بومبيو، إلى طرد التطبيقات الصينية "غير الموثوق بها" من متاجر التطبيقات الأميركية، وإبقاء البيانات الأميركية بعيدًا عن الأنظمة السحابية التي تديرها الصين. وأيدت حكومة ناريندرا مودي، رئيس الوزراء القومي الهندي، مؤخرًا، الحظر الذي كانت قد فرضته في العام 2020 على العشرات من تطبيقات البرمجيات الصينية.
    ويتجاوز عدم الثقة في الإنترنت العالمي السياسيين القوميين. ثمة مجموعة واسعة من خبراء الأمن السيبراني وحوكمة البيانات والسياسة الصناعية، والتي تحدد التكامل بين الولايات المتحدة والصين في سلاسل توريد الأجهزة والخدمات عبر الإنترنت باعتباره يشكل خطرًا على الأمن القومي. وقد أثارت التساؤلات حول نزاهة الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2016 مخاوف واسعة النطاق من أن الإنترنت يمكن أن يقوض المؤسسات الديمقراطية. ومع ذلك، يعتقد العديد من المفكرين الذين اعترضوا على الأسلوب اللاذع لإدارة ترامب -على سبيل المثال، إصرار الرئيس الخام على استخدام مصطلحات مثل "فيروس ووهان" لوصف فيروس كورونا الجديد- أن الصين تمثل نموذجًا للاستبداد الرقمي يجب مواجهته، أو على الأقل عزله. وفي هذا الضوء القاتم، يمكن أن يبدو الإنترنت العالمي وكأنه حلم ساذج ينتمي إلى سنوات ماضية.
    اليوم، تبذل العديد من الديمقراطيات جهودًا فوضوية لبناء إجماع حول مواجهة الصين والدول الأخرى التي تُربط بالاستبداد الرقمي. وعلى سبيل المثال، تبحث شركة D-10 التي تقودها بريطانيا، عن بدائل لشركة الاتصالات الصينية، هواوي، لطرح تقنية الجيل الخامس 5G في كانون الأول (ديسمبر)، وسوف يعقد البيت الأبيض "قمة من أجل الديمقراطية"، والتي تدعو إلى الأمل في تعزيز ثقل ديمقراطي موازن متعدد الأطراف للممارسات التكنولوجية الاستبدادية. ولا تخلو هذه الجهود من فضيلة، لكنها تمثل استجابة دفاعية وتفاعلية لمشكلة أعمق. وفي أحسن الأحوال، قد تسمح هذه المبادرات للبلدان ذات التفكير المماثل بإعادة تجميع صفوفها وإيجاد أرضية مشتركة قبل التحول إلى مواجهة التحديات العالمية؛ وبالقدر نفسه من الاحتمال، يمكن أن تثبت أنها ببساطة مجرد عمل دبلوماسي مزدحم، وإنما بلا قيمة عملية، حيث تستمر الخلافات العنيدة بين الحكومات الديمقراطية وجماعات المصالح.
    إنقاذ العالم
    سوف يدرك نهج أفضل منذ البداية أن الإنترنت وتطوير التقنية هما شأنان عالميان حتميان ودائمان، ولا يمكن تقسيمهما بسهولة بين كتل سياسية متنافسة. وقد يعني تقسيم الإنترنت على مستوى البنية التحتية إلى شبكتين مستقلتين أو أكثر تكرار سلاسل التوريد المعقدة للغاية، والتي ستكون مكلفة للغاية وغير فعالة لضبط انبعاثات الكربون، وغير عملية، إذا كان ذلك ممكناً في المقام الأول. كما أن مثل هذه الانقسامات لن تمنع الابتكارات أو التهديدات -بما في ذلك الهجمات الخبيثة والكوارث الطبيعية- من عبور خطوط القسمة السياسية.
    ليس وجود قسمة تقنية صارخة شأناً غير واقعي فحسب، ولكنه أيضًا غير مرغوب فيه. إن تبني اتجاه نحو نظم بيئية تقنية محددة سياسياً سوف يقوض الروح المفتوحة التي تغذي وتفيد المجتمعات الأكثر حرية -ويعزز الروح الحاكمة من أعلى إلى أسفل، التي تفضلها الأنظمة القمعية. وإذا كان المتنافسون أقل ترابطا واعتماداً على بعضهم بعضا، فسوف يكون لديهم حافز أقل للامتناع عن شن هجمات على البنى التحتية الحيوية لبعضهم بعضا.
    لن يقدم سوى تبنٍ متجدد وبراغماتي للعولمة التقنية حلولاً شاملة للمشاكل الحقيقية للحوكمة التقنية. يجب على صانعي السياسات تبني رؤية عالمية تتجنب حماقة الاعتقاد بأن الأنظمة التقنية وسلاسل التوريد الصناعية يمكن عزلها تمامًا عن بلدان مثل الصين. ويجب عليهم تطوير الحلول التي تعترف بقيمة وحتمية الاتصال الدولي. وعلاوة على ذلك، باعتبارها موطنًا للعديد من الشركات والأفراد الذين يؤثِّرون بشكل أكبر على تجربة الإنترنت حول العالم، فإن للولايات المتحدة دورًا خاصًا لا يمكن تجاهله. وتشكل شركات مثل "غوغل" و"فيسبوك" كيفية حماية حقوق الخصوصية وحرية التعبير -أو إساءة استخدامها- ولا يمكن افتراض أن دوافعها فاضلة، أو أن إدارتها للمجتمعات عبر الإنترنت أخلاقية، لمجرد أنها تقيم في الولايات المتحدة. لقد حلم اليوتوبيون السيبرانيون ذات مرة بالتحرر وهو ينتشر من كابل الإيثرنت؛ والآن يجب على واشنطن التأكد من أن شركاتها لا تنشر الاستغلال وانعدام الأمن بدلاً من ذلك.
    تبدأ العولمة التقنية المسؤولة في الوطن. يجب على الكونغرس الأميركي إصدار قانون فيدرالي شامل لخصوصية البيانات من أجل حماية الأميركيين من تجاوز شركات التكنولوجيا وإثبات التزامها بالحكم الديمقراطي في عصر الإنترنت. ويجب على المفكرين وصانعي السياسات في الولايات المتحدة اعتناق منظور عالمي لدى تحليل التداعيات التي ترتبها على حقوق الإنسان والأمن تكنولوجيا المراقبة التي يتم إنتاجها في السياقات الديمقراطية والسلطوية. ويجب على المسؤولين البحث عن طرق للتمتع بأقصى قدر من الفوائد من التبادل والتعاون العلمي المفتوح مع حماية مصالح الأمن القومي المهمة، على سبيل المثال، من خلال الاستهداف الضيق للمناطق المتعلقة بالأمن بالتدقيق الخاص -وإنما مع إعادة تأكيد الانفتاح في المجالات الأخرى بنشاط، بما في ذلك للطلاب والباحثين الذين لهم صلات مع الدول المثيرة للقلق.
    يمكن أن يشكل هذا العمل المحلي العاجل منصة انطلاق للجهود الدولية الإيجابية. ومع وجود مكتب جديد في وزارة الخارجية مخصص للأمن السيبراني وقضايا السياسة الرقمية، يجب على حكومة الولايات المتحدة التشاور والتعاون مع الديمقراطيات الأخرى التي تواجه تحديات واضطرابات اجتماعية مرتبطة بالتقنية. وقد لا يكون من السهل دائمًا إيجاد إجماع. على سبيل المثال، كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلاف منذ فترة طويلة حول إدارة البيانات، على الرغم من وجود العديد من المصالح والقيم المشتركة. لكن الجهود المبذولة لتشكيل تحالف دولي وديمقراطي يحترم الحقوق بشأن حوكمة التكنولوجيا ستفشل قبل أن تنطلق على أرض الواقع إذا لم يدركوا -لدى تقييم التحديات وتشكيل الحلول- أن مثل هذا المشروع هو، بطبيعته، مشروع عالمي.

*Graham Webster: باحث في مركز السياسة الإلكترونية بجامعة ستانفورد ورئيس تحرير مشروع Stanford DigiChina.
*Justin Sherman: زميل غير مقيم في مبادرة Cyber Statecraft التابعة للمجلس الأطلسي ومساهم في مجلة WIRED.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Fall and Rise of Techno-Globalism: Democracies Should Not Let the Dream of the Open Internet Die

مهندس يقف تحت هوائي محطة قاعدية لإنترنت الجيل الخامس في هاواوي - (أرشيفية)