على "السوشال ميديا".. لماذا يلجأ البعض للإساءة و"تسجيل" مواقف سلبية؟

015394f7-untitled-1
015394f7-untitled-1

ديمة محبوبة

عمان- أن يكون الشخص مختلفا وله آراؤه الخاصة به، فتلك حرية شخصية وأمر محبب، لكن حينما يكون بهدف الإساءة في قضايا لا تقبل ذلك، والتعبير بطريقة خاطئة تأخذ الأمور لمنحنى آخر، فذلك ما يستدعي الوقوف عنده. حيث اليوم لا يخلو عالم منصات التواصل الاجتماعي من تلك الشخصيات التي هدفها فقط معارضة أي فكرة كانت على منشور لأحد ما والإساءة لها.

اضافة اعلان

ومن هنا، فإن مخالفة الصواب ومعاكسته واتباع مسلكيات سلبية في عالم التواصل الافتراضي، فقط من أجل إثبات الوجود، والاختلاف عن الآخرين في كل شيء على مبدأ "خالف تعرف" أو "خالف لتظهر" أو "انتقد لتجد مكانا لك"، أو "كن مختلفا لتكون مميزا"، أصبحت ظاهرة عند البعض تنتشر بشكل كبير.

في مجمل التعليقات، دائما ما تظهر هذه النوعية من الأشخاص ممن يخالفون كل شيء، من دون مبررات حقيقية لذلك، سوى تسجيل موقف سلبي هنا وهنالك، معتقدين أن الاختلاف السلبي سوف يميزهم عن الآخرين.

وهنالك فئة أخرى من الأشخاص الذين تراهم يتقلبون بالمواقف حسب المنشور، يسجلون مواقف مختلفة ومتناقضة الى حد كبير لا تشبه بعضها بعضا، فالشخصية ذاتها تعمل على تأييد الفكرة نفسها، لكن في منشور آخر تعارضها وبشدة.

هذه الحالة تقاس على كثير من المتابعين لصفحات السوشال ميديا، فإن كان الرأي مخالفا لا يمكن أن يفسد القضية، لكن الاختلاف من المهم أن يكون مدروسا وواعيا، بحسب الاختصاصيين وألا يكون فقط لأجل المعارضة والاختلاف ونشر السلبية.

اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يبين أنه لا يمكن وصف هذه الشخصيات إلا بالنرجسية، التي تحب الظهور وتسجيل مواقف على حساب الآخر، وهي شخصية تعاني الكثير في حياتها، مؤكدا أنها تبحث عن ذاتها في كل مكان ما من خلال الأنا وفرض الذات والرأي والاختلاف، وأنها في هذه الطريقة ستحقق الشهرة والوجود والمساحة التي تبحث عنها.

ويستعين مطارنة ببيت شعر للإمام الشافعي "ولا خير في ود امرئ متلون ** إذا الريح مالت مال حيث تميل"، فيكون متعدد الرأي بقضية واحدة من باب الاختلاف والتقلب، معتقدا بذلك أنه موجود.

ويؤكد أن التعامل مع هذه الشخصية يكون بعدم إعطائها ما تبحث عنه إنما تجاهلها، فمن يقوم بمجاراتها بالجدال يعني تحقيق رغبتها بالوجود، والأصل التجاهل فقط.

ويشير مطارنة، الى أن من حق كل شخص أن يعرض رأيه وإن كان مخالفا لفئة كبيرة، وله الحرية في ذلك، لكن بعيدا عن الإساءة، ومن حق الآخر أيضا عدم التعاطي مع هذا الاختلاف وكأنه غير موجود، ما يجعل المساحة تضيق على شخصيات مؤذية تظهر دائما في عالم السوشال ميديا.

ويؤكد أن هذه الشخصيات موجودة في كل مكان في العمل وفي الشارع وبين الأقارب والأصدقاء، لكن وجدت مكانها في عالم السوشال ميديا وعلى منصات التواصل الاجتماعي، يفرضون آراءهم السلبية ويتمادون بها من خلف شاشات أجهزتهم.

ويبين الشاب أحمد الخالدي الذي يشاهد مثل هذه الشخصيات دائما على مواقع التواصل، أن الاختلاف في الرأي وخصوصا عندما يكون مدروسا لا يمكن أن يكون مسارا مرفوضا وإن كان مخالفا ولا يعجب الكثيرين، لكن ما يحدث اليوم على منصات التواصل الاجتماعي من ظهور لهذه الشخصية وآرائها المتضاربة فقط لأجل التواجد، هو الأمر الذي يثير الاستغراب.

وعن تجربة شخصية، فإنه يعرف أشخاصا دائما ما يعارضون في القضايا التي لا تحتمل الجدال، وهدفهم تسجيل مواقف تسيء للمجتمع، حيث تكون لهم دائما آراء جاهزة يبدونها على أغلب المنشورات التي يتم تداولها، لا يأبهون لشيء سوى تسجيل مواقف لا تكون منطقية في أغلب الأحيان إنما مؤذية.

ويلفت إلى بعض القضايا الحساسة التي تكون فيها الآراء واضحة ولا تقبل الشك، يفرض البعض رأيه فقط من باب إثارة الجدل وتسجيل موقف ما بقضايا لا يمكن الاختلاف عليها.

اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، يبين أن هذه أصحاب هذه الشخصيات وجدوا أنفسهم عبر المنصات الاجتماعية الالكترونية، معظمهم كانوا يخافون المواجهة، موضحا أن من يحمل فكرا مختلفا، وعلى قناعة به تلك حريته الشخصية، لكن من يتم الحديث عنهم اليوم هم أصحاب الفكر المخالف والمسيء لأجل الخلاف والاختلاف لا أكثر ولا أقل.

وينصح جريبيع، بعدم جدال هذه الشخصيات أو التداول معها، فقبل السوشال ميديا لم يكن لهم وجود، وكانوا يهابون الظهور، لكن الآن ومن خلف الشاشات يجدون أنفسهم فقط من باب الظهور.

تقرير عالمي حديث، كشف أن عدد مستخدمي جميع منصات التواصل الاجتماعي في الأردن بلغ بداية العام الحالي قرابة 7 ملايين مستخدم نشط.

وقال التقرير، الذي أصدرته شركة “Hootsuite” عن حالة الإنترنت حول العالم، "إن قاعدة مستخدمي مختلف شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن مع بلوغها هذا المستوى تكون قد زادت بمقدار 500 ألف مستخدم وبنسبة 8 % مقارنة بقاعدة المستخدمين المسجلة بداية العام الماضي التي بلغت وقتها 6.5 مليون مستخدم".

ويشار إلى أن هؤلاء المستخدمين قد يملكون أكثر من حساب على منصة واحدة أو منصتين أو أكثر أو عليها جميعا، علما أن دراسة سابقة أشارت إلى أن عدد الحسابات على منصات التواصل بلغ في الأردن 11 مليون حساب.

وأشار التقرير الى أن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن أصبحوا يشكلون نسبة تصل الى 67 % من إجمالي عدد سكان المملكة الذي يتجاوز عشرة ملايين نسمة.

وأثبتت دراسة نشرت سابقا أن وسائل التواصل لا تسبب التعاسة فحسب، وإنما تؤدي أيضاً إلى تطور مشكلات الصحة العقلية مثل القلق أو الاكتئاب، عند استخدامها أكثر من اللازم أو دون توخي الحذر.

وقال 41 % من المشاركين إنهم سيتركون وسائل التواصل لأنها تجعلهم يشعرون بالقلق أو الحزن أو الاكتئاب مما ينشر.