مهمة جميلة تدعو إلى البهجة والفرح رغم وعورتها، أتطلع بشوق إلى الشروع في حيثياتها، وذلك في المركز الثقافي الملكي غدا مساء الخميس، حيث تورطت من دون مقاومة كبيرة في تقديم كل من الكاتبين الأخف ظلا والأكثر شغبا والأوسع انتشارا والأوفر والأبرز في حقل الكتابة الساخرة؛ أحمد حسن الزعبي ويوسف غيشان، الثنائي الجميل الذي نحبه على أكثر من صعيد، في حفل توقيع غير تقليدي لكتابيهما الصادرين حديثا.
غدا يوقع احمد حسن الزعبي لمحبيه الكثر، على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية، المجمعين على براعة وتفرد هذا الفتى الرمثاوي الخجول رغم جسارة قلمه المسنون من ذهب الأصالة، يوقع بحبر الحب الخالص كتابه الجديد (أو...جاع وطن) حيث اختار احمد هذا العنوان بخبث مشروع، متعمدا التلاعب بترتيب الحروف كي يؤدي إلى المعنى الحزين ذاته كيفما تمت قراءته، مؤكدا أن السخرية ليست قلة هيبة كما قد يتوهم البعض، لكنها التعبير الأكثر جدية عن مدى الاكتراث بقضايا الكون الكبرى، تلك التي لن يدركها إلا قلة اختاروا اتساع المعرفة، التي تؤدي إلى ضيق العبارة وذلك على ذمة ابن عربي، غير أنها تعني بعرف أحمد وفرة السواليف التي تضرب على الوجع مباشرة يستغرق القلب في حلاوة تعب القلب مع من يحبه القلب وهو الوطن دائما !
فيما يستولي يوسف غيشان على الملكية الفكرية لنيتشة شخصيا، مطمئنا إلى رقدته الأبدية في مجاهل ألمانيا، فيستعير من دون اذن بطبيعة الحال على زرادشت حين تكلم، ويحيله إلى هردبشت بكل ما قد يوحي به هذا الاسم في الموروث الشعبي والذي يدل على لا شيء وعلى كل شيء في الوقت ذاته، متذرعا بمقولة نيتشة حول صعوبة العيش مع الناس بصمت خاصة بالنسبة لرجل ثرثار! كي يحكي المسكوت عنه (والمغروش) عليه، متكئا على السخرية التي أفسحت له السبيل كي يعبر (من قلب ورب) خلال فوضى الكلام، الذي يبدو بريئا خاليا من المقاصد، رغم انه محمل بالعشق الدفين إلى وطن يحبه يوسف حد الشغب، وبحسب الإعلان المبوب في موقع سواليف، فإن الحفل المزمع إقامته سيكون برعاية فنان الشعب موسى حجازين، وهذه "ورطة" ثانية علي التصدي لها؛ إذ ماذا يتعين علي مخاطبته في الحفل المهيب الذي ينص الإعلان أن اصطحاب الأطفال وإطلاق الزغاريد مسموح فيه، كما يقوم برشوة الجمهور بتوفر كميات من البندورة حمراء من غير سوء!!
ماذا أخاطب حجازين وهو لم يحمل حتى اللحظة أي حقيبة وزارية، ولم يتمتع بأي موقع رسمي حتى ولو كان رئيس قسم الحركة في دائرة حكومية مثلا، لذلك لن يكون أمامي سوى مخاطبته بسعادة الفنان رغم أني لست على ثقة بمدى سعادته؛ لأن صوته الشجي يقطر حزنا ويتهدج سيما حين يشرع في غناء أنشودة موطني موطني!
إذن هو لقاء مرتقب نتوقع أن يكون حاشدا سيجمعنا تحت عنوان المحبة لهؤلاء السخرة البديعين.