"على ضوء نجمة" مختارات للشاعر حكمت النوايسة

الغلاف - (من المصدر)
الغلاف - (من المصدر)

عزيزة علي

عمان - صدر للشاعر والروائي والناقد الأردني د. حكمت النوايسة مختارات بعنوان "على ضوء نجمة"، ضمن سلسلة "مختارات العائدون الإبداعية"، التي تُصدرها دار العائدون للنشر والتوزيع، حيث تشتمل على قصائد من خمسة مجموعات شعرية للنوايسة هي "عزف على أوتار خارجية"، "الصعود إلى مؤتة"، "شجر الأربعين"، "كأنني السراب"، "أغنية ضد الحرب".اضافة اعلان
تحمل هذه المختارات نبرات وثيمات عدة، تبرز الحساسية العالية تجاه الأرض والإنسان على نحو خاص، ففي قصائده علاقة وطيدة منحوتة في صور وأيقونات يُتقن الشاعرُ التعاطي معها بوصفها عناصر أساسية في تجربته الحياتية، كما تنعكس لغته الشديدة الحميمية والمبتكرة.
د. حكمت النوايسة يقول في تصريح خاص لـ"الغد"، حول كيفية اختيار قصائد هذه المختارات؛ "لقد حاولت أن تكون القصائد التي لها مكانة خاصة في نفسي ضمن هذه المختارات، كالصعود إلى مؤتة، أو أغنية ضد الحرب، أو أغلب قصائد (مسلة نبطية) وغيرها، كما وازنت بين ما أختار، والقصائد التي وجدت تلقيًا كبيرا من القراء، ولعلي قد أكون وُفقت فيما اخترته، لا أدري، الأمر الآن ليس بين يدي، إنه بين يدي القارئ، أو المتلقي المفترض الذي لا أعرف من هو، وأين هو".
وعن الدافع الذي جعله يقوم بنشر هذه المختارات يوضح النوايسة: "تكريم دار العائدون لي بنشر مختارات من شعري، ضمن سلسلة المختارات التي تصدرها"، هذا ما أشعل الشرارة عندي للاختيار، خصوصا في زمن يتم تجاهل الشعر والأدب بعامة، وفي ضوء هذا التكريم أخذت بقراءة شعري من جديد، واخترت منه ما رأيت أنه مناسب لإعادة النشر، ولا أدري هل وفقت في ذلك أم لا، لأن أصعب شيء على الشاعر أن يختار من شعره، فهو يرى القصيدة بعين غير العين التي يراها بها القارئ، أو المتابع.
ويتابع النوايسة لقد عكفت على التعديل والتبديل إلى أن وصلت إلى هذه المجموعة من القصائد، مع العلم بأن دار النشر لم تلزمني بالاختيار بالمعنى الدقيق، ولكنني ألزمت نفسي بالاختيار، وهو الاختبار الصعب الذي يقع فيه الشاعر في هذه الحالة، لأن القصيدة عنده، وبعينه غيرها عند قارئه ومتابعه، وكثيرا من قصائدي كنت أراها عادية، ولكن القراء رأوها غير ذلك، وهو أمر محير لعله نابع من العلاقة النفسية التي تربط الشاعر بقصيدته، والعلاقة النفسية التي تربط القارئ بما يقرأ.
ويبين النوايسة أن الناقد هنا، في المشهد الثقافي الأردني لا ينافسه أحد، إذ تعطيه الأدوات النقدية القوة ليقيم الأعمال الأدبية، لذلك "يقف النقاد، وأنا منهم، في طرف الكوم الكبير من الأدب، فالتمحيص يحتاج أن نقرأ كل شيء، وهذا لا يستطيع ناقد أن يدعيه في ظل هذه الكثرة من الأعمال الأدبية شعرا وسردا".
ويضيف، "أرى أن القصيدة هي التي تفرض زمانها ومكانها، وقد ابتعدت كثيرا عن غزارة الإنتاج في مجال الشعر نتيجة أسباب أكاد أجهلها، وربما يكون منها قلة التشجيع من قبل القراء، فنحن نحتاج إلى القراء الحقيقيين الذين يقرأون ما نكتب، ويعطوننا التغذية الراجعة التي تشجعنا على الاستمرار، ومقولة إنني أكتب لنفسي هذه مقولة خرافية لا مكان لها في الوجود الحقيقي، ولا أحد يكتب لنفسه، ومن يقول ذلك، فعليه عدم نشر ما يكتب، لأنه موجه لـ(نفسه)، ولكنها لغة العجز والاعتراف بعدم وصول ما نكتب إلى الناس، إن كان هناك من يقرأ".
ويرى النوايسة انه في ظل المنافسة المحمومة بين الشعراء وأدوات التواصل الاجتماعي جعلت القارئ يبحث عن السريع العابر، كالصورة والنكتة والجملة المقتضبة السريعة، والقصيدة لا تعيش في مثل هذه الأجواء لأن القصيدة مغالبات نفسية وفكرية عميقة تحتاج إلى التأمل.
يتابع النوايسة حديثه: في الكتابة السردية، أنجزت رواية "الرجيف"، ولم تلق ما أريد من تلق، والسبب أنها لم توزع بصورة جيدة، وأن قارئنا يعاني مما ذكرته سابقا، ولكنها عند النقاد لقيت مساحة معقولة من القراءة، كما وردت عليها ردود فعل جيدة من قراء أثق بهم، وبقدرتهم على الفهم والتذوق، ولأن قناعتي تفضي دائما إلى أن النص السهل العادي نص ضعيف، ويستطيع الكاتب أن يقدم نصا عاديا، ويحافظ على متانته وقوته إذا أعطاه القوة الكافية، والمساحة الكافية من التأمل".
وينوه بأن "السرد فلسفة مصوغة بقصص أو روايات، وأي رواية لا تقف وراءها الفلسفة، والرؤية العميقة للأشياء والكون، هي رواية عابرة ضعيفة، ومن هنا أستغرب كيف يستطيع كاتب أن يكتب رواية كل سنة، هذا جنون أو ثرثرة، وقد وجدت أن الكثيرين ممن يكتبون بهذه السرعة، لا يملكون إلا الثرثرة حول القصص الضعيفة، أو القصص المشوقة التي ينفخون فيها الرماد لتصبح عملا روائيا.
ويذكر أن حكمت النوايسة شاعر اردني، حاصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من الجامعة الأردنية 2012، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتاب العرب. ورئيس تحرير مجلة الفنون الشعبية/ وزارة الثقافة، صدر له في النقد: "المآل: قراءة تأويلية في نماذج من القصة القصيرة في الأردن"، "وعي الكتابة: دراسة في تجربة إلياس فركوح السردية"، عمان، "جدل المعنى والمبنى في العمل الروائي: دراسة تطبيقية"، "المرأة، والسلطة، والتاريخ: قراءات ثقافية في الشعر العربي".
في مجال الشعر صدر له المجموعات التالية: "عزف على أوتار خارجية"، "الصعود إلى مؤتة"، "شجر الأربعين"، "كأنني السراب"، "أغنية ضد الحرب"، وله "ظل غيمة: مختارات شعرية"، وفي مجال المسرح والقصة والرواية: مسرحية "بائع الأقنعة"، وقصص "ليالٍ ليست مفاجئة"، ورواية "الرجيف"، ونص "السجون: بين السيرة والمخيلة".