على طاولة الوزير

من الجيّد والمهم أن نرى ملف التربية والتعليم والتعليم العام والجامعي والمناهج يأخذ قسطاً وافراً من اهتمام الإعلام، ومن الضروري أن تزداد مساحته، لأنّنا نتحدث هنا عن المستقبل والأجيال القادمة، وعن موضوع يهمّ كل بيت أردني والمواطنين جميعاً.اضافة اعلان
 على هامش ملف التربية والتعليم، هنالك بعض الملاحظات التي أضعها على مكتب د. عمر الرزاز، وزير التربية والتعليم، من باب المساهمة في الحوار القائم.
 1 -بالرغم من النقاشات الساخنة، المؤيدة والمعارضة، للأفكار التي نقرأ عنها ونسمعها من أروقة وزارة التربية والتعليم عن امتحان الثانوية العامة، والتطويرات التي يريد أن يجريها الوزير عليه، في الفترة القادمة، إلاّ أنّنا، وأقصد هنا شريحة واسعة من المواطنين، لم نفهم بعد المقصود بهذه التطويرات، وكيف ستترجم على أرض الواقع، وما هي أسبابها وخلفيتها وأهدافها!
 قد يقول الوزير والمسؤولون في الوزارة بأنّها ما تزال في طور العصف الفكري أو التفكير في صوت مرتفع، وهذا جيّد، لكن من المهم توضيحها للناس، ووضع الجميع في أجوائها، بل من الضروري عقد جلسات عصف فكري مركزة مع شخصيات وخبراء وربما مؤسسات معنية في الموضوع، قبل الوصول إلى القرارات والسياسات الجديدة، من أجل أن تكون توافقية وناضجة.
 إلى الآن لم يتحدث الرزاز، ولم يشرح خلفية النقاش الحالي وآرائه، وترك الجميع يخوض بصورة عشوائية في الجدل الدائر، من دون أن نعرف بصورة دقيقة ما الذي يجري، لذلك أتمنى على الوزير أن يستدرك وألا يبقى متحفظاً تجاه الإعلان عن أفكاره، كي لا يقع في مصيدة الإعلام والنخب، فالوقوع في مصيدة الفوضى الراهنة لا يقل خطورة!
 2 - كان هنالك نظام للمدارس الخاصة قد أعدّه وزير التربية والتعليم السابق، د. محمد الذنيبات، لا نعرف ماذا حدث به، المهم أنّ النظام من المفترض أن يضبط الانفلات في رسوم المدارس الخاصة وتصرفها بوصف كل منها جزيرة قائمة بذاتها، لا سلطة تعلو على سلطتها!
 3 - كنتُ قد كتبتُ سابقاً عن موضوع طلاب أنظمة التعليم الدولية المتعددة (Ib، IG، Sat)، إذ يوجد هنالك على الأقل آلاف الطلاب الأردنيين الذين يدرسون هذه الأنظمة الدولية، والعديد من المدارس والخرّيجين، وهي أنظمة تتميّز بدرجة كبيرة من الكفاءة والكلفة المالية والإمكانيات والشروط المفترض أن تتوافر من أجل قبولها من قبل تلك المؤسسات الأكاديمية والدولية.
 المشكلة تقع عند إنهاء الطلاب دراستهم وتقديمهم للالتحاق بالجامعات الأردنية، فلهم "كوتا" محدودة جداً، وهذا ظلم شديد للطلاب ولعائلاتهم التي دفعت كلفة مالية باهظة عليهم في هذه الأنظمة الدولية، التي تخرّج طلاباً على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهارات، وبدلاً من أن تساعد وزارة التعليم العالي في دخولهم إلى الجامعات وتحسين مستويات الطلاب فيها، نجدها تحجّم نسبتهم إلى درجة كبيرة!
 اليوم لم يعد التعليم الدولي مقتصراً على أبناء الطبقات الغنية، ممن يستطيعون تدريس أبنائهم في الجامعات الغربية، إذ أنّ هنالك نسبة معتبرة وكبيرة من العائلات من الطبقة الوسطى من تدفع جزءاً كبيراً من دخلها، من أجل تأمين هذا التعليم النوعي والمتميز لأبنائها، لذلك من الضروري أن لا تتم معاقبتهم في نهاية اليوم بحرمان أبنائهم من الفرصة العادلة في التنافس على القبول الجامعي!
 كان الوزير السابق قد بدأ بالفعل بخطوات في إعادة التفكير والنظر بأسلوب القبول الحالي لطلاب الأنظمة الدولية، ما نأمله أن يكمل الدكتور الرزاز المهمة، ويأخذ على عاتقه تصحيح هذا الخلل الكبير.