على مسافة قريبة

26-11

الوف بن

هآرتس

الموظفون يقومون بنصب منبر أداء يمين القسم أمام البيت الابيض. نصب المنصة قبل سبع أسابيع من الموعد يبدو للاسرائيلي المعتاد على التلقائية وانعدام التنظيم مبالغة غريبة. لكن هذا حال اميريكا:- يخططون لكل شيء، ويعملون بصورة منظمة.

اضافة اعلان

الرئيس جورج بوش قام بتنظيم حفل وداعي بحزن لايهود اولمرت داخل البيت الابيض. قافلة اللموزين اجتازت الشارع من مقر الضيوف الى البيت الابيض وضابط في الزي الرسمي الابيض استقبل رئيس الوزراء عند البوابة وفقا للبروتوكول. وهناك في الغرفة البيضاوية تبادل اولمرت وبوش الثناء الكبير لبعضهما البعض. شكراً لك على دعمك لمشروع الدولتين قال بوش لاولمرت. شكرا لك على حرب العراق – قال اولمرت لبوش. الوجود القليل للصحافة ذكر الحضور بأن بوش واولمرت هما قائدان يوشكان على الانصراف ولا يمتلكان صلاحيات تذكر.

هذا الحدث اثار ذكريات عند القدامى لما كان قبل (8) سنوات. في ذلك الحين مثل اليوم حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يوشك على انتهاء ولايته تحقيق سلام تاريخي مع الفلسطينيين بمساعدة رئيس امريكي يوشك على الانصراف هو الآخر. في ذلك الحين مثل اليوم اراد الاسرائيليون والاميركيون انهاء القضية إلا ان القائد الفلسطيني رفض التوقيع وادعى ان الصفقة سيئة. في السابق مثل اليوم نحن امام انقلاب سياسي وصعود اليمين الى الحكم في السابق مثل اليوم أبدى رئيس الوزراء اصراره وعناده بينما كان الجمهور في انتظار رحيله.

اقتراحي المقدم اليوم لابو مازن أكثر عمقا مما اقترح على الفلسطينيين في الماضي – قال اولمرت لبوش ومهمتكم هي دفعهم للتوقيع. لن أكون هنا بعد قليل وانت لن تكون. أبو مازن يقول لي انه ينوي الانصراف. حل الدولتين هو الطريق الوحيد لانتهاء الصراع، هيا بنا نجرب للمرة الاخيرة. هذا بالضبط ما كان باراك قد قاله لكلينتون قبل ثماني سنوات الفرق الوحيد هو أن اولمرت اكثر سخاء من باراك في عروضه للفلسطينيين كما يدعي.

بوش كان يرغب بانهاء الصراع في عهده والبرهنة لكل منتقديه أنهم قد أخطأوا وان نهجه قد اوصل للسلام. ولكن احتمالات نجاح ذلك تبدو صغيرة. محمود عباس يقول للاميركيين ان من الصعب عليه قبول الاقتراح المقدم من اولمرت وهو يخشى من تنكر الحكومة القادمة في اسرائيل للاتفاق وان ترفض تطبيقه حتى ان فاز كاديما في الانتخابات وليس الليكود. اولمرت يقترح قيام اسرائيل باستيعاب عدد رمزي من اللاجئين وليفني تعارض ذلك. اقتراح اولمرت بشأن القدس – تقسيم عرقي للاحياء وجهاز دولي لايجاد تسوية في الاماكن المقدسة – يبدو للفلسطينيين غامضا وغير عملي.

أبو مازن سيدعى لزيارة وداعية في البيت الابيض تماما مثل عرفات في ايام كلينتون الاخيرة. مرة أخرى يقولون إن السبيل للتغلب على عناد الفلسطينيين يمر من خلال الدول العربية. ان لقي ابو مازن الدعم من دول عربية فسيرضى ويوقع على اقتراح اولمرت هذا ما أملوه قبل ثماني سنوات ايضا ولكن الدول العربية تحرص اولا على نفسها وليس على الفلسطينيين. احتمالية مد يدهم الآن تحديدا لاولمرت وبوش معدومة. وهكذا ستنتهي ولاية جديدة لرئيس اميركي ورئيس وزراء اسرائيلي مع كوم من كتب المذكرات حول السلام الذي كان عند ملمس اليد وتم تضييعه.على اوباما ان يتعلم عبرتين من هذا السلوك. العبرة الاولى أن المشاريع غير كافية:- الاقتراحات العلنية للسلام الاسرائيلي – الفلسطيني التي اعلن عنها مقربوه مماثلة لمواقف بوش تماما ولمواقف الرؤساء السابقين ايضاً. السؤال هو كيف يمكن تحويلها الى واقع. هذه مسألة لم يجد أحد ردا عليها بعد. العبرة الثانية هي ان الولاية قصيرة ومن المحظور الانتظار. القادة في آخر عهدهم اكثر جرأة الا انهم اقل قدرة. لا أحد يعرف ما الذي سيحرف الانظار ويؤدي الى اعتبار العلمية السياسية غير واقعية.. حرب في لبنان ام صعود حماس ام أزمة اقتصادية أو تحقيق لا ينتهي. لذلك من المهم أن يتم التحرك بسرعة وعدم انتظار للحظة الاخيرة.

ولكن اوباما قبل كل شيء سياسي براغماتي يحاول النجاح في المكان المتاح وليس فقط دفع أفكار رائعة. أنصاره من اليسار الايديولوجيين الاميركيين الذين رافقوه في حملته أبعدوا عن مواقع الصدارة في ادارته. واحتمالية طرحه لمشروع يقنع الاسرائيليين بالتصويت لتسيبي وليس لبيبي في الفترة القريبة غير واقعي. ويتناقض مع سلوكه حتى الآن.

اوباما يريد السلام الا انه يقرأ الاستطلاعات ايضا. ان تواصل اتجاه ترسيخ مواقع اليمين وصعود نتنياهو فلن يخاطر في التعبير عن دعمه العلني للخاسر لان إدارته ستضطر للعمل مع المنتصر بعد حين والتحدي الماثل امامه سيكون اقناع نتنياهو بالتصرف ببراغماتية وعدم الدخول معه في مناكفات ايديولوجية عديمة الجدوى. وهذا تحد صغير بالمقارنة مع ايجاد زعيم فلسطيني موثوق يتمتع بالقوة الكافية للتوقيع على الاتفاق وتنفيذه.