عمان الغارقة بين حليمة وجماعتها

قدم حليمة بولند كانت خضراء على عمان، اذ منذ ان قررت أن تروج لعمان على صفحاتها، بعد زيارتها التي رعتها امانة عمان الفاضلة، غرقت عمان، والحمد لله على كل حال.اضافة اعلان
ليست قصتي هنا، حليمة بولند، ولا هذه الأمور التي يراد اقناعنا بكونها أولويات، وقد شبعت حليمة نقدا، لكن قصتي هي امانة عمان، التي لا تتعلم، وما تزال في غيبوبتها الكبرى، دون ان تقف عند درس واحد.
هي قصة البنى التحتية التي انتهت منذ زمن بعيد، قصة عمان التي بنيت بخدمات تحتية لمليون شخص، وإذ بها تعيش وفيها ملايين الأشخاص والسيارات، قصة امانة عمان، التي تجد مالا لدعم حفل فني، بعشرات الآلاف من الدنانير، لكن عند سؤالها عما فعلته قبيل هكذا منخفض، تصاب بالعمى والصمم معا، ولربما يقولون لك ان لا مال عندنا لشراء مضخات مياه، او تنكات مياه، او أي مال لوضع خطة طوارئ جديدة، بحاجة الى تقنيات ووسائل مختلفة؟
لا احد ينكر هنا ان الناس جزء من المشكلة، فقد حذرت الأرصاد، ومعها مراكز جوية، والدفاع المدني من هذا المنخفض، فخرج الناس برغم هذا، ورأينا مئات السيارات تغرق في عمان، وبقية محافظات المملكة، لكن علينا ان نقر أيضا، ان عمان لو خضعت لحظر التجول يوم الخميس، لما تم حل المشكلة، لان المياه انحدرت من جبال عمان، الى وسطها، واغرقت المحلات التجارية، التي تعاني أساسا من الكساد والديون وخراب البيوت كما يقولون؟!
أليس مؤلما ان تثبت بعض مؤسسات الدولة، كل مرة، انها لا تتعلم من الازمات، وتقف مشلولة عند كل ازمة بسيطة، واذا كان الرد ان كمية الامطار، اكبر من قدرة الاستيعاب عبر المناهل، او قدرة البشر على التعامل معها، فإن الرد ان هذا الكلام على صحته لا يعفي المؤسسات من دورها، وقد شهدنا سابقا، فيضانات، او غرق مدن الأردن تحت الثلوج، فماذا فعلنا، منذ ذلك الوقت حتى هذه الأيام، من اجل التعامل مع الظروف، اذا استجدت؟!.
هل هرمت عمان، حقا. هذا السؤال يخطر ببالي دوما، وانا أرى مع غيري كيف ان شوارعها قديمة، وبحاجة الى صيانة، وكيف ان أسواقها كاسدة، وتجارها يشتكون ليل نهار، وكيف ان المدينة كلها تحت الديون، فوق بقية القصص التي يعرفها جميعنا، بما في ذلك تداعيات خسائر التجار، جراء فيض الماء، وهي خسائر ننتظر غرفة تجارة عمان، لتحصيها ولتعلن لنا رقما عن قصة الخميس، وربما الجمعة.
غادرتنا حليمة، وهي تبكي، ولربما فيض الماء من دموعها الغاضبة، لكنها لا تعرف امرين، أولهما ان المجتمع الأردني على الرغم مما يبدو فيه من مظاهر تحرر، الا انه مجتمع محافظ، وهو أيضا، مشكلته مع مؤسساته التي لم تراع حرمة دم أبنائنا، حراس حياتنا، والأكثر نبلا فينا، فتورطت في حفل ممول يعد مرفوضا، حتى لو لم تأت فيضانات عمان، فما بالنا اليوم مع هذه الفيضانات التي تزيد اثم الأمانة، ضعفين؟
لقد آن الأوان ان نقف مطولا عند هذه الهشاشة في البنى التحتية، والخدمات، وطريقة معالجة الازمات، وكيفية انفاق المال، بعد ان وصلت الثقة بالمسؤول الى ادنى مستوياتها، هذا اذا لم تختف أساسا، ولم يعد لها أي موقع في الاعراب.
اما حليمة فردوها الينا، لعل قدمها الخضراء تكون بديلا عن النيزك المنتظر.