عمان تغرق!

تقرع أزمة المرور الخانقة في شوارع عمان حاليا جرس إنذار، فالعاصمة تفيض بالبشر وتغرق بالسيارات، فيشعر المرء أن عماننا تكاد تطبق على ساكنيها وزوارها، من حجم الازدحامات المرورية اليومية، غير المنتهية والتي باتت لا تعرف ساعة ذروة او غيرها، وباتت الـ24 ساعة كلها ساعات ذرورة في بعض المناطق.اضافة اعلان
بحسب المدير التنفيذي للنقل والمرور في أمانة عمان د. أيمن الصمادي، فان عدد السيارات في العاصمة عمان نهارا يبلغ مليون و200 ألف سيارة، وهو عدد مخيف وهائل، بالنسبة لعاصمة أسست لاستيعاب ما يقرب من مليون إلى مليوني نسمة كحد اقصى، وليس ما يقرب من 4 ملايين نسمة كما هو حاليا.
عمان استبدلت سيلها الذي كان يترقرق مخترقا قاع المدينة (حل بدلا منه عند منبعه مبنى أمانة عمان)، بسيل من السيارات لاينتهي، وهذا السيل بات يجري في كل نقطة منها، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وفي كل الاتجاهات.
باختصار، الوضع الحالي يتطلب من المعنيين في أمانة عمان الخروج من بوتقة التنظير، الذي لا يؤدي لنتيجة والذهاب لمعالجة تلك المواضيع الضاغطة، معالجة دائمة وليست ترقيعية.
الصمادي يتحدث عن ازمة المرور اليومية معترفا بها، ويشير الى وجود خطط بشأن دوار الداخلية وشارع الاستقلال، وكلها للاسف في جوهرها خطط ترقيعية آنية، تصبح غير مفيدة بعد سنتين أو 5 سنوات على اكثر تقدير نظرا لحجم الزيادة السكانية في العاصمة.
أستذكر أن فريقا هندسيا من أمانة عمان كلف العام 2003 بإنجاز دراسة تخطيطية لمستقبل عمان لمئة سنة مقبلة، وهذا الفريق أوصى بتأسيس ثلاث مدن جديدة شرق عمان، لاستيعاب الازدحام السكاني والعمراني المتوقع. وكحال كل المقترحات والدراسات الاخرى التي يجري الايعاز بتنفيذها من جهات مختلفة، فإن الدراسة تلك وضعت على الرف، حالها حال الاجندة الوطنية، وغيرها من الدراسات والافكار والخطط التي ما تزال حبرا على ورق.
دراسة التنظيم قبل 12 عاما هدفت لوضع تصورات طويلة الامد لإقليم الوسط الذي يضم العاصمة ومحافظات البلقاء والزرقاء ومادبا، لتوجيه المد العمراني صوب المناطق الشرقية من جهة، والمحافظة على الاراضي الزراعية من جهة اخرى، ووضعت الدراسة خيارا استراتيجيا لتجاوز عشوائية المد العمراني والتضخم السكاني من خلال 350 كيلومترا مربعا في مدينة عمان من اصل 800 كيلومتر مربع منظمة في اقليم الوسط، تكفي لتوفير مساكن لحوالي 8 ملايين نسمة خلال السنوات الأربعين المقبلة، وبكثافة سكانية تقدر بنحو 15 شخصا للدونم الواحد، والتأسيس لمدن جديدة فورا حول عمان لاستيعاب الزيادة المتوقعة بعدد السكان في الاماكن التي حددتها الدراسة.
لا اعتقد ان البحث عن حل هنا او هناك من خلال اقامة شوارع خدمات كما هي الحال في شارع المدينة المنورة سيحل مشاكل المرور، فالشارع ضاق، واحيانا ان لم يتواجد شرطي مرور يتم الاصطفاف في الشارع الرئيسي الامر الذي يقلص حجم الشارع اكثر ويعزز الازدحام.
عمان بحاجة لكي تتنفس، لمعالجات ممتدة ومتواصلة، فنحن بحاجة للتوسع الأفقي والذهاب باتجاه الشرق أكثر، وإقامة مدن سكانية وتجمعات خدمية هناك، بحيث لا تكون أماكن الازدحامات ذاتها، ولا ضير من تعزيز فكرة بناء المؤسسات الخدماتية والوزارات على الاطراف، فما يضيرنا من نقل المحكمة ووزارتي التربية والتعليم والاوقاف من العبدلي، مثلا، ونقل دائرة الضريبة والمالية والاراضي وغيرها من قلب العاصمة وجعلها على اطراف المدينة وبعيدة عن الازدحام المروري؟
في هذا الصدد، فإن ادامة حجز بعض الفنادق والوزارات وسواها لمسارب من حرم الشارع، بات امرا يتوجب إعادة النظر به وإزالته، وهذا يقع على عاتق "الأمانة" التي كانت عيونها حمراء على أصحاب البسطات، ونريدها ان تكون بذات الاحمرار على الفنادق والوزارات التي تقتطع لنفسها من دون وجه حق، مسربا من الشارع، تزيد به من طين أزمتنا بلة.