"عمان للكتاب" يفتح مدارك الأطفال الفكرية ويوسع آفاقهم

أطفال مشاركون في معرض عمان للكتاب - (الغد)
أطفال مشاركون في معرض عمان للكتاب - (الغد)

عزيزة علي

عمان- لتعزيز القراءة وزرعها في عقول الأطفال، حضر العديد من الآباء والأمهات مع أطفالهم الى معرض عمان الدولي للكتاب بدورته السادسة عشرة؛ من أجل تنمية حب العلم والمعرفة في نفوسهم وتشجيعهم بشكل مباشر على أهمية القراءة والكتابة لحاضرهم ومستقبلهم.اضافة اعلان
وبين أروقة المعرض وفي ساحاته، تجتمع العائلات التي تبث تلك المعرفة في عقول أطفالها. رنا خوري التي ترافق ابنها (7 سنوات)، تقول لـ”الغد”: “أحاول زرع حب المعرفة والثقافة والقراءة منذ الصغر لدى ابني، لقد اشتريت له قصصا ملونة وكتبا تعليمية باللغة العربية لأنه لا يتقنها جيدا فهو عاش فترة من عمره في أميركا”.
وتضيف خوري “ذلك شجّعني على الذهاب للمعرض لغرس حب لغته الأم وتكثيف أهمية القراءة والكتاب بالنسبة اليه”.
وتعتبر خوري أن المعرض زاخر ومتنوع القصص ومنها المصورة للأطفال، ومتوفرة باللغتين. معتبرة أن الأهم بالنسبة اليها هو تعلّم ابنها القراءة بلغته الأم والتي تشكّل المستقبل بالنسبة اليه، موجهة الشكر لدور النشر المختلفة التي وفرت وجود تلك الكتب والقصص للأطفال.
وتشكل القراءة، كما يرى زوار معرض عمان الدولي للكتاب، أحد أهم عناصر الوعي لدى الطفل، وتعزيز ثقته بنفسه، وتفتح أمامه عوالم مختلفة تسهم في توسيع مداركه الفكرية والعاطفية.
وتوضّح الدكتورة رزان إبراهيم (تخصص أدب أطفال)، أن ترسيخ السلوكيات بالفعل يبدأ منذ الصغر، وهذا أمر لا يغفل عنه الآباء والأمهات، مشيرة الى أن القراءة أهم عنصر يمكن غرسه في أذهان وعقول الأطفال.
واعتبرت إبراهيم أن الكتاب ضرورة ملحة ويرسخ في ذاكرة الطفل، معتبرة أن الأطفال يبحثون عن قصص جاذبة ومختلفة تتناسب وقدراتهم وتحفّز وعيهم على التحليل والربط المنطقي. وتؤكد أن زيارة الأهل مع أبنائهم الى معارض الكتب واختيار الكتب المناسبة لأعمارهم، ضرورية لتوسيع مداركهم.
وتتواصل فعاليات معرض عمان الدولي للكتاب في دورته السادسة عشرة، التي انطلقت فعالياته في الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي، حتى العاشر من الشهر الحالي، في معرض عمان للسيارات على طريق المطار.
ويرى الكثيرون من الأهالي بشكل عام أن المعرض هو فرصة لتشجيع أبنائهم واختيار ما يرغبون بقراءته وسط تواجد العديد من الكتب المتنوعة مثل قصص ملونة تناسب الفئات العمرية كافة إلى جانب الكتب التعليمية باللغتين العربية والانجليزية.
أحد زوار المعرض أبو عبدالله، يقول في حديثه لـ”الغد”، إن القراءة تعزز الثقة بالنفس لدى الأطفال وتساعدهم على التفكير السليم وتبعدهم عن التفكير المتطرف، خصوصا في ظل التكنولوجيا التي اخترقت الحياة اليومية. يقول “اليوم حضرت مع أبنائي إلى المعرض من أجل زرع حب المعرفة والقراءة والتفكير السلمي عندهم، فأنا أخاف عليهم من الانحراف الفكري في ظل الفوضى التي يعيشها الوطن العربي”.
وأشار أبو عبدالله الى أنه يقوم بدور المشرف عند عملية اختيار أبنائه للكتب، وإرشادهم بما يتناسب مع أعمارهم لكونهم في مراحل عمرية مختلفة.
ويقول إن أبناءه اختاروا ما يناسبهم، منهم من اشترى كتاب “الأطلس”، وآخر “قصص أطفال ملونة” و”دفتر رسومات”، مؤكدا أن الجميل بالمعرض هو توفر تلك الخيارات المختلفة للأطفال.
الطفلة سلمى جعفر العقيلي (7 أعوام)، تعبر عن فرحها، وتقول “معرض الكتاب فيه قصص أطفال مصورة اشتريت بعضها وهي جميلة ومحببة لديّ، وشاركت في فعاليات كثيرة ضمن المعرض من رسوم على الوجه ومشاهدة ألعاب الخفة واللعب مع الأطفال في الساحات المخصصة لنا”.
وأعجبت العقيلي بـ”الأجنحة المخصصة لكتب الأطفال” وطريقة عرض الكتب، فهي جميلة ومميزة وهنالك بالونات وزينة معلقة، وهنالك طاولات تسمح بالاستماع للقصص والرسم والتلوين، وهو ما تشاركت فيه مع أطفال بعمرها ونال استحسانها.
أم سعاد التي حضرت مع بناتها الى المعرض، تقول “المعرض هذا العام مرتب ومنظم وسهل الوصول والحصول على الكتاب، والأسعار مناسبة بعض الشيء”.
وتضيف أنها حضرت معهن من أجل شراء الكتب لكونها منذ الصغر زرعت فيهم حب القراءة حتى أصبحت بالنسبة اليهم عادة وتفكيرا ومعرفة. وتقول أم سعاد “بناتي يعلمن أن الكتاب شيء أساسي في الحياة وليس رفاهية”.
ومثلها الزائرة أم أحمد التي تقول “مهمتنا كآباء تشجيع الأطفال على القراءة، فهم صغار ونحن نزرع فيهم حب المعرفة، لذا أتيت مع أبنائي إلى المعرض من أجل أن يختاروا ما يريدون من كتب في الثقافة والمعرفة والعلم”، مشيرة إلى أن القراءة تفتح أمامهم آفاقت للتفكر، كما تمنحهم خبرة في الحياة، وتزيد ثقتهم بالنفس وتعاملهم مع الآخرين.
القاصة والكاتبة هيا صالح، رأت أن معرض عمان الدولي يشكل فرصة للأطفال ليتمكنوا من الاطلاع على مجموعة متنوعة من الكتب الموجهة لهم سواء المحلية أو العربية أو العالمية والمترجمة، ويمكنهم التجوال بحرية واختيار ما يروقهم من الكتب، وقد يختار الطفل كتابا يعجبه ويرغب في أن يقتنيه.
واعتبرت صالح أن مشاركة دور نشر مختصة بكتب الأطفال في المعرض، تعد فرصة للتعرف على نوعية كل الكتب المعروضة، ما يفتح باب الخيار الأوسع أمام الأطفال، كما أن حضور مؤلفي هذه القصص في المعرض يسمح بالاطلاع على تجاربهم وتبادل الخبرات فيما بينهم.
وفي مدى إقبال الأطفال على معرض الكتاب وشراء الكتب التي يرغبون فيها، ترى صالح أن هناك لفتة إيجابية تعكس وعي وإدراك الناشرين والأطفال والمجتمع حيال أهمية القراءة وانسجامها مع تقنيات حديثة بالصور والصوت بما يتناسب مع الأطفال في عصر التكنولوجيا.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة آل البيت د. جمال الشلبي، يرى أن الإقبال المتزايد على معرض عمان الدولي، وخصوصا حضور الأطفال، يفتح آفاقا جديدة في كيفية خلق علاقة نفسية مع الكتاب والتعامل معه، مما ينعكس على شخصية هذا الطفل، وبالتالي صياغة عقل واع مثقف وقادر على أن يرى المستقبل عبر هذه الكتب وأفكارها وطروحاتها، داعيا أصحاب دور النشر إلى تخفيض أكثر في الأسعار من أجل هؤلاء الأطفال وطلاب الجامعات، بحسب رأيه.