عمان والمحافظات .. التقسيم الاجتماعي

تكرس على نحو واضح وغير خجول عنوان التقسيم الاجتماعي القديم الجديد .. عمان والمحافظات، والحال أنها عودة إلى التقسيم الأصلي للمجتمعات والناس منذ تشكيل الدولة الحديثة قبل مائة عام، والموروث عن المرحلة السابقة ومنذ مئات السنين، .. القلة المهيمنة من النخب، والأغلبية الفقيرة والمتوسطة، أو كما تعبر عنها المقولة الأنثروبولوجية التقليدية: القلعة والربض، تحايلت الأوليغاركيا بما هي القلة الاحتكارية المهيمنة على الموارد والنفوذ على هذا التقسيم الاستفزازي بحيل وتقسيمات كثيرة تمويهية، مثل الحكومة والمعارضة، الحكومة التي ظلت في واقع الحال طبقة مغلقة لا يتسرب إليها إلا الأبناء والأحفاد والأتباع وقليل من الوافدين إليها لأغراض الصيانة والتجميل، والمعارضة التي ظلت على الدوام طبقات وفئات اجتماعية تتحايل بالقومية واليسارية والتحرير والإسلامية لإعادة تنظيم هذا الهامش العملاق الممتد من المدن والقرى والأحياء والجماعات العشوائية، .. وعلى نحو ما كان التقسيم الاجتماعي الاقتصادي:  عمالة وافدة (النخبة المهيمنة)  وعمالة سائبة من الأغلبية؛ المحليين .. أو المحافظات.

اضافة اعلان

عمان والمحافظات ليست تقسيما مكانيا أو جغرافيا لكنها رمز اجتماعي ثقافي تشبه مقولة عمان الغربية وعمان الشرقية، لكنها تلطف تلك التقسيمات التي صعدت بفجاجة بعد انحسار القوميين واليساريين والإسلام السياسي، وصرنا نخجل منها وإن كنا نمارسها بعنف وتعصب مخيف، وننفس عنها بتقسيمات رياضية أو شخصية. لكن وفي الميل إلى الحدّ الأدنى من الطاقة؛ القاعدة التي تفسر سلوك الكائنات والمجرات والأفلاك كما الجزيئات والذرات فإننا تحت ضغط الحداثة ولأغراض التسويق والتكيف مع اتجاهات ورسائل عالمية فإنه يمكن وعلى وجه السرعة ظهور تشكيلات جديدة تعبر عن التجمعات والتقسيمات البدائية والعشوائية بعناوين وتقسيمات حداثوية.

ويمكن أيضا أن تنشأ متوالية سريعة من التقسيمات، التقسيم الرياضي يصير على سبيل المثال نادي عبدون ونادي بيت راس (بيت راس تعني العاصمة أو مدينة الملك/ الرأس، ومازال مصطلح الرأس يستخدم في أثيوبيا التي احتفظت باللغة السامية الأمهرية كما هي تقريبا) والوزارات أيضا سوف تقسم وقد يتبعها الوزراء فتكون وزارات الخدمات كالتربية والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية للمحافظات وكذلك الوزراء سيكونون محافظاتيين لينشئوا نخبة جديدة تعبر عن المحافظات، وتكون لعمان الوزارات الاقتصادية والمالية مثل التخطيط والمالية والصناعة والتجارة،.. والجامعات أيضا سوف تنكمش في عددها واستيعابها مع التحولات فيكون لدينا ثلاث جامعات فقط، اثنتان في الشمال والجنوب (مؤتة واليرموك) للمحافظات وواحدة في الوسط لعمان (الجامعة الأردنية)، وفي ظل تراجع مستوى الطرق وتدهورها بسبب توقف الصيانة والتجديد فيها ولصعوبة وغلاء النقل وندرة وسائله الخاصة والعامة تنكفي الأطراف على نفسها، ويمكن زيارة عمان في الرحلات المدرسية والمهرجانات السنوية في عيد الاستقلال مثلا،.. وتضخ المياه إلى عمان وتعاد المكررة إلى أصحابها الأصليين المحليين ليزرعوا ويستمتعوا بحياة الريف الجميلة الهادئة وقد تمنحهم الاوليغاركيا كثيرا من الأغاني التي تمجد الريف والطبيعة!