عمان وبغداد على الطريق الصحيح

اهتمت وسائل الاعلام بقرار الأردن تعيين سفير جديد في العراق بعد أربع سنوات من الغياب. السفير منتصر العقلة ذو الخلفية الاقتصادية سيتوجه قريبا إلى بغداد لمباشرة مهامه.اضافة اعلان
سحب السفير الأردني من بغداد عام 2014 كان لاعتبارت أمنية بحتة، لكن الخطوة كانت تؤشر على اضطراب سياسي في علاقات البلدين.
في السنتين الأخيرتين، تطورت العلاقات الأردنية العراقية بشكل ملموس، على وقع تعاون عسكري وأمني غير مسبوق لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على مساحات واسعة شمال وغرب العراق.
البلدان انخرطا بتحالف دولي بقيادة واشنطن، أثمر هزيمة نكراء للتنظيم الإرهابي وتحرير الموصل كبرى مدن العراق التي سيطر عليها. وبجهود مشتركة بين الطرفين ومساعدة حثيثة من الولايات المتحدة، تم فتح معبر طريبيل الحدودي بين البلدين، وتأمين الطريق إلى بغداد.
الأردن المخنوق اقتصاديا كان حريصا على استئناف حركة التجارة والنقل مع العراق، وبالقدر ذاته كانت حكومة بغداد بحاجة ماسة لاستعادة زخم العلاقات الاقتصادية مع جيرانها ومع العالم عبر بوابة الأردن.
الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين في البلدين حققت نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي، فقد بدأت الحياة تدب بالمعبر الحدودي، لكن ليس بالمستوى المأمول من الطرفين.
الحكومة العراقية استجابت لطلب الأردن بإعفاء سلع أردنية من رسوم الجمارك، لكن المصدرين الأردنيين يؤكدون أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ كما كان مقررا. وربما تكون أولى مهمات السفير العقلة إزالة العقبات أمام تطبيق القرار.
المباحثات لبدء مشروع أنبوب النفط من البصرة إلى ميناء العقبة، قطعت شوطا كبيرا، وينتظر المباشرة في التنفيذ هذا العام. المشروع يمثل مصلحة استراتيجية للبلدين، ويعول الأردن عليه لتوفير احتياجاته من النفط الخام بأسعار تفضيلية.
سياسيون على صلة بملف العلاقات الثنائية يشككون بتنفيذ المشروع ما لم تتحسن العلاقات الأردنية الإيرانية. لكنّ معنيين واصحاب قرار على قناعة بأن علاقات البلدين يمكن أن تخط مسارا مستقلا عن الحسابات الإقليمية. وعلى الجانب الرسمي الأردني هناك ثقة عالية جدا بنوايا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقناعة شبه أكيدة بأن العبادي يسعى بإخلاص لتطوير علاقات بلاده مع الدول العربية والأردن خصوصا.
ظهرت في الآونة الأخيرة بعض التباينات السياسية بين البلدين، ما تعلق منها بالعلاقات الثنائية أو في الموقف من تطورات إقليمية، لكنها هامشية وجرى تجاوزها وفق قول مسؤولين أردنيين.
التنسيق على المستويين العسكري والأمني، يمنح العلاقات زخما كبيرا، يمكن توظيفه لتحقيق مصالح اقتصادية للبلدين. وفي تقدير رجال أعمال أردنيين، تعد العلاقة مع العراق مدخلا مهما لتحسين أوضاع القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية. وإذا ما اتفق الطرفان على السماح للشاحنات الأردنية بالوصول إلى داخل الأراضي العراقية عوضا عن تفريغ حمولتها بمركز تبادل على الحدود، فإن قطاع النقل الأردني سيبدأ رحلة التعافي من أوضاع مزرية يعيشها منذ سنوات بسبب إغلاق الحدود مع العراق وسورية.
في كل الأحوال ينبغي على البلدين أن لا يسمحا بتعثر العلاقات الثنائية، ويبذلا ما يتطلب من جهود لتحسينها باعتبارها مصلحة مشتركة لا بديل عنها.
في الأثناء الأردن سيراقب عن كثب التطورات الداخلية في العراق، ونتائج الانتخابات التشريعية المقبلة، على أمل أن يستمر تحالف العبادي أو من يمثله في الحكم، لأن البديل ينذر بانتكاسة لا يمكن تفاديها.