عندما بكى روجر ووترز على غزة

هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

اضافة اعلان

روجر ووترز بكى أول من أمس، كان هذا في تويتر في الوقت الذي قرأ فيه أمام العدسات مقالا كان قد قرأه في الليل في موقع "موندو وايس"، وهو عن أحد الأطفال في غزة. "كنت أريد الاستراحة. أو أن أتلقى مساعدة نفسية مثل أشخاص آخرين مروا بالحروب"، قال محمد ابن الـ13 عاما. "لم يسألني أي أحد، ولم يسأل عائلتي، كيف حالنا. هو يقوم بإعالة عائلته، هو طفل ابن 13. وفقط بكاؤه، كتب طارق حجاج، يذيب درع الرجولة الذي يضطر الى ارتدائه. "أنا لا أريد أن تعاني أمي مثل أمهات الأطفال الذين قتلوا"، قال الطفل وهو يبكي. كان يريد أن يكبر في المكان الذي يمكن أن يموت فيه بعد أن يكتمل نمو جسمه. هنا ووترز لم يعد يتمكن من كبت دموعه وانفجر باكيا. لا يوجد إنسان عاقل يمكن أن يبقى غير مبال وهو يشاهد هذا الموسيقي وهو يبكي. ووترز هو رجل الضمير الكبير.
لكن بالنسبة للإسرائيليين هذا مشهد من عالم آخر. توجد لهم ألف وسيلة دفاع أمام بكاء ووترز. لنغفر لووترز "اللاسامي" و"الذي يكره إسرائيل" -هو ليس هكذا- لكن أن يبكي على طفل من غزة؟. وماذا بخصوص الأطفال في سدروت؟ هل هناك إسرائيلي قام بالبكاء على طفل من غزة؟ هل هناك الكثير من الإسرائيليين تعرضوا لما تعرض له أطفال غزة في الأيام الثلاثة من النجاح الكبير الذي أغرق إسرائيل في موجة تفاخر والرضا عن النفس، الذي لم يكن هنا منذ فترة طويلة؟. منذ الانتصار في 1967 لم يسجل أي نجاح كهذا. بضعة أيام أخرى من الحرب وستكون لدينا ألبومات.
فقط موت زيلي، وهو كلب "اليمام" في نابلس -عنوان في الصفحة الأولى في "يديعوت احرونوت"، جنازة، دموع، قبر، تأبين وتصريحات عزاء رسمية من رئيس الحكومة- أثقل بشكل قليل على أجواء النصر المسكر. هذه الأجواء لم يتم خرقها للحظة من المشاهد في غزة، لأنه لا تتم مشاهدتها هنا. لم تكن في أي يوم عملية قتل معقمة بهذا القدر. فوسائل الإعلام في إسرائيل لم تظهر في هذه المرة أي شيء، لا شيء.
هذه كانت إحدى العمليات الأكثر إفسادا التي عرفتها إسرائيل. ليس بنصف الثمن مثل سابقاتها في غزة، بل في هذه المرة بالمجان. لم يتم سفك أي نقطة دم إسرائيلية، ولم يتهدم أي بيت، ولم تكن إدانة من العالم، حتى لو بسيطة. بثمن صفر كهذا فإن الشهية للمزيد من العمليات ستزداد بالطبع. قبل يومين في نابلس كان يمكن مناقشة النتائج. وبالوقاحة المعتادة أضيف الآن أيضا الشعور المسكر للنصر السهل والجميل. فقط اجلبوا لنا المزيد من الحروب بأسعار متدنية. حيث إنه لم يقتل أي أحد تقريبا ولم يصب أي بيت في عملية "بزوغ الفجر".
لكن لا يمكن تجاهل عامل آخر عمل على تغذية الشعور بالنجاح. ففي هذه المرة كان هناك الإسرائيليون الجيدون الذين ذهبوا الى العملية. هم الآن في السلطة. انظروا كيف خرجوا من هذه الحرب: "بألوان طائرة"، كما هو بالتعبير الانجليزي. لذلك، هذه كانت المعركة السياسية الكبرى التي عرفتها إسرائيل. فاليمين تم تفخيخه؛ لم يكن باستطاعته انتقاد قتل العرب؛ اليسار-وسط انفجر من التفاخر.
يوسي فيرتر وصف كيف تغير مظهر لبيد في أعقاب الانتصار. فبدلته امتلأت، كتب. وفي اليوم التالي قال: "هذا من دون شك ريشة على قبعته" ("هآرتس"، 8/8). "بدلة امتلأت بـ"الدماء" وريشة على قبعته هي الغنيمة الحقيقية لهذه الحرب، التي انتهت بصورة تشبه الحلم بالنسبة لإسرائيل".