عندما "تعطس" أميركا.. العالم يصاب "بالرشح"!

ابراهيم البدور تابعنا - كما كل العالم- قضية رفع البنك الفدرالي الاميركي نسبة الفائدة بمقدار 50 نقطة(0,5 %)، حيث اضطرت جميع الدول لرفع نسبة الفائدة لكي تتماشى مع هذه الزيادة. هذه الرفعة ليست الوحيدة بل هي الثانية خلال عدة اسابيع، كما يتوقع الاقتصاديون ان تتبعها زيادات متتالية خلال الاشهر المتبقية من هذا العالم لتصل إلى 300 نقطة (3 %). هذه "العطسة" التي تساعد الاقتصاد الاميركي وتثبته أدت إلى «رشح» ومرض شديد أصاب باقي الدول وأولها الأردن، حيث اضطر البنك المركزي الاردني إلى رفع النسبة نفسها بالرغم من الأذى الذي سيطال الاستثمار بشكلٍ عام وقروض الاشخاص بشكلٍ خاص، لكن هو شرٌّ لا بد منه؛ حيث استقرار الدينار مرتبط بهذه الحركة التي قوبلت بالسخط الشعبي وأنين المستثمرين. العطاس الاميركي ليس دائماً اقتصاديًا؛ بل يمتد ويكون سياسياً ايضاً، بحيث يكون التوجه السياسي الاميركي - مع او ضد حدث- هو بوصلة باقي الدول كما هو التوجه الاقتصادي، فالدول مرتبطة بشكل كبير في القرارات الاميركية ، فدول مثل المانيا واليابان - مثلًا- ما تزال مرتبطة عسكريًا بأميركا وهي التي تحميهم من خلال قواعد عسكرية ثابتة مع مبالغ مالية تتلقاها من هذه الدول لحمايتها. منابع الطاقة أيضاً مرتبطة بالتوجه الاميركي؛ حيث الدول المنتجة للطاقة ترتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية بشكل وثيق، وتلعب هذه العلاقات بشكل كبير على رفع او خفض إنتاج الطاقة، وإذا ارادت دولة ان تستقل بقرارها يتم التعامل معها سياسياً او اقتصادياً او حتى بإقرار قوانين تمنعهم من هذا التوجه. أما عسكريًا، فنفس المعادلة؛ فالسلاح الاميركي هو أكثر سلاح منتشر في العالم، وهو مصدر اقتصادي يُدرّ مليارات الدولارات من خلال شركات تطوير الاسلحة وبيعها لباقي الدول، مع الابقاء على الاسلحة المتطورة في حوزتها وعدم السماح لهذه الدول من امتلاك اسلحة نووية مثلاً، بحيث يبقى عنصر التفوق العسكري حاضرًا، والتلويح بهذا التفوق اذا خرجت اي دولة عن الاتفاقات المبرمة. التطّور - كما الانهيار- لا يأتي منفرداً بل يأتي بشكل شمولي، فأميركا هي اقوى دولة عالميًا؛ فهي تملك اقوى جيش واقوى اقتصاد واقوى جامعات واقوى نظام صحي واقوى …..الخ، لذلك الجميع يبقى بحاجتها وهي بشكل مباشر - أو غير مباشر- توجّه الدفة حيث ترى مصالحها وتتبعها باقي الدول سواءً كانت راضية او غير راضية. مع كل ما ذكرت من مصادر القوة الاقتصادية والسياسية..الخ، لا ألوم البنك المركزي الأردني إذا زاد نسبة الفائدة مع الرفع الاميركي ولا أستطيع ان اطلب منهم ان يقفوا ضد هذه السياسة النقدية لأنه - ببساطة- سوف ندفع ثمناً باهظاً بهبوط الدينار اذا لم نستجب لهذه السياسة، فدول عظمى تماشت مثلنا كبريطانيا ودول اوروبية كبيرة. المطلوب الآن - كحكومة وبنك مركزي- أن نجد حلولًا تتناسب مع وضعنا الاقتصادي، بحيث نحافظ على قوة الدينار وبالوقت نفسه نحافظ على الموطنين الذين يستدينون 36 مليار دينار من البنوك، فلا نزيد من معاناتهم وضيق حالهم وكذلك لا ننحر المستثمرين والاستثمار بهذا التوجه. المقال السابق من الكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان