عندما تكون الخدمة جزءا لا يتجزأ من حياتنا

تهاني روحي  في بادرة ملفتة، تم افتتاح مركز للحاسوب في مدرسة الأميرة بسمة الثانوية للبنات وتسميتها باسم الراحلة النائب الأسبق مريم اللوزي. وتأتي التسمية تثمينا لدورها التربوي وعطائها المميز في حقل التعليم والذي جعلها بحق أيقونة تربوية مساهمة بجدارة في ترسيخ العلاقة المثالية للعملية التربوية ما بين الطالبات والأهل والمدرسة وكانت قصة نجاح لما يزيد على ربع قرن. وقد دعتني عائلة المرحومة لحضور حفل الافتتاح، ولكنني لن أبالغ إن قلت إن هذا الحدث ترك أثرا بالغا في نفسي، ابتداء من التكريم الذي كان في مسرح المدرسة حيث قدمت الطالبات والهيئة الإدارية فيلما قصيرا للراحلة اختصر فيها مسيرتها التربوية، ومن ثم الكلمات المؤثرة للحضور الذين تركت في حياتهم أثرا ودروسا، إما بالتشجيع لمواصلة الدراسة أو تحفيز الأهل للتعاون مع بناتهن ودعمهن لإكمال تعليمهن الجامعي. وقد تم إطلاق مشروع خيري (كسوتهم علينا) باسم المرحومة اللوزي نظرا لعطائها ومبادراتها المجتمعية المعروفة في منطقة الجبيهة وشفا بدران وأبونصير لسنوات طويلة، وعملها الدؤوب في التكافل الاجتماعي لسكان المنطقة. في الواقع إن الخدمة لا تنحصر في طريقة خاصة أو نهج محدد ولا تقتصر على جماعة أو فئة بعينها. فالخدمة طريق البذل والعطاء، والسير في هذا الطريق يساعدنا على كسب قدرات وقابليات وخصائص سامية إذا ما اتسم سلوكنا بالتواضع والإخلاص. إنه أسلوب حياة يتخطى المسؤولية المجتمعية والانتماء والمواطنة إلى ما هو أسمى من ذلك بكثير بحيث تطلق الخدمة تلك القدرات اللامحدودة الكامنة في جوهر الإنسان وحقيقتها بل وتصقلها. وعندما رأيت الدموع تنهمر في كافة أرجاء القاعة، ابتداء من مندوبة مدير التربية ومديرة المدرسة والمعلمات والطالبات والمشاركين في الاحتفال جميهم، أدركت ما معنى أن يترك الإنسان بصمة في حياته. فالمجتمع الإنساني أشبه بجسم الإنسان فكما أن لكل خلية وعصب وعضو في جسم الإنسان دورا يؤديه، وإذا عمل الجميع معا في تناغم وانسجام تمتع هذا الجسم بالصحة والعافية؛ ونجاح المجتمعات وتقدمها منوط بعمل جميع أفرادها، في توافق وتآلف وانسجام. وتكمن هنا روح الخدمة المتفانية، فيعمل المرء بفاعلية في تنمية مجتمعه؛ ويساهم في زيادة التقارب المجتمعي، ويعزز الانسجام بين أهل الحي والمنطقة، يشارك في مشاريع البيئة المحلية، يعمل على تحسين مرافق العيش، كما يساهم في تقدم برامج التربية والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وهذا ما جسدته الدكتورة مريم اللوزي رحمها الله. فما أجمل أن تكون الخدمة جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وما أعظم أن نسير معاً على طريق الخدمة، نشارك الآخرين، وندعوهم للعمل معاً. المقال السابق للكاتبة اضافة اعلان