عندما يثقون بالإعلام

ما حدث في الأردن، مساء يوم الثالث من شهر نيسان الحالي، وما رافقه من غموض وضبابية، وتأخر في إعلان الرواية الرسمية، يؤكد مجددًا الحاجة إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع الصحافة والإعلام المحليين، بطريقة أفضل مما هي عليه الآن.اضافة اعلان
الشفافية مطلوبة في كل وقت وعند وقوع حدث معين، فما بالك عندما يتعلق الأمر بـ"زعزعة أمن الأردن واستقراره، ووجود مخططات لإضعاف موقف المملكة الثابت من قضايا رئيسة"، حسبما أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي.
خيرًا فعلت الحكومة، عندما خرجت إلى الرأي العام الأردني، وكشفت، بمؤتمر صحفي عقده الصفدي أول من أمس، حيثيات ما حصل أو ما كان يُخطط له، وكذلك الاعتقالات.
لكن، يجب أن نعترف بأن خروج الحكومة للرأي العام، جاء متأخرًا، وترك الكثير من أبناء الشعب الأردني، يُقلبون الفضائيات العربية والأجنبية، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فضلًا عن أناس يدعون بأن همهم الأول والأخير مصلحة الوطن.
عندما تتحدث عن قضية بحجم "زعزعة أمن بلد"، فإنه من الضرورة أن يكون الإفصاح عن حيثياتها وخطوطها، والنشاطات التي دارت وتدور في فلكها، بشكل أسرع مما حصل، وبشفافية أكبر، بعيدًا عن أي «غمغمة» أو حجب معلومات، إلا ما كان منها ضروريًا لاستكمال التحقيق والسرية.
إن الإعلام والصحافة الأردنية، بأنواعها المختلفة، كانا وسيبقيان دومًا في صف الوطن، والدفاع عن حماه، بعيدًا عن أي مصالح شخصية، إلا من حاد عن درب الوطنية والإخلاص.. وما حصل مساء السبت في عمان، يؤكد مجددًا ضرورة النظر إلى الصحافة، بشكل عام، على أنها حلقة أساسية وجزء أصيل، لا غنى عنه، من حلقات الدفاع عن هذا البلد، وخصوصًا عند حدوث قضايا مفصلية، تؤثر على الوطن والمواطن.
ما حصل، يجدد المطالبة القديمة الجديدة، بضرورة وجود إعلام دولة قوي.. فعندما تثق الدولة بالإعلام، وتمنحه مساحة من الحرية، وتكون كريمة معه في المعلومة، التي هي في الأساس حق، كفله الدستور والمواثيق والقوانين الدولية، فإن الحمل حتمًا سيخف عن كاهلها، كون الإعلام سيقوم بواجبه وضميره المهني، في إظهار الصورة الحقيقية، بعيدًا عن أي مصالح شخصية أو أجندات، سواء أكانت محلية أو خارجية، تُريد سوءًا بوطننا.
والإعلام، الذي نُريد ويريده الشعب، يقوم على أساسيات، يعلمها الجميع، الصغير قبل الكبير، والتي تتمثل بتوفر المعلومة، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسرعة الكشف عنها أو تمريرها، ثم المصداقية والشفافية.
مرة ثانية، يتوجب على الدولة أن تقر أن الإعلام والصحافة، رقم صعب في كل القضايا الوطنية، وخاصة المفصلية منها، الأمر الذي يعني إعطاءه ثقة مناسبة، مرتبطة بمزيد من الحرية، وسيل من المعلومات، لكي يقوم بواجبه على أكمل وجه، وتحديدًا عندما يتعلق الأمر بأمن واستقرار الوطن، وبذلك تضمن بألا يلجأ المواطن الأردني إلى وسائل إعلام أجنبية، تضع السم في الدسم، أو وسائل تواصل اجتماعي أو أشخاص، ديدنهم الكذب والتدليس.