عندما يكون العالم هو العدو

براد وولف* - (كومون دريمز) 15/7/2022

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

لو قمنا ببناء 2.977 مستشفى في أفغانستان تكريمًا لكل أميركي مات في 11 أيلول (سبتمبر)، لكنا قد أنقذنا المزيد من الأرواح، وخلقنا قدرًا أقل بكثير من معاداة أميركا ومن الإرهاب، ولأنفقنا أقل بكثير من الـ6 تريليونات دولار التي أهدرناها على الحرب غير الناجحة على الارهاب. وإضافة إلى ذلك، كان عمل الشهامة والرحمة الذي قمنا به سيحرك ضمير العالم. لكننا أردنا إراقة الدماء وليس جلب الخبز.

  • * *
    تحدثت مؤخرًا مع مساعد شؤون السياسة الخارجية لأحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في دعوة مقررة لجماعة الضغط المناهضة للحرب التي أنتمي إليها.
    وبدلاً من استخدام النقاط القياسية التي تُستخدم في حملات الضغط حول إنفاق البنتاغون المهدور، طلبت منه مناقشة صريحة حول الطرق التي قد تجد بها منظمتنا استراتيجية ناجحة لخفض ميزانية وزارة الدفاع الأميركية. أردت معرفة منظور شخص يعمل لدى سيناتور محافظ في مجلس الشيوخ.
    وقد أحبطني مساعد السيناتور. كانت فرص تمرير أي مشروع قانون في مجلسي الكونغرس يكون من شأنه خفض ميزانية البنتاغون بنسبة 10 في المائة، وفقًا للمساعد، تساوي صفرًا.
    عندما سألت عما إذا كان هذا ناجم عن تصور عام بأننا في حاجة إلى هذا المبلغ للدفاع عن البلاد، أجاب المساعد بأن هذا ليس شيئاً يتعلق بالتصور العام فقط، وإنما يتصل بالواقع. كان السيناتور مقتنعًا، كما هو حال معظم الآخرين في الكونغرس، بأن تقييمات وزارة الدفاع الأميركية للتهديدات دقيقة وموثوقة (على الرغم من تاريخ البنتاغون الكبير في التنبؤ الفاشل).
    كما وُصف الأمر لي، يقوم الجيش بتقييم التهديدات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك القادمة من دول مثل الصين وروسيا، ثم يقوم بتصميم استراتيجية عسكرية لمواجهة تلك التهديدات، ويعمل مع مصنِّعي الأسلحة لتصميم أسلحة ليتم دمجها في تلك الاستراتيجية، ثم يضع ميزانية على أساس تلك الإستراتيجية. ويوافق الكونغرس، الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء، بأغلبية ساحقة على إقرار هذه الميزانية. فبعد كل شيء، إنهم الجيش. ومن الواضح أنهم يعرفون كيف تُدار أعمال الحرب.
    عندما يبدأ الجيش بفكرة أنه يجب عليه مواجهة جميع المشاكل الناشئة في جميع المناطق المحلية في كل أنحاء العالم، فإن ما يطوره هو استراتيجية عسكرية عالمية. وليست هذه استراتيجية دفاعية، لكنها استراتيجية مراقبة شُرَطية عالمية لكل جريمة يمكن تصورها. عندما يُنظر إلى كل صراع أو منطقة تعاني من عدم الاستقرار على أنها تهديد، يصبح العالم كله هو العدو.
    ماذا لو نُظر إلى هذه النزاعات أو حالات عدم الاستقرار على أنها فرص وليست تهديدات؟ ماذا لو أننا نشرنا أطباء وممرضات ومعلمين ومهندسين بالسرعة نفسها التي ننشر بها الطائرات من دون طيار والرصاص والقذائف؟
    إن نشر الأطباء في المستشفيات المتنقلة أقل تكلفة بكثير من طائرة F-35 المقاتلة الحالية التي تقترب كلفتها من 1.6 تريليون دولار. والأطباء لا يقتُلون بالخطأ المدنيين غير المقاتلين في حفلات الزفاف أو الجنازات، مما يؤجج المشاعر المعادية لأميركا. بل إنهم في الواقع، لا يرون مقاتلين أو غير مقاتلين، وإنما يرون أناساً فحسب. إنهم يعالجون مرضى.
    عن كون المرء ساذجا
    سُرعان ما تُسمَع على الفور الجوقة التي تندد بأي فكرة باعتبار أنها "ساذجة"، وتوفر طبول الحرب الإيقاع اللازم لشحن المشاعر. وهكذا، سرعان ما يتم وضع تقييم ما قيد العمل.
    وفقًا لمعجم "ميريام-ويبستر"، يمكن أن تعني السذاجة "تميز المرء ببساطة غير متكلفة"، أو "نقص في الحكمة الدنيوية أو الحكم المستنير"، أو "عدم الخضوع سابقًا للتجربة أو لموقف تجريبي معين".
    إن اقتراح نشر الأطباء المذكور أعلاه بدلاً من الطائرات من دون طيار هو بالفعل بسيط وغير متكلف. كما أن إطعام الجياع، والعناية بهم عندما يمرضون، وإسكانهم عندما لا يكون لديهم مأوى، هو نهج مباشر نسبيًا. وفي كثير من الأحيان، تكون الطريق البسيطة غير المتكلفة هي الأفضل. رأي مذنب ومتهم.
    أما بخصوص "نقص الحكمة الدنيوية أو الحكم المستنير"، فقد شهدنا أميركا في حالة حرب على الدوام، ورأينا الحكماء، والدنيويين، والمطلعين بينما تتكشف أخطاؤهم بشكل كارثي مرارًا وتكرارًا على حساب مئات الآلاف من الأرواح. إنهم لم يجلبوا السلام ولا الأمن. ونحن مذنبون بكل سرور بكوننا ناقصين عندما يتعلق الأمر بنسختهم الخاصة من الحكمة الدنيوية والحكم المستنير. وقد جمعنا، نحن، السذج، حكمتنا وقدرتنا على الحكم من تحمل تداعيات أخطائهم الكارثية، وغطرستهم، وأكاذيبهم.
    وفيما يتعلق بالتعريف الأخير للساذج، "الذي لم يخضع للتجربة من قبل"، فمن الواضح تمامًا أن سياسة تعتمد على الشفاء من الألم بدلاً من الحرب لم يتم النظر فيها بجدية، أو التعبير عنها، أو نشرها بأي شكل من الأشكال من قبل هذا البلد. ساذج مرة أخرى، ومشحون أيضاً.
    إننا لو قمنا ببناء 2.977 مستشفى في أفغانستان تكريما لكل أميركي مات في 11 أيلول (سبتمبر)، لكنا قد أنقذنا المزيد من الأرواح، وخلقنا قدرًا أقل بكثير من معاداة أميركا ومن الإرهاب، ولأنفقنا أقل بكثير من الـ6 تريليونات دولار التي أهدرناها على الحرب غير الناجحة على الارهاب. وإضافة إلى ذلك، كان عمل الشهامة والرحمة الذي قمنا به سيحرك ضمير العالم. لكننا أردنا إراقة الدماء وليس جلب الخبز. لقد سعينا إلى الحرب وليس إلى السلام. وقد حصلنا على الحرب؛ عشرين عاما منها.
    إن الحرب دائما هي صراع على الموارد. ثمة أحد ما يريد ما لدى شخص آخر. وبالنسبة لبلد ليس لديه مشكلة في إنفاق 6 تريليونات دولار على حرب فاشلة على الإرهاب، فإنه يمكننا بالتأكيد توفير الموارد اللازمة من الغذاء والمأوى والدواء لمنع الناس من تمزيق بعضهم بعضا إرباً، وفي هذه العملية، ننقذ أنفسنا من فتح جرح نازف آخر. يجب أن نفعل ما يجري التبشير به كثيرًا في كنائسنا ولكن نادرًا ما يتم تطبيقه. يجب أن نؤدي أعمال الرحمة.
    يتعلق الأمر في نهاية المطاف بهذا: هل نحن أكثر فخرًا بقهر بلد آخر بالقنابل، أم بإنقاذه بمنحه الخبز؟ أي من هذين الخيارين يسمح لنا برفع رؤوسنا أعلى كأميركيين؟ أي منهما يولد الأمل والصداقة مع "أعدائنا"؟ أعرف الإجابة لنفسي وللعديد من أصدقائي، ولكن ماذا عن بقيتنا؟ كيف نُخرج الحرب من أميركا؟ لا أعرف أي طريقة أخرى سوى أن أكون ساذجًا وأن أعتنق أعمال الرحمة البسيطة غير المتكلفة.
اضافة اعلان

*براد وولف Brad Wolf: محامٍ سابق وأستاذ وعميد كلية مجتمع، وهو المؤسس المشارك لشبكة عمل السلام في لانكستر، ويكتب لموقع World BEYOND War.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: When the World Is the Enemy