عنصرية غير مدركة لعنصريتها

هآرتس

بقلم: غيداء ريناوي الزعبي

اضافة اعلان

من السهل علينا تشخيص العنصرية القبيحة الـ"البن غبيرية" -هذه دائما تكون عنصرية فظة وغير اعتذارية وتتفاخر بقبحها. ولكن في الحياة اليومية في إسرائيل هناك عنصرية أخرى، مخفية قليلا، عنصرية "غير مدركة لعنصريتها". هذه عنصرية الكثيرين، الذين كما يبدو يريدون فعل الخير، لكنهم يفعلون ذلك ليس من خلال القبول، بل من خلال التعالي الذي يريد "إصلاح" المجتمع العربي. يريدون أن يشرحوا لنا كيف يجب علينا أن نعيش حياتنا من أجل أن نكون أكثر ملاءمة مع "الغرب".
مثال بارز على ذلك هو الحجاب، الذي تحول من جهة جزء من "المتنورين" في المجتمع الإسرائيلي اليهودي الى علامة تسمح بالتعالي، وكما يبدو منفصلة عن العنصرية. نحن معك، تقول "المتنورات"، نحن نريد مساعدتك على "الخروج الى الحرية" من "القمع" والمحافظة. أمام النساء العربيات اللواتي يردن التقدم في المجتمع الإسرائيلي يقف عدد كبير من العقبات، لكن العقبات الأكثر هي تلك التي توضع أمام النساء العربيات اللواتي يردن التعبير بملابسهن عن إيمانهن الديني. الإسرائيلية اليهودية، بما في ذلك جزء كبير من "النسوية" تجد صعوبة في قبولهن.
هذا لا ينتهي هناك. دائما يكون هناك من يعرفون أفضل منا ما الأسباب للعنف في المجتمع العربي. دائما سيكون هناك من سيقول "إن العرب متوحشون"، وبعد ذلك "يعتذر" ويقول "إن الثقافة العربية هي ثقافة فاشلة"، مثل يارون لندن في حينه. وسيكون هناك من سيقول لنا كم هو المجتمع العربي بدائي ولماذا علينا التخلي عن التراث الذي تربينا عليه. دائما سيكون هناك الواثقون الذين يعرفون أفضل منا ما الذي ينفعنا.
البروفيسور ادوارد سعيد المتوفى، وضع التفسير النقدي للاستشراف، الذي يعني جمود فكري غربي، يرى في الشرق أنه دوني وبدائي. وحسب قوله هذه المقاربة نبعت من أن التفسير الغربي للشرق يرتكز على القيم الغربية فقط دون محاولة فهم حقيقة الشرق. للأسف الشديد، هذه ما تزال هي رؤية الكثير من اليهود واليهوديات في إسرائيل (من بينهم أيضا نساء كثيرات) تجاه الجمهور العربي، خاصة تجاه النساء المسلمات: فقط إذا تصرفت مثلي وأزلت عن نفسك الكثير من مكونات شخصيتك فيمكنك أن تكوني حقا حرة وعصرية.
أنا أريد جدا الشراكة مع المواطنات والمواطنين اليهود، لكني أريد أن يكون ذلك شراكة متساوية. مع شركاء ينظرون لي نظرة متساوية وليس بأبوية متعالية. لا أريد أن يحاولوا التعليم، "أن يظهروا لي أين هو الضوء" أو أن يشرحوا لي بأنه علي الانفصال عن الجذور البدائية للمجتمع الذي جئت منه. قبل أي شيء يجب عليهم أن يحترموني وأن يحترموا قوميتي وديني وعاداتي. وألا يحاولوا مساعدتي، بل أن يطلبوا أن يعملوا معي من أجل مساعدة الدولة في أن تكون دولة مناسبة أكثر بالنسبة لأولادنا جميعا، عربا ويهودا.
نحن أصبحنا نرى بداية هذا التغيير على الأرض. شباب وفتيات، عرب ويهود، يعملون معا في الجامعات، ويبدأون العمل معا في شركات الهايتيك. براعم المساواة تظهر أيضا في الجهاز الصحي وبالطبع في السياسة. ولكن يجب علينا العمل من أجل أن يكون التغيير أكثر سرعة. سنفعل ذلك فقط إذا أدرك كل أولئك الذين يريدون مكافحة العنصرية ويشمئزون ممن يلوحون بها بتفاخر، أن يقبلوا أن العربية ليست دونية وأن العرب يستحقون المساواة وليس "إعادة التعليم".