عن ربى ومرونتها

 

إلى عناية وزير التربية والتعليم

إذا تأكدنا أولا أن أيا من أعضاء لجنة التحكيم في العاصمة البلجيكية بروكسل، ليس من أقارب أو بلديات أو جيران أو أصدقاء أو معارف ذوي الصغيرة ربى داوود لاعبة الجمباز الأردنية ذات السنوات العشر، التي أمضت نصف عمرها تماما بالتدرب في ملاعب الاتحاد الأردني للجمباز، بمعنى أنها انخرطت في هذه الرياضة بعد حقبة البامبرز بقليل..، سوف نخلص إلى أن الميدالية الذهبية التي حصلت عليها، والمرتبة الأولى التي حققتها مؤخرا ضمن فئتها العمرية في البطولة التي أقيمت في بروكسل بتنظيم من الاتحاد البلجيكي للجمباز، وبمشاركة دولة عربية واحدة كانت الأردن إضافة إلى اثنتي عشرة دولة أوروبية، هي جائزة نظيفة ناصعة البياض لا تشوبها اعتبارات المحاباة أو الواسطة أو تطييب الخواطر.

اضافة اعلان

وحفلت مسيرة تلك الصغيرة الموهوبة بالكثير من الإنجازات على صعيد دولي ومحلي، فحازت على المركز السادس في بطولة الجمباز بين 450 متسابقا ومتسابقة في هولندا.

إلى هنا تبدو القصة جميلة وباعثة على البهجة، غير أن والد ربى، التي عادت وزملاؤها مظفرة واستقبلت بباقات الورود في المطار، ورغم أنه يحب النهايات السعيدة مثلنا جميعا يصر على تقنية الفلاش باك في سرده للحكاية، ليعود بنا إلى جائزة الملك عبدالله للياقة البدنية ليطرح سؤالا استفهاميا لا يخلو من استنكار حول آلية عمل اللجان المنبثقة عنها،   حيث توصلت اللجنة الفاحصة إلى قرار صادم يتعارض بشكل فادح مع المنطق مفاده عدم تمكن ربى من تجاوز امتحان المرونة بنجاح! وبالتالي تم استثناؤها من التأهل.

ويقول والدها إنه يشعر بالذنب وبالندم لأنه زج بابنته بهذه المواجهة المبكرة مع خيبة الأمل! وأكد أن بعض العارفين بخبايا الأمور نصحوه عدم تعريض ابنته لموقف كهذا، وإرهاقها واستنزاف طاقتها من دون جدوى، مؤكدين له أنه سيتم استثناؤها لصالح متسابقين آخرين ليسوا أكثر مرونة إلا في بند الواسطة والمحسوبية!

وما حدث مع ربى حدث لزملاء لها كذلك تم استثناؤهم من دون وجه حق، ولأن الوالد شديد الثقة بقدرات ابنته، ولا سيما في بند المرونة غير القابل للشك، نظرا لطبيعة الرياضة التي تمارسها منذ وقت مبكر باحتراف معترف به عالميا، فقد ارتكب خطيئة حسن النية، ولم يلق بالا لنصائح المشككين، وكان لشدة براءته واثقا بأن اللجان المعنية لابد أن تتمتع بالنزاهة المطلوبة للمحكمين.

ووافق على ترشيح المدرسة لابنته للتقدم للجائزة وكان أنْ صحت توقعات المشككين، ومنيت الصغيرة بخيبة أمل مبكرة جدا، غير أن ذلك ولحسن الحظ لم يكسرها تماما، ربما بسبب شدة مرونتها المشكوك فيها محليا! فذهبت إلى بلجيكا وعادت مع ميداليتها الذهبية هديتها لنا جميعا، ولأنها بطلة صغيرة وواعدة يظل الأمل أن تتمكن من تجاوز التبعات النفسية لتلك التجربة المؤسفة بأقل الألم الممكن.

هذه وقائع الحكاية كما سردها والد ربى، محاولا كتم الغيظ وابتلاع الغصة، مطالبا فقط بإنصاف ابنته.

نأمل أن تصل القصة المفارقة إلى المعنيين في وزارة التربية، لعلها تجد طريقة ما لرفع الظلم عمن تعرض له، وإذا كان ثمة جانب آخر للقصة، فمن حقنا جميعا أن نطلع عليه، وقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لمبدأ الشفافية الذي اعتراه غباش كبير جراء سوء الاستخدام. 


[email protected]