عواقب تأخير قانون الضمان

 

لست من أنصار القوانين المؤقتة، ولم أكن يوما من المؤيدين لها، كونها تعبر عن حالة غير ديمقراطية.

بيد أن غياب مجلس النواب عن الساحة السياسية، وتوقع طول فترة عدم وجوده طوال عام، يفرض الحديث حول إصدار قوانين مؤقتة تطل برأسها معلنة ضرورة المضي في بعضها.

اضافة اعلان

الحكومة منذ تشكيلها أصدرت عدة قوانين مؤقتة منها ضريبة الدخل والمبيعات، الذي يعبر عن تطلعات الحكومة المالية وإقرار هذا القانون وضع ضمن الأولويات، رغم أن القانون المطبق في السابق لم يكن بهذا السوء والموافقة عليه ليست حاجة ملحة، ولا ضير من استمرار العمل به سنة أخرى.

المفارقة أن اللجوء إلى القوانين المؤقتة لا يعكس الحاجة الحقيقية لإصدارها من عدمه، فقانون الضمان الاجتماعي الذي يعد مصلحة وطنية عليا لم يقرّ إلى اليوم، رغم أن الحكومة تسلمته من مؤسسة الضمان الاجتماعي وأصبح بحوزتها منذ مدة، على أمل إقراره.

النظرة لقانون الضمان مختلفة، فهو قانون إصلاحي يعالج خللا ونزفا كبيرا كانت تعاني منه مؤسسة الضمان خلال السنوات الماضية، رغم ان القانون بتفاصيله قد يتعارض مع مكتسبات البعض.

وكثيرا ما يطرح سؤال حول الفوائد والأضرار التي ستصيب الناس من إقرار القانون، والجواب أن هذا القانون يمثل مصلحة للأردن والأجيال القادمة، وإن كان يتسبب بخسائر للبعض لناحية تأثيره على قيمة الرواتب التقاعدية لهم.

والقانون الجديد سيضر بي وبغيري من العاملين، وبلا شك انه يتعارض مع مصلحة كل مستفيد من الضمان على حدة، إلا أن تقييمه لا يخضع لربح البعض وخسائرهم، بل على حجم الضرر الذي سيقع بالموارد المالية للمؤسسة كلما تأخر إقراره.

المتضرر الأكبر من الإبقاء على القانون الحالي، وعدم إصدار قانون جديد وشامل للضمان هم الأجيال القادمة التي لا تجد أحدا يتحدث بصوتها ويذود عن حقها في وجود مؤسسة ضمان اجتماعي قوية ماليا بعد عدة عقود تصون لهم المستقبل كما تفعل الآن لجميع منتسبيها.

وغياب هذا الصوت وتردد البعض في المضي قدما في هذا المشروع الإصلاحي يرتبط بأسباب خاصة وتطلعات ضيقة لا تعني تغييبه، إذ أن مصلحة أولادنا وأحفادنا توجب أن يقدم كل منا تضحيات لنحفظ للمؤسسة مركزها المالي ونعطيها أسباب القوة لتصمد في وجه التحديات المستقبلية.

وإذا ما استغنينا عن النظرة المحدودة ونظرنا إلى فوائد التشريع العامة والشاملة لا سيما بعد أن وسعت المؤسسة قاعدة الاستثناء في القانون بحيث يستثني القانون الجديد كل من تنطبق عليه شروط القانون الحالي، فإن التأخير لم يعد مبررا.

نسخة القانون الموجودة لدى مجلس الوزراء محسنة، حيث ادخل المشرع تعديلات على 18 مادة منه، وأخذت ملاحظات النواب بعين الاعتبار، ومنها إضافة بند يتعلق بالمهن الخطيرة.

إصدار هذا القانون مسؤولية الحكومة، وعواقب التأخير غير محمودة، خصوصا وأن البنود الثلاثة التي أقرتها الحكومة السابقة لم تصلح العطب، ولم توقف نزيف الموارد المالية للمؤسسة جراء التقاعد المبكر.

[email protected]