عودة اللاجئين

في تقرير صحفي للزميلة نادين النمري عن المخيمات العشوائية للاجئين السوريين في عمان، نشرته "الغد" أمس، كشف عدد من اللاجئين عن عدم رغبتهم بالعودة إلى وطنهم، لأسباب عديدة منها ما هو متعلق بالظروف الموضوعية كهدم منزلهم، ومنها الخوف من المستقبل وما يخبئ لهم، ومنها الخوف من التجنيد، أو المحاسبة أو لانعدام الأمن. ورغم أنهم يعانون الأمرين في حياتهم اليومية في المخيمات العشوائية، إلا أنهم لا يفكرون بالعودة إلى وطنهم سورية، للأسباب التي ذكرناها في الأعلى. وقبل ذلك في استطلاع للرأي نفذه مركز نماء للاستشارات الاستراتيجية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعرب 33 % من العينة التي تم استطلاع رأيها من اللاجئين السوريين عن عدم رغبتهم بالعودة إلى سورية، لأسباب إضافة إلى ما ذكر في الأعلى، استقرارهم في الأردن وإيجاد مصدر رزق دائم لهم في الأردن، ووجود ظروف مواتية تساهم ببقائهم. قد يجد البعض الأسباب التي ذكرت مبررا لعدم عودة اللاجئين إلى وطنهم. ولكن عدم عودة اللاجئين إلى بلدهم ووطنهم خطيئة كبرى، حتى ولو كانت هناك أسباب وعوامل تثير خوفهم من مثل هذه العودة. فبالنسبة للاجئين السوريين في الأردن أو في غيره من البلاد، العودة لسورية أصبحت متاحة، وآمنة، وهناك الآلاف عادوا إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم وبدأوا بإعادة إعمارها. أتفهم، أن يطالب اللاجئ وخصوصا من يخشى المحاسبة ضمانات لأمنه، ولكن، أن يرفض التفكير في العودة، فهذا أمر جلل وكبير. نعم، من المؤكد، أن اللاجئين سيعانون من صعوبات وظروفا قاسية عند عودتهم.. فمنازل الكثيرين دمّرت، وسوّيت بالأرض جراء الحرب والاقتتال، ولن يجد اللاجئ الدخل المناسب، أو العمل الذي يؤمّن له حياة سهلة، وسيعاني الكثير، ولكن ذلك لا يمنع من العودة، فاللجوء والبقاء في الخارج وفقدان الوطن أكثر إيلاما من كل المعاناة التي تنتظر اللاجئين في وطنهم. لا أفهم، أن لاجئا يعاني الكثير خارج وطنه، يخشى من نفس المعاناة داخل وطنه، ويقرر عدم العودة، بالرغم من وجود تطمينات من الدولة السورية ومن منظمات دولية بعدم المس بحياته، وبعدم التعرض له، أو محاسبته على الأفعال والأحداث والتصرفات التي وقعت خلال الحرب وفترة الاقتتال. قد تكون ظروف بعض اللاجئين جيدة خارج وطنهم، ولكن الأغلبية تعاني، لذلك عليها اغتنام أي فرصة للعودة حتى ولو كانت تنطوي على معاناة.. فالوطن غال، ولا يجب التخلي عنه لوجود بعض الظروف والعوامل غير المناسبة في هذه المرحلة. لا يمكن احتمال وقبول أن تصبح حالة اللجوء المؤقتة دائمة، فليعد إلى وطنه كل من يتاح له ذلك، فاللجوء أصعب كثيرا من كل الظروف الأخرى.اضافة اعلان