عودة الملك من رحلة العلاج

د. محمد حسين المومني لافت ومثلج للصدر كيف تفاعل الأردنيون مع كامل تفاصيل رحلة علاج الملك منذ بدايات إعلانها وإلى حين عودته سالما معافى إلى أرض الوطن. المشهد برمته يبرهن على مكانة الملك والعرش عند الأردنيين، وكيف أن ذلك ثابت أردني أصيل، وعنوان من عناوين الوطن الكبيرة. بدأ الأمر بالإعلان عن الحالة الصحية لجلالة الملك، وقرار أطبائه الأردنيين إجراء عملية جراحية. انقبضت قلوب الأردنيين عند الإعلان عن ذلك، يخافون على الملك، فهو رمز وطنهم وأردنيتهم. لم يعتادوا هكذا أخبار، فالملك يتمتع بصحة ممتازة والحمد لله وصوره في الرياضة الصباحية مع الجند يطالعها الأردنيون دوما، ولكن خدمته الطويلة قائدا للقوات الخاصة كانت السبب بإحداث انزلاق غضروفي. دعا الأردنيون للملك بالشفاء، ترقبوا الأنباء بشغف عن صحته وعودته، وراقبوا أيضا كم المؤازرة العربية والدولية لملكهم، فكانت شاهدا آخر على ما وصل إليه الأردن وقيادته من حضور مهيب واحترام. نجحت العملية وعاد الملك، فكانت فرحة للأردنيين وهم يطالعون رمز وطنهم يطأ أرض الوطن، لسان حالهم الدعاء والحمد لله، يريدون ملكهم بصحة وعافية يمضي بهم في مشوار الزمان، يخوض معهم وعنهم المعارك، ويواجه الأزمات ليس آخرها ما يتعرض له المقدسيون وفلسطين. كان لافتا أيضا مع غمرة هذه الالتفافة الوطنية والتفاعل مع أخبار صحة جلالة الملك كيف قاد سمو ولي العهد نائب جلالة الملك الدفة، وكان بعين يوجه السياسات ويقوم بمتطلبات العرش ويتأكد أن الأردن يقوم بدوره القومي والديني في قضايا أمته مما يجري في القدس، وبعين أخرى يتابع أحوال سيد البلاد وملكها. هذا هو عنوان الاستمرارية والأمان والاستقرار في بنية النظام الدستوري والملكي الأردني، تشعر أن المؤسسية والعرش فيهما استقرار وثبات يعملان كصمام أمان للديمومة المؤسسية. كان لوجود جلالة الملكة أم الحسين دور في طمأنة الأردنيين، فقد رافقت ملكنا في مصابه وطمأنتنا عليه بين حين وآخر، رعت رفيق دربها وأب الأردنيين، فكان لها منا الحب والشغف، فهي رفيقة جلالة سيدنا ومصدر سكينته، ووالدة ملكنا القادم الحسين، قدمت وما تزال تقدم عملا إنسانيا وطنيا نبيلا، رأينا جزءا يسيرا منه في بدايات رمضان، من تسيير لرحلات العمرة، لعمل إفطارات لأردنيين وأردنيات، للأخذ بيد الشباب والأردنيين الرياديين الصاعدين... فعلت وتفعل ذلك في مساحات الوطن كافة وعلى امتداد أبنائه. هي ملكة البلاد التي صبرت على كثير من الظلم، أنصفها الزمان والأردنيون الشرفاء، الذين يرون الحقائق دون تضليل أو تزييف أو تحريض. يحب الأردنيون الملك ويتفانون في خدمة عرشه، يشعرون أنه منهم ولهم، يقف على مسافة واحدة من الجميع، يمثل القيم الأردنية والعربية والإسلامية الحقة، من نبل ومصداقية وشجاعة وشورى واجتهاد وسعة صدر وإيثار وتفان في خدمة الأمة والشهامة والمروءة لنصرة مستضعفيها. هذا هو الأردن وهذا هو ملكه وتلك هي القيم التي جبلوا عليها، يحتكمون لها عند كل قرار وأمام كل محك. ما أعظم وأنبل أن تكون أردنيا... الحمد لله على السلامة سيدنا. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان