عيسى عساف.. ‘‘مدرب حياتي‘‘ يقدم محتوى يخاطب العقل ويحفزه

المدرب عيسى عساف-(من المصدر)
المدرب عيسى عساف-(من المصدر)

إسراء الردايدة

عمان- قبل فترة ليست بالبعيدة، انطلق المدرب عيسى عساف بمشروعه "أفخم سنة لهلأ"، من خلال إطلاق فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبث محتوى يخاطب العقل والعاطفة بأسلوب ذكي، يعيد للفرد ثقته وبلغة مبسطة، تسهم في إحداث التغيير والتأثير.اضافة اعلان
فكيف نحول اللامرئي لواقع معاش وكيف نعيش حياة سعيدة، كيف تكون رحلتنا في الحياة أجمل، وكيف نحقق أهدافنا، وحتى كيف نتحكم بمستويات السعادة والرضا والانتقال لمساحة أكبر؟، كل هذه الأسئلة يقدم فيها عساف إجابات لمن يحضر إحدى جلساته أو يستمع إليه وحتى يطرق بابه طلبا للاستشارة التي يقدمها.
ما يقوم به عساف يندرج تحت "التدريب الحياتي"، ويصف عمله بأنه يقوم على مساعدة الناس على عيش علم الإنجاز، وفن السعادة، في حياتهم لبلوغ أهدافهم وجعل تلك الرحلة أقصر ومختلفة، بحيث يتوضح لهم كل شيء.
ولكن من يحتاج لمثل هذا النوع من التدريب؟ عساف يفيد أن من يتعامل معهم ويطرقون بابه من خلال جلسات فردية أو محاضرات تحدث تغييرا جذريا وحتى فيديوهات، يبحثون عن طريق يوصلهم لهدفهم، أو أولئك الذين يريديون الحصول على ما يريدونه في الحياة ويسعون لتطوير ذاتهم بشكل أكبر.
ويدير عساف برامج تحفيزية تسهم في تطوير الذات وأشبه بعصف ذهني عبر الإذاعات المحلية أيضا، فيما يستعد لجلسة تدريب طويلة يمكن أن يسجل بها من يريد تمتد لنهار كامل من أجل إحداث التغيير في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، باسم "LIMITLESS".
ومن خلال حديثه لـ"الغد"، بين عساف أن استشاراته التي يقدمها تشمل مختلف الجوانب الحياتية، ففي العلاقات هنالك من يبحث عن المزيد وآخرون يبحثون عن أمر لا يملكونه، وبعض منهم يبحث عن طرق لزيادة الحب أو إعادته لحياتهم، بينما البعض الآخر ليس راضيا بما لديه، وكل هذا يمكن حله من خلال ترتيب الأفكار وتحديد الأولويات وربط الأمور وسد الثغرات التي يساعد فيها عساف الطرف الآخر على رؤيته.
فيرى عساف مثلا أن الحب في العلاقات يختفي بعد فترة، لأن الجميع يتعامل مع العلاقة بأنها مضمونة، ولا يبذل أي جهد بعد الشعور بالحب والاعتراف به كي يتطور ويستمر، لافتا إلى أن الحب كائن حيوي يجب أن يعمل كلا الطرفين من أجله لينمو ويستمر ويتطور، فالحب في العلاقات لا يقاس بالمدة التي يمضيها الشريكان مع بعضهما بعضا، بل يقاس بمدى وحجم الجهد المبذول للحفاظ عليه.
فالعلاقة تعني وجود رابط بين اثنين تم تأطيرها وتعريف المشاعر المتبادلة بينهما، وهي التي يتم بذل الجهد من أجلها، فيما يعتبر أن أي مشاعر لم تتحدد بعد تدخل تحت باب "ما قبل العلاقة"، والتي إن لم يتم اتخاذ فيها إجراء واضح ومبادرة بدون أي تصريح من كلا الطرفين تصبح مضيعة للوقت واستهلاكا للمشاعر، وبخاصة أن الأمر يتطلب شجاعة كبيرة للاعتراف بما يشعر كلاهما وأن يتخذا قرارا بناء عليها.
ويلفت عساف إلى أن مثل هذا النوع من المشاعر والعلاقات التي لم تتطور بعد تتطلب حديثا مباشرا من القلب إلى القلب، وتختلف القدرة على إجرائه من فرد لآخر، لأن الأغلب سيشعر بالخوف من التعبير والاعتراف، خوفا من الرفض وخوفا من عدم أن يبادله الطرف الآخر المشاعر أو من أن يمضي وقته وحيدا بدون رفيق.
والباحث عن النجاح أيضا له معادلة سحرية، فالنجاح، وفقا للمدرب عساف، لا يرتبط بوقت زمني، معتبرا أنه بمجرد التفكير بالحياة التي نريد وكيف سننظر لها وأن يكون آخر يوم نحياه هو غدا، أمر عميق، وبناء عليه يتم التحول والتغيير الذي يبذله الفرد لجعل حياته ذات قيمة ومستحقة، بمعنى أن القرار بيد الفرد نفسه، فبعض الحالات لا تحتاج لوقت طويل، بل لحظي، لأن التغيير يحصل في لحظة، بينما عملية بلوغ التغيير والاستعداد له هي التي تستغرق وقتا فعليا، وكل شيء يترتب على صنع هذا القرار لإحداث فرق.
ولأن الحياة الطبيعية لا مكان للتوتر فيها، يؤكد عساف أن التوتر مرتبط بالخوف من فعل شيء والخوف يكبر شيئا فشيئا بداخل الفرد ليتحول لخوف من الوقت والفشل والتغيير، وهنا، على حد قوله، تتحول الأفكار لمصدر للتعب والتوتر، بسبب الخوف مما هو آت والإغراق بالتفكير بالمستقبل، ناصحا بأن عيش اللحظة الحالية هو الحل الوحيد لكل هذا.
ويعلل ذلك بأن كل ممارستنا الحياتية ترتبط بأفكارنا التي تتمحور حول حياتنا التي نريد عيشها، وللتخلص من مصدر التوتر يتوجب فعليا أن نبذل ولو قليلا لحلها، ويبدأ ذلك بخطوة بسيطة هي تدوين مصدر التوتر، ويحذر من الاستهانة بهذه الخطوة البسيطة، التي تحدث تغييرا كبيرا في الحياة لاحقا، فبضع لحظات فعلية تعني الجدية والالتزام، وهما عنصران أساسيان للتغيير في الحياة الذي لا يأتي بدون بذل جهد، منوها إلى أن أبسط الأشياء تحمل في عمقها أثرا كبيرا.
وكسر الخوف ليس بالأمر السهل، وفقا لعساف، الذي تتنوع خبرته بدورات شملت التدريب العصبي والتحفيزي وفن المخاطبة وعلم النفس، والانخراط بمحاضرات لملهمين يمارسون التدريب الحياتي حول العالم، جعلته مصرا على أن يقدم المساعدة والمشورة لمن يشعر بالحيرة ويبحث عن مخرج حتى وسط زخم التفكير المتناثر داخل عقله، ما يصعب رؤية الصواب أحيانا وإن كان واضحا أمام عينيه.
فالعيش كما نريد، يتطلب تخيل الواقع المعاش، وكيف سيكون في حال قمنا بإحداث التغيير، وتقبله يساعد على اتخاذ القرار بشكل جدي في أغلب الأوقات، وإن خفنا من التجريب، ينصح عساف بعدم التقوقع على أنفسنا، لأنه سيتحول لحاجز يحد من قدرتنا على المواجهة.
ويذكر مثلا كي يتخلص الفرد من الخوف وإضاعة الوقت كي لا يفشل، وهو زيارة المقبرة ولو مرة كي يدرك حينها أن رحلتنا في الحياة ستنتهي فيه، ولن نأخذ معنا أي شيء، وما فعلناه وتركناه هو فقط الذي سيذكرنا ويحمل أثرنا، ولكي لا نكرر أخطاء سابقة، يقع التركيز في مقدمة التغيير، برسم واقع إيجابي وتصديق هذا التصور، فالتقدم في الخطوات الحياتية ذو علاقة وثيقة بالثقة بالنفس وقدرة الدماغ على تحقيق العديد من الأمور الخارقة، بداية من القدرة على اتخاذ القرارات، والقيام بالخيارات الأفضل، والإبداع وقوة الإرادة وحسم الأمور.
ومن أهم الأمور التي يركز عليها عساف في فيديوهاته التي يبثها بشكل أسبوعي تقريبا، ألا نضغط على عواطفنا باختلاف الأفكار التي نناقشها، فهي تجعل من يقدم محتوى مبنيا على خطاب منطقي يخاطب العقل والقلب بتوازن، بدون تعقيد في الشرح أو أسلوب الخطابة الممل، ما يجعله سهلا للتحليل والاقتناع والتأثير.
وبحسب عساف، فإن العواطف أمر لا ينبغي أن نضغطه، لأن الأفكار الواعية جزء من الدماغ، واللاواعي هو من يحلل المعلومات، التي لا نعلمها كاملة، ومن هنا فإن الدماغ يولد العواطف التي نتجنبها أحيانا رغما عنا، وتظهر غالبا في ردود فعلنا العاطفية بشكل كبير، وعليه من المهم ألا نتجاهل مشاعرنا التي تمر بنا، وكأنها تحذرنا مما هو قادم، فهي تحاول إخبارنا بأمر لا نراه بسبب توترنا.
وينصح عساف بأن يركز الفرد على ذاته ويعيش من أجلها لا من أجل الآخرين، لأن أفكارنا تصبح طريقا لبلوغ وجهاتنا، والعقل قابل للتأقلم كما نريد، فخلق بيئة تحول تحدث من لحظة الرغبة بتحطيم الجدار الذي حصرنا فيه أنفسنا لفترة طويلة والعيش ضمن مسلمات بأن المستقبل لا يحمل سوى السلبية، والحقيقة هي أن كل شيء يقع خارج هذه الأسوار التي بنيناها، خوفا من أن نكون على طبيعتنا وأن نسعى لما نريده، لأن المحيط لم يوافق عليه، أو لأننا لم نملك الشجاعة الكافية لنؤمن بأننا قادرون على فعل أمر نحبه ونتقنه وحتى نرغبه.