عُلبة الوزراء!

المسألة أصبحت أشبه بلعبة الطواقي أو الكراسي المتحرّكة وتكرار الأسماء والخيارات من العلبة نفسها، هكذا تبدو الصورة الأوّلية للتعديل الحكومي الوشيك، على الأقل في منهجية التفكير والاختيار، وهذا الذي يعنينا في الموضوع!اضافة اعلان
 نحن نطالب المواطن بإدراك حجم التغيّر في المعادلة السياسية- الاقتصادية، برفع شعارات الاعتماد على الذات والتشغيل لا التوظيف وتحمل كلفة المديونية والعجز. لكن في الوقت نفسه نبقى ندور في إدارة الحالة الاقتصادية والمالية في المربعات السياسية نفسها. بمعنى أنّ الحكومة التي تريد تغيير ثقافة المواطن العادي وتطويرها، سواء على صعيد توقعاته من الدولة أو توقعات الدولة منه، وضبط ثقافته الاستهلاكية، هي نفسها – أي الحكومة- لا تريد أن تتغير في ثقافتها وسلوكها ورؤيتها للأمور.
 هذا المقال استكمال لمقال سابق بعنوان "المسؤول والمواطن" كنّا نقارن فيه بين المسؤولين والوزراء في الدول الأوروبية والغربية، والمثال كان عن النرويج، وبين المسؤولين والوزراء العرب، بخاصة الأردنيين. وقلنا إنّه بالرغم من أنّ المسؤولين لدينا أفضل حالاً من كثير من الدول العربية، وضربنا مثلاً على رئيس الوزراء الحالي والعديد من الوزراء الذين تلتقي بهم في مناسبات عديدة، وهم يقودون سياراتهم الخاصة، بلا سائقين أو حراسات، إلاّ أنّ المطلوب منهجية جديدة أكثر اقتراباً من المواطنين والشارع، على صعيد الاقتصاد في النفقات والاختلاط في الحياة اليومية والعمل الميداني.
 المطلوب أن يشعر المواطنون بأنّ الوزراء والمسؤولين الكبار هم مثلهم تماماً لا توجد حواجز أو فروق طبقية كبيرة، ليس في حضور مناسبات اجتماعية أو بعض المجاملات أو السلوكيات، بل في نمط الحياة نفسه، ومستوى المعيشة.
 لذلك ونحن نتحدث عن التعديل الحكومي كنّا نتمنّى تغيير العلبة قليلاً والتفكير في أسماء أخرى ووزراء ينتمون إلى الأحياء والطبقات الشعبية أو الطبقات الوسطى، ومن جيل الشباب، من المحافظات أو الأحياء الشعبية، لم لا؟ من المبدعين والمتفوقين في مجالات مختلفة ومتعددة! ولماذا لا يكون هنالك وزراء من سكان الزرقاء أو الرصيفة أو حيّ نزال أو حتى أحياء معان والطفيلة، ممن يسكنون وسط تلك الأحياء، ويعانون الظروف المالية والاقتصادية نفسها، لماذا الإصرار على مكانة خاصة للوزير أو المسؤول الكبير، اليسوا من أبناء هذا الشعب وموظفين من أموال الناس وضرائبهم؟!
لماذا يتم تجاهل جيل الشباب بينما العالم يتجه إلى هذا الجيل، فنجد وزراء ورؤساء وزراء ومسؤولين كبارا في مختلف الدول الأوروبية والغربية من الشباب؟ هل المشكلة في الشباب الأردني أم في العيون التي فيها رمد التي لا تراهم بينما هم يبدعون ويتميزون في كثير من الدول العربية؟ المفارقة – التي أشرنا إليها في مقالات سابقة- أنّ الحكومات الأردنية في عقود سابقة – الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات- كانت تتميّز بالعنصر الشبابي، فلماذا اليوم نعكس الآية، وبينما العالم يتجه لهذا الجيل نسير بالعكس!
 إذا كنّا نطالب بتغيير ثقافة الناس فلتتغير أولاً ثقافة الحكومات.