غاز روسيا وحبوبها تهز جميع اقتصادات أوروبا

عواصم - تحاول أوروبا جاهدة تخفيف وطأة لهيب نقص الحبوب والطاقة التي ارتدت عليها نتيجة للعقوبات التي فرضتها دولها والولايات المتحدة على روسيا. وفي محاولة لتجنب سيناريوهات أسوأ أجرى قادة أوروبيون اتصالات هاتفية مكثفة خلال اليومين الماضيين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، لبحث تلك الملفات. وكانت أبزر الاتصالات تلك التي أجراها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فيما يتم التخطيط راهنا لمكالمة هاتفية مطولة بين بوتن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، حيث من المقرر أن يقوم الأخير بعرض جديد من أجل مباحثات السلام بين كييف وموسكو. المحادثات الهاتفية وصفها الخبراء بالمناورة الأوروبية الجديدة لإحياء مباحثات السلام بين موسكو وكييف، في الوقت الذي تحقق فيه روسيا مكاسب ميدانية وتركيز الاهتمام العسكري على شرق أوكرانيا الذي أوشك على السقوط، اضافة لايجاد حلول لنقص الطاقة والحبوب في أوروبا. مكالمة الـ80 دقيقة "وقف السلاح مقابل الحبوب"، هكذا وصف الباحث الروسي في شؤون العلاقات الدولية أليكسي ستاريكوف، المكالمة الأخيرة التي تمت السبت الماضي، مع قادة كل من فرنسا وألمانيا بالرئيس فلاديمير بوتين والتي استمرت قرابة 80 دقيقة. وأكد أليكسي ستاريكوف أن روسيا جاءت في صدارة الدول المصدرة للحبوب، وبالأخص محصول القمح في العالم خلال 2020-2022 بـ37.3 ملايين طن، وسط توقعات بارتفاع أسعاره مقتربة من المستويات القياسية التي سجلتها في عام 2008 وأن تتجاوزها في الأيام المقبلة، بخلاف دفع قيمة الغاز مقابل الروبل والذي هز جميع اقتصادات أوروبا بلا استثناء، وبدأت العديد من الشركات الأوروبية في شراء الغاز بعملة روسيا الوطنية. وأوضح الباحث الروسي في شؤون العلاقات الدولية، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المكالمات الغربية على روسيا تزداد عقب كل تقدم عسكري على الأرض ومع اقتراب حسم الموقف، بخلاف أن أوروبا علمت جيدا أن وسيلة العقوبات والضغط الذي تمارسه واشنطن لا يؤديان إلى نتائج إيجابية، مشيرا إلى حالة الانقسام التي تعيشها القارة العجوز وإخفاقها في التوصل إلى اتفاق حول مقاطعة النفط الروسي. وخلال المحادثة التي أجراها المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الروسي، أصرا على وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، وطالبا بإطلاق سراح المقاتلين الأوكرانيين الذين كانوا مختبئين داخل مصانع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول، والذين أسرتهم القوات الروسية بعد استسلامهم. وقالت الرئاسة الفرنسية عقب الاتصال الهاتفي إن "رئيس الجمهورية والمستشار الألماني طلبا الإفراج عن نحو 2500 من المدافعين عن أزوفستال، وهم أسرى حرب لدى القوات الروسية". أما على الصعيد الروسي، قال الكرملين إن بوتين أبلغ ماكرون وشولتز أن إمداد أوكرانيا بالسلاح أمر "خطير"، محذرا من "مخاطر المزيد من زعزعة الاستقرار وتفاقم الأزمة الإنسانية". وأضاف بيان الكرملين أن بوتين قال أيضا إن موسكو مستعدة للمساعدة في إيجاد خيارات لتصدير الحبوب دون عوائق، بما في ذلك تصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود. وأكد الكرملين على أنه كان هناك "اهتمام خاص" بالمفاوضات بين أوكرانيا وروسيا "التي تجمدت بسبب خطأ كييف"، وهنا يقول أليكسي ستاريكوف إن أوكرانيا تعلم أنه لا سبيل سوى المباحثات السياسية، وهذا ما أشار إليه زيلينسكي الذي قال إن الشخص الوحيد الذي يستحق التحدث إليه هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنه الذي يتخذ جميع القرارات. تطهير الموانئ أولوية مكالمة هاتفية أخرى سبقت مكالمة ماكرون وشولتز مع بوتن، حيث ناقش الرئيس الروسي قبلها بساعات الوضع العالمي مع المستشار النمساوي كارل نهامر، واستمرت المكالمة ما يقرب من 45 دقيقة، حسب الكرملين. وطالب الرئيس الروسي خلال المكالمة بضرورة تطهير أوكرانيا للموانئ من الألغام في أسرع وقت ممكن للمرور الحر للسفن المحظورة، في الوقت التي تزيد فيه الأصوات المحذرة من بداية أزمة غذائية حادة يتعرض لها العالم في غضون أسابيع. من جانبها، تحمّل موسكو الغرب مسؤولية الوضع المتردي في سوق الغذاء العالمي، بسبب فرض عقوبات قاسية، منها تجميد نصف احتياطاتها من النقد الأجنبي، وتطالب برفع تلك العقوبات مقابل السماح لأوكرانيا بإعادة تصدير القمح والحبوب، وفك الحصار عن الموانئ الأوكرانية. إلى ذلك بدأ زعماء الاتحاد الأوروبي قمة استثنائية، أمس تستمر يومين في بروكسل، تركز على أربعة ملفات بارزة، بينها "حرب أوكرانيا" و"الأمن والدفاع المشترك" و"العقوبات الروسية"، وسط قضايا خلافية كعضوية كييف بالتكتل الأوروبي وحظر النفط الروسي. ومطلع الشهر الحالي، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن هذه القمة التي وصفها بالاستثنائية، وكتب في تغريدة على "تويتر"أن جدول أعمال القمة سيستعرض على وجه الخصوص قضايا الدفاع والطاقة وأوكرانيا. تأتي القمة بينما تصعّد القوات الروسية هجماتها في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وسط مناشدات من كييف للولايات المتحدة والغرب لدعمها بأسلحة ثقيلة وتوفير منظومة الإطلاق الصاروخي المتعدد "MLRS". وحول أبرز الملفات على طاولة القمة، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني: "سيتعهد زعماء الاتحاد الأوروبي بمواصلة تسليح وتمويل أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي والالتزام بمساعدة كييف على ممارسة حقها في الدفاع عن النفس". وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "ضخت دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن أكثر من ملياري يورو من الأسلحة إلى أوكرانيا من صندوق مشترك، وأكثر من ذلك بكثير من الناحية الثنائية على الرغم من استهداف روسيا لقوافل الأسلحة الغربية والشكاوى من حرب بالوكالة". وتابع: "يخطط قادة أوروبا لحزمة عقوبات جديدة وتشديد إجراءات الالتفاف على العقوبات وسبل التخلص التدريجي من اعتماد الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز والنفط والفحم الروسي في أسرع وقت ممكن، والتأهب لاضطرابات كبيرة محتملة في الإمدادات ومرونة سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي، من خلال تسريع التخزين قبل الشتاء المقبل، كما سيناقشون الإجراءات القانونية لمصادرة الثروة الروسية في الاتحاد الأوروبي واستكشاف خيارات تهدف إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم إعادة إعمار أوكرانيا".-(وكالات)اضافة اعلان