#غزة تحت القصف

لا يمكن الحديث عن دور الإعلام في العدوان على غزة، من غير التطرق إلى الإعلام المجتمعي، والذي كان سيد المشهد، وصاحب الدور الأكبر في تبيان فظائع الاحتلال في حق المدنيين.اضافة اعلان
على امتداد أيام العدوان، وعلى مدى ساعات طويلة، وخصوصاً في ساعات الليل التي كان يستذئب  فيها العدوان الإسرائيلي، كان الناشطون من غزة يغرّدون بالأخبار، ويكشفون فظائع الاحتلال وكذبه في ادعاءاته بأن لديه بنك أهداف للمقاومة، وأنه يقوم بتصفيتها تدريجياً. الصور التي كان يبثها الناشطون كانت تفضح جرائم الاحتلال، وتفضح حملة التطهير العرقي التي انحدرت إلى أدنى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وفي الوقت الذي كان فيه الناشطون الغزاويون يصورون ويبثون الأخبار، كان هناك الآلاف حول العالم يعيدون توجيه تلك التغريدات، وبالعديد من اللغات، مستخدمين بذلك "وسومات" عدة، أشهرها: "غزة تحت القصف"، وICC4ISRAEL، إضافة إلى ترجماتهما بالعديد من اللغات الأخرى.
ليس لدي إحصائية أو رقم حول عدد التغريدات التي جابت الفضاء الإلكتروني، وأخبرت عما يحدث في غزة من جرائم. ولكن الوسم الخاص بمحكمة جرائم الحرب (ICC4ISRAEL)، كان هو الوسم الأكثر تداولا على "تويتر" الأسبوع الماضي؛ ما يعد نجاحا منقطع النظير لأولئك الناشطين.
في العدوان على غزة، ورغم قساوة الدرس، إلا أنه يكشف لنا عن مدى أهمية الإعلام المجتمعي الذي يقوم به مواطنون عاديون، يكشفون التطورات في بيئتهم المحيطة.
لم يكن الإعلام المجتمعي، هذه المرة، إعلاماً رديفاً، رغم كونه إعلاماً بديلاً، بل كان إعلاماً أساسياً في البحث عن طبيعة الواقع القائم في غزة، من غير أن نلجأ إلى كذب الاحتلال وادعاءاته، ولا إلى مبالغات المقاومة في حربها النفسية ضد المحتل.
كان الناشطون يبثون الواقع لا غير، بالكلام والصورة؛ بما لا يدع مجالا للشك في مدى الصدقية حين يتم عرض جثث المدنيين من أطفال ونساء.
ولكن سلبية معينة برزت في عمل أولئك الناشطين، أو من خلال "مدسوسين" أرادوا التشكيك في صدقيتهم. إذ لجأ بعضهم إلى "استعارة" صور من الحرب في سورية وتحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها من العدوان على غزة، ما أوجد جدلا واسعا في الفضاء الإلكتروني، في حين انبرى بعضهم للتشكيك في كل ما يبثه الناشطون من صور وأنباء.
الترجيح بأن هذا الفعل من فئة مدسوسة، ليس من غير روافع واقعية، فغالبا كان أول من "يكشف" هذا التزوير هو الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، من خلال تغريداته على موقع "تويتر"، أو على يد أشخاص من حلقته أو أصدقائه في تلك المواقع.
لكن الواقع أكد أن أولئك "المندسين" لم يؤثروا كثيرا في صدقية الناشطين الذين تغلبوا على إعلام العدو، وعلى الإعلام العالمي الذي تواطأ مع العدو، وتركوا أدرعي يعيد ويجترّ أقواله حول إرهاب المقاومة، وكشفوا بالصورة كذبه حول مواقع سقوط صواريخ المقاومة في عمق الاحتلال.