غزة تغرق بالدماء من جديد

في الوقت الذي بدأت خزائن بيوت العرب والمسلمين بالامتلاء بالأطعمة استعدادا لشهر طويل من ممارسة الجوع النفسي والشره غير الآدمي، بعيدا عن روح رمضان، وتحضرا لطقوس من الورع والتدين غير الحقيقيين، بدأت سماء غزة تمطر قذائف من المحتل الذي يبدو أنه بات يختار رمضان توقيتا مناسبا لتنفيذ جرائمه، كما فعل في مذبحة العام 2014. ربما يعلم بالخبرة أن العرب سيكونون مشغولين بصيام وقيام الشهر الفضيل، ولن ينتبهوا لبضع مئات يقتلون في القطاع المحاصر!اضافة اعلان
غزة تغرق بالدم من جديد، وهي عزيزة نفس، لذلك تأبى من أن تطلب من أحد أي شيء، فهي تعرف أن العرب اليوم غارقون بالرذيلة حتى آذانهم، ولن يستطيعوا أن يقدموا لها أي عون، وكل ما تطلبه هو أن يتركوها وشأنها من غير أن يتآمروا عليها من جديد، كما فعلوا سابقا عشرات المرات.
غزة تغرق بالدماء، وتودع شهداءها من الأطفال والنساء، وهي تعرف، أن العرب بعيدون كثيرا عن أن يشعروا بوجعها، فهم يخطبون ود المحتل ورضاه، وينتظرون بفارغ الصبر ما الذي ستكشف عنه "صفقة القرن" التي وعدهم بها السيد الأميركي، لعلها تضع حدا للصداع الذي اسمه قطاع غزة، والذي يصر على الدوام أن يكشف عوراتهم أمام العالم كله.
على أكثر من صعيد، يقف القطاع المحاصر شامخا في وجه الاحتلال، وفي وجه الإخوة الأعداء. لذلك، ومن أجل أن تمر صفقة العصر، يبدو أنه من الضروري وضع حد للمقاومة الإسلامية والوطنية فيها، ومعلوم بالضرورة أن أي عدوان عليها سيكون بمباركة كثيرين يرون أن المقاومة لم تعد لغة العصر، وأن الانبطاح وحده هو ما يتوجب أن يكون شعارا لجميع مراحلنا.
ربما لهذا الأمر بتنا نرى الانبطاح مكشوفا، فقد خرجت الأكف المتصافحة مع العدو من تحت الطاولات إلى أمام الكاميرات، ولم يعد هناك ما يجبر أحدا أن يظل على علاقات سرية مع العدو، فقد أضحى اليوم اللعب على المكشوف، ومن دون حياء.. أو كرامة!
نقول للذين ينتظرون رمضان لكي ينالوا المغفرة والجنة.. لن تنالوها، إذا لم تكن أفئدتكم تطير في سماء غزة، وهي الشاهدة والشهيدة، والصابرة في وجه أكبر ظلم تاريخي يمر على أي شعب.
أما للذين ينتظرون وعد السيد ترامب من أجل أن ينتهوا من غزة مرة وإلى الأبد.. فنقول أيضا.. لن تنالوه، فما دامت المقاومة موجودة، فلن يتم إسقاط الحق في الوطن. احفظوا ذلك دائما: تل أبيب، وقبلها واشنطن، تعيان هذا الدرس جيدا.