غزة: وضع قاتم وملفا الإعمار والمصالحة يتأثران بالقرار المصري ضد "حماس"

أحد مشاهد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة-(أرشيفية)
أحد مشاهد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة-(أرشيفية)

نادية سعد الدين

عمان- ينتظر قطاع غزة في قادم الأيام وضعاً أكثر قتامة، وفق مسؤولين فلسطينيين، إزاء "التأثير السلبي المتوقع لقرار المحكمة المصرية بشأن حركة "حماس" في ملفي إعادة الإعمار والمصالحة"، بينما يطلّ شبح الحرب بثقله في مشهد العدوان الإسرائيلي المتواصل.
ويجد الانعكاس الآنيّ لإدراج محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أول أمس "حماس" منظمة إرهابية، تجلياته في معبر رفح الذي لطالما ترك أهالي القطاع رهينة الانتظار اللانهائيّ أملاً في عبور الخط الفاصل بين ساحة الحصار المحكم إسرائيلياً نحو الموئل المصريّ للعلاج والتعلم وقضاء الأمور الحيوية.
وتعدّ مصر المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، والراعي الأساس لملف المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، ولملف التهدئة بين "حماس" والفصائل الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي، مثلكا تشكل الظهير الاستراتيجي الحيوي للقطاع كما تجلى أثناء عدوان الاحتلال 2008/2009.
بيدّ أن توتر العلاقة بين مصر و"حماس" في الفترة الأخيرة ألقى بظلاله السلبية على تلك الملفات مجتمعة، حدّ تعثر لقاء الحركة مع "فتح" الذي كان مقرراً عقده في القاهرة مؤخراً.
وتزامن ذلك مع تصعيد إعلامي مصري ضدّ "حماس"، وإدراج المحكمة، الشهر الماضي، "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكري للحركة، "منظمة إرهابية"، وقضاء محكمة الأمور المستعجلة، في آذار (مارس) الماضي، "بوقف نشاط الحركة وحظر أنشطتها والتحفظ على مقراتها داخل مصر".
أما معبر رفح "فلم يعد يفتح إلا ليوم واحد، أو لثلاثة أيام في الحدّ الأقصى، خلال شهر أو شهرين، لظروف استثنائية فقط"، بحسب القيادي في "حماس" يوسف رزقة.
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، "لا يسمح عادة بعبور المعبر إلا لعدد محدود جداً من المرضى أو أصحاب الإقامة أو لأسباب إنسانية، في حين لا يسافر بعضهم وفق كشوفات وزارة الداخلية في غزة، بل تبعاً للتنسيق المصري".
وأوضح أن "كثيرا من أصحاب الحالات الحرجة من أهالي القطاع يضطرون إلى دفع مبلغ "جانبي" قد يصل إلى 500 أو 1000 دولار لضمان إدراج أسماءهم ضمن لائحة المغادرين"، بحسبه.
ويأتي ذلك وسط "الإشكاليات الخانقة التي تعتري أحوال أهالي القطاع، وفي مقدمتها البطالة، أمام انضمام 40 ألف موظف إلى صفوف العاطلين عن العمل، لتصل نسبة البطالة إلى حوالي 40 %، مع انخفاض المستوى المعيشي والقدرة الشرائية، وتفاقم المشاكل الاجتماعية".
بينما تسربت معوقات تحقيق المصالحة ضمن المسارات الخدمية لمواطني القطاع؛ إزاء ضعف قنوات التواصل بين المؤسسات الحكومية في الضفة الغربية وغزة، وعدم تمكن حكومة التوافق الوطني من أداء مهامها في القطاع، في ظل تجاذب حادّ بين "فتح" و"حماس" حول مسؤولية التعطيل الوظيفي.
وقال رزقة إن "عدوان الاحتلال المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، وحصاره المحكم للقطاع، يشكل السبب الرئيسي في معاناة مواطني غزة".
إلا أن "عدم إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة خلقا مشاكل حياتية لمصالح المواطنين اليومية، بينما يعيش القطاع في فراغ سياسي وأمني وإداري واجتماعي"، وفق رزقة.
وقد أوجد قرار المحكمة المصرية بخصوص "حماس" ظلالاً من الشكً لدى الحركة عن المرحلة القادمة، إزاء "عدم استبعاد المسؤولين فيها للتصعيد من جانب القاهرة".
وقال القيادي في حركة "حماس" صلاح البردويل إن "الوضع الآن تغير بعد التطورات الأخيرة، حيث أصبحنا على جاهزية تامة لاستقبال عدوان أو استعراض للقوة من قبل بعض السياسيين المصريين".
وتابع، في تصريح أمس، "ربما نستقبل ضربات هنا وهناك وربما يُقتل أطفال، إذ يجب أن توضع الأمة كلها أمام هذه الحقيقة".
من جانبه، اعتبر القيادي في "حماس" غازي حمد إن القرار المصري "ضوء أخضر للكيان الصهيوني للاعتداء على غزة".
وقال، في تصريح أمس، إنه "جاء عقب سلسلة طويلة من التحريض"، واصفاً إياه "بالخطير وغير المبرر لإصابته مصير شعب وليس حركة"، و لكونه "لا يصبّ في مصلحة مصر لمعاداته مواقف عربية رسمية وشعبية".
وأكد "عدم تدخل "حماس" في الشؤون الداخلية للدول العربية، بخاصة مصر"، مضيفاً بأن الحركة "لا تقاتل إلا العدو الصهيوني ولا هدف لها سوى التحرر من الاحتلال".
إلى ذلك؛ تطرقت الصحف الإسرائيلية أمس إلى أبعاد القرار المصري، حيث زعم وزير الخارجية الإسرائيلي أفغيدور ليبرمان بأن "قرار المحكمة المصرية جعل إسرائيل في وضع أفضل لإنهاء حُكم حماس".
فيما اعتبر الجنرال في الاحتياط عاموس غلبواع، في مقاله المنشور "بمعاريف" الإسرائيلية، إنّ "قطاع غزة وحماس يعدّان المشكلة الإستراتيجيّة المركزية القريبة التي تشغل إسرائيل منذ سنوات، في المجال الأمنيّ والسياسيّ والإعلاميّ"، على حدّ تعبيره.

اضافة اعلان

[email protected]