غلاء المعيشة يباعد بين الأزواج

غلاء المعيشة يباعد بين الأزواج
غلاء المعيشة يباعد بين الأزواج

 عمان- الغد- زادت أعباء المعيشة التي فرضها نمط الحياة المعاصرة، من المسافة التي تفصل الأزواج عن بعضهم بعضا.

ارتفاع كلف المعيشة، تطلب بحثا عن سبل أخرى للدخل، ما ساهم في تقليص عدد الساعات التي يقضيها الأزواج في بيوتهم، كما ساهم في زيادة تحمل المرأة للأعباء البيتية.

اضافة اعلان

"الفتور يطغى على حياتنا الزوجية"، يقول بندر مزهر المتزوج منذ أربعة أعوام. ويعزي بندر هذا "الفتور" إلى قلة عدد الساعات التي يتواجد فيها بالمنزل، بسبب ازدياد عدد ساعات العمل التي يحتاجها من أجل تأمين متطلبات الأسرة.

ويشفق بندر على وضع زوجته التي يقول أنها "تتحمل مسؤولية كبيرة في محاولة تلبية احتياجات الأطفال"، عدا عن تنازلها عن كثير من الالتزامات الاجتماعية بغية توفير تكاليفها لأمور اكثر اهمية.

أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية د. حسين خزاعي يؤكد أن "العلاقة بين الزوجين تعتمد على مدى استيعابهما للمتغيرات وتأقلمهما معها".

ويحذر خزاعي من تفاقم المشاكل بينهما، والذي قد يؤدي إلى الفشل في استيعاب تلك المتغيرات، كاشفا عن الأمر الخطير وهو إمكانية حدوث الطلاق نتيجة تولد الإحباط عند الاثنين أو أحدهما، بسبب عدم القدرة على توفير متطلبات الأسرة.

ويؤكد أن "دور الأسرة مهم جدا في تحديد الأولويات"، مبينا أن الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون "تحتم التركيز على الأساسيات والاستغناء عن كل ما هو غير لازم". داعيا إلى وضع ميزانية مناسبة لتحديد إنفاق الأسرة.

وتنعكس الظروف المادية الصعبة، التي بدأ يعيشها المواطن على الأسرة، حيث تقول ربة المنزل إيمان الشويكي أنه وفي ظل ارتفاع الأسعار بدأت تفكر في البحث عن عمل لمساعدة زوجها في الانفاق على الأسرة برغم معرفتها بأن ذلك سيؤثر بشكل كبير على اهتمامها بأسرتها وتربيتها لأبنائها.

وتطرح الموظفة ندى خالد جانبا آخر للمشكلة، حيث تؤكد ان الغلاء دفعها وأسرتها إلى الاستغناء عن أبسط مظاهر الرفاهية. وتقول "لم يعد هناك وقت كافٍ لاجتماع الاسرة".

وتؤكد أن حالة نفسية سادت بين الأزواج، سمتها العصبية وعدم الاستقرار "أصبح زوجي يلومني ويتهمهني بالاسراف"، برغم تأكيدها أنها لا تشتري اكثر من حاجة الأسرة.

وتقول أن زوجها يمضي ساعات طويلة في العمل "وبمجرد دخوله المنزل ينشحن الجو بالقلق النفسي بسبب التفكير في المصروفات".

مركز التوعية والارشاد الأسري يعمل على مساعدة الناس على التأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وذلك من خلال تقديم الدعم للأسر، وتنظيم حلقات التوعية والإرشاد، الى جانب محاولة توفير فرص عمل وتدريب لكل فرد قادر على الإنتاج من اجل توفير عيش كريم له.

عدم الاستقرار والتشوش الفكري نتيجة ارتفاع الأسعار لم يعد حكرا على الأزواج، بل تعداه نحو من يخططون للزواج، إذ يشتكي الموظف عبدالرحمن وظائفي من أن الأحوال الاقتصادية حالت دون ارتباطه بخطيبته حتى الآن. ويقول "خططت وخطيبتي للارتباط هذا الصيف، إلا أنني اضطررت إلى تأجيل زفافي ثلاثة أعوام حتى أتمكن من توفير تكاليف الزواج الباهظة".

الخبير الاقتصادي حسام عايش يرى ان "ايجاد مصادر دخل بديلة امر غير يسير"، خصوصا ان نسبة العاطلين عن العمل المسجلة وفقا لمؤشر الناتج المحلي تعطي 14%، وهو ما يجعل حال العاملين ممن يبحثون عن فرص أخرى أكثر صعوبة.

ويؤكد ان التحديات القادمة تفرض الحاجة إلى إيجاد استثمارات مستدامة من اجل استيعاب الباحثين عن العمل.

وينصح عايش أرباب الأسر بوضع اولويات للانفاق وفقا للحاجات الأساسية، واللجوء الى عمل الجمعيات التعاونية كحلول سريعة  لمشكلاتهم، الى جانب ضبط الحركة لتوفير الوقود والمصاريف.

ويعتبر الظرف الحالي فرصة مناسبة للإقلاع عن التدخين للمدمنين عليه، والتقنين في فواتير الهواتف الخلوية، التي بلغت 800 مليون دينار العام الماضي.

ويرى أنه من الممكن وضع برنامج لضبط النفقات شهريا وسنويا لمعرفة حجم معدل الإنفاق العام، وهو ما يجعل المواطن مطالبا بترشيد الاستهلاك بوعي وإدراك كبيرين لتجنب الوقوع في الإسراف غير المبرر.

اخصائي علم النفس د. خليل ابوزناد يرى أن "الزوجات هن أكثر المتضررات"، بسبب تضاعف واجباتهن تجاه أسرهن في ظل امتداد ساعات غياب الزوج عن المنزل.

ويقول أن المرأة بات يتحتم عليها القيام بأكثر من دور واحد باعتبارها صمام أمان الأسرة.

غير أنه يطرح مثالا آخر للزوجات، وذلك ان بعضهن قد يطلبن اكثر من اللازم، ليتحولن إلى "اسلحة دمار شامل"، بحسب تعبيره، ما قد يولد شجارات ونقاشات حادة بين الزوجين، قد تتطور إلى ما لا يحمد عقباه.