غياب التنسيق على المعابر

سلامة الدرعاوي

التطورات السلبية التي شهدتها المملكة في احتواء جائحة كورونا، تدعو للأسف بعد كُل هذا التشدد الذي شهدناه في الأشهر الخمسة الماضية، والذي كلف الاقتصاد الكثير من الخسائر، ناهيك عن الأبعاد الاجتماعية والنفسية التي اصابت شرائح عديدة في المجتمع.اضافة اعلان
نمو حالات كورونا بهذا الشكل المتسارع ينسف كُل الجهود التي بذلت على كافة الاصعدة لاحتوائه، والسبب هذه المرة تراخي الحكومة في متابعة واجباتها بالشكل المطلوب في مواجهة كورونا، والتصدي لبؤر انتشاره المحتملة، فجميع الحالات الجديدة لكورونا تسللت عن طريق المعابر الحدودية التي للأسف غفلت الحكومة عنها رغم التحذيرات المتكررة لها.
نعم كانت هناك على الدوام تحذيرات من خطورة تفشي الوباء عن طريق المعابر، والكُل يتذكر قبل اكثر من شهر تقريبا عندما أمر الملك الحكومة بعمل تقييم لإجراءاتها على المعابر الحدودية بعد اكتشاف حالات كورونا لسائقي الشاحنات، وقتها سارعت الحكومة بالتعاون مع الأجهزة المعنية بوضع كرافانات لحجز السائقين على الحدود وحدثت بعض الإشكاليات لكنها فعلت، وهذا لم يكن ليحدث لولا التوجيهات الملكية التي نبهت لهذه البؤر مبكرا.
في الاسابيع الأخيرة تطور المشهد سلبا في تنامي أعداد حالات المصابين وجميعها تبين انها من عابري مركز حدود العمري وبعدها تطور المشهد في حدود جابر، لتعقد الحكومة اجتماعات استثنائية لمناقشة تطورات المشهد على المعابر، وكأن الحكومة اكتشفت حديثا ان لديها معابر حدودية وهناك حركة يومية كبيرة للشاحنات والبضائع والمركبات، فعلا أمر مؤسف.
سلوكيات الحكومة في التعاطي مع وباء كورونا يجعل المراقب يشعر أن الفزعة هي الأقرب في التعامل من العمل المؤسسي، فجميع اسباب حالات التنامي لكورونا كانت بفعل إما إجراءات الحكومة مثلما حدث يوم توزيع الخبر بالحافلات، او انه نتيجة لغياب التنسيق والمتابعة المؤسسية لعملية احتواء الوباء كما حصل مع المعابر الحدودية مؤخرا والتي قد تعيدنا إلى نقطة الصفر من جديد.
هذا المشهد المؤسف جعل المسؤولين الحكوميين يتبادلون الاتهامات بشكل غير مباشر عن أسباب تزايد حالات الوباء، حتى يستطيع كُل شخص ان يدفع عن نفسه التقصير في هذا المشهد.
نعود ونكرر من جديد، ليست وظيفة الحكومة فقط فرض الحظر الشامل او الجزئي، او عزل المحافظات او تقليل ساعات العمل او غيرها من الافكار السوداوية التي تراوح في بعض اذهان المسؤولين، إنما وظيفتها الاساسية تطبيق اجراءات السلامة والتوعية والتأكد من التزام المجتمع فيها وتكثيف الرقابة على ذلك، مدعومة بإجراءات مدروسة لحفظ السلامة العامة، وفرض العقوبات بالشكل الصحيح على المخالفين، هذه هي وظيفة الجهاز الوزاري الآن، والحديث عن اي إجراءات لإعادة الحظر هو مؤشر فشل كبير على ما قامت به الحكومة خلال الأشهر الخمسة الماضية.
الاقتصاد الوطني لا يقوى أبدا على أي إغلاقات جديدة، فهو من دون ذلك اقتصاد منهك ومحمل بالأعباء المالية التي تكلف الاقتصاد الكثير من الاقتراض الداخلي والخارجي لتلبية تمويل نفقات الدولة المختلفة، فأي تراجع في النشاط الاقتصادي في المرحلة المقبلة سيشكل ضربة موجعة لن تقوى الخزينة على مواجهتها دون تدخل خارجي من خلال دعم صناديق دولية للمملكة.