فاعليات معانية تنتقد السياسات الاقتصادية في تنمية المحافظة وتطالب الحكومة بمعالجة الاوضاع المترتبة

عائلة فقيرة تعيش بأحد الكهوف في لواء البتراء بمحافظة معان -(أرشيفية)
عائلة فقيرة تعيش بأحد الكهوف في لواء البتراء بمحافظة معان -(أرشيفية)

حسين كريشان

معان – أثار تقرير رسمي صدر مؤخرا حول واقع التنمية ونسب الفقر والبطالة في معان تساؤلات وانتقادات فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في المحافظة، بعد أن أظهرت نتائجه أن المحافظة تتصدر أعلى نسب للفقر بواقع 26.6 % مقارنة مع 14.4 على مستوى المملكة.

اضافة اعلان

وترى هذه الفاعليات أن ما أظهره التقرير من ترد لواقع معان التنموي مرده ضعف السياسات الاقتصادية، وعدم استغلال موارد المحافظة بالشكل الأمثل رغم أنها تعد مستودعاً للموارد الطبيعية بموقعها على مفترق طرق محلية ودولية برية وقربها من السكك الحديدية، وكذلك وجود مستوى مقبول من خدمات البنية التحتية، ما يؤهلها لأن تكون عمقا اقتصادياً للمنطقة، يستفاد منه في إعادة تأهيل الموارد الوطنية في المجالات المختلفة ومنها الصناعية والسياحية.
وأرجع خبراء اقتصاديون معانيون ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المحافظة، الى ضعف النشاط الاقتصادي وتدني حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية في معان رغم أنها تربض فوق مخزون من الموارد الطبيعية غير المستغلة.
وقالوا إن الفقر والبطالة متلازمان ولا يمكن عزل منها الآخر، وكلما ارتفعت نسبة البطالة ارتفعت نسبة الفقر، لافتين الى أن سبب ارتفاع هذه النسب يعود للسياسات الاقتصادية الخاطئة، الأمر الذي يثير التساؤل أيضا حول انعكاسات منطقة معان التنموية على المجتمع المحلي ومستوى معيشة المواطنين في تلك المحافظة، إذا ما تم التسليم بدقة الأرقام الواردة في التقرير.
كما أظهر التقرير أيضا أن معان تحتل ثاني أعلى نسبة للبطالة والبالغة 19 % مقارنة بـ12.2 % على مستوى المملكة.
كما جاء في التقرير الذي نشر مؤخرا وأعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي في العام 2013 للمؤشرات الديمغرافية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة ومن أهمها الفقر والبطالة ونفقات الأسرة والصحة والتعليم وسوق العمل والبنية التحتية أن هناك 6 جيوب فقر في المحافظة، وأن عدد الفقراء بلغ 30966 ما يشكل 3.5 % من إجمالي عدد الفقراء في المملكة، وعدد الأسر الفقيرة 3882 أسرة، فيما بلغ عدد الأسر المستفيدة من صندوق المعونة الوطنية 2669 أسرة، لافتا الى انخفاض مستويات الدخل والإنفاق وارتفاع معدل التضخم، حيث بلغ متوسط الدخل السنوي للأسرة 751307 دنانير مقارنة مع المملكة البالغ 882309 دنانير.
ووفق الفاعليات فإن اعتماد الغالبية العظمى من أبناء المحافظة على المداخيل التقليدية كالرواتب الوظيفية والأنشطة الاقتصادية التقليدية الصغيرة، في وقت ما زالت فيه التنمية البشرية في المحافظة في أدنى مستوياتها مقارنة بنظيرتها في المملكة بشكل عام.
وطالبوا الحكومة بضرورة العمل على جذب الاستثمارات للمحافظة لتشغيل أبنائها القادرين على العمل، وكذلك إطلاق برامج تدريبية تساهم في تنمية القدرات والمهارات لدى الشباب، بهدف تمكين أبناء معان من العمل وللتخفيف من نسب الفقر والبطالة.
كما طالبوا بخدمات أساسية وتطوير البنية التحتية لمساعدتهم على إنشاء مشاريع إنتاجية، تؤمن لهم فرص عمل تساعدهم في تخفيض نسب البطالة والفقر، إلى جانب دعم البلديات والجمعيات الخيرية، وشمول جميع المحتاجين من صندوق المعونة الوطنية بالمساعدات، وإيصال خدمات المياه والكهرباء والخدمات الأساسية إلى المناطق التي تشهد تجمعات سكانية.
ويؤكد رئيس بلدية معان الكبرى ماجد الشراري آل خطاب على أهمية تحقيق واستغلال أمثل للموارد المالية المتاحة، لتحسين مستوى معيشة المواطن بمختلف النواحي، فضلا عن الإسراع في تنفيذ المشاريع التنموية التي تعمل على رفع مستوى الخدمات الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة، وإيصال الأثر التنموي السريع لها من خلال التغلب والحد من جميع الصعوبات والعوائق التي تعترض سير عمل تنفيذ عملها، لتحقق أهدافها في التنمية المستدامة.
ويعزو رئيس غرفة تجارة وصناعة معان عبدالله صلاح ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المنطقة إلى تأثير منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وحالة الركود التي تعيشها أسواق محافظات الجنوب، إلى جانب عدم الاستفادة من الشركات الوطنية في منطقة المحافظة في إنعاش الأسواق المحلية وآثارها الإيجابية والخدمية في تقديم الدعم لمؤسسات المجتمع المدني في المنطقة.
وأوضح أن افتقار مناطق الجنوب إلى صناعات إنتاجية على أرض الواقع تساهم في تشغيل المتعطلين عن العمل والحد من الفقر بعكس ما يتم تداوله إعلاميا، مؤكدا على أهمية عدالة توزيع مكتسبات التنمية على كافة مناطق محافظات الوطن، لافتا إلى أن 92 % من الشركات الرأسمالية متواجدة في العاصمة عمان فيما 8 % موزعة على باقي المملكة منها 1 % في مناطق الجنوب.
ودعا رئيس بلدية معان السابق خالد الشمري آل خطاب إلى محاسبة كافة المسؤولين عن عدم استمرارية مصانع "لاندروفر"، ومصنع الزجاج، وشركة المقالع والمحاجر، ومصنع الفلاتر، لافتا إلى أن فشل تلك المشاريع الاستثمارية حرم أهالي المحافظة من فرص عمل بنوا آمالا كبيرة عليها.
ويرى رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الحسين بن طلال الدكتور بسام أبو كركي أنه لا بد من العمل على إقامة المشاريع التنموية الرائدة لتحريك عجلة التنمية، وجلب الاستثمارات الخارجية، لإنشاء العديد من المصانع في منطقة الروضة الصناعية، التي قدمت الحكومة لها كافة التسهيلات الممكنة للمساهمة في توفير فرص العمل لشباب المحافظة الذين ازدادت في صفوفهم البطالة.
وطالب الناشط السياسي الدكتور محمد ابو صالح الحكومة بوضع مشكلة الفقر على محمل الجد ليتدارسها كل المعنيين من ذوي الاختصاص لتشخيص أبعادها ووضع السياسات والحلول المناسبة، وليس الاكتفاء بتشكيل اللجان والتنظير حول آليات وسياسات التي قد تساعد في حل المشكلة لشريحة كبيرة ما تزال تعاني من الفقـر وقرينه البطالة في ظل أعباء إضافية على الدخول المحدودة للفقراء.
وأوضح ماجد المعاني أنه لا بد من إعادة هيكلة رواتب فئات واسعة من الموظفين والمتقاعدين، لافتا إلى أن أحد تعريفات الفقر هو عدم قدرة الدخل على تلبية الحاجات الأساسية، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والغلاء من ناحية، وارتفاع نسبة ضريبة المبيعات على المواد الأساسية من ناحية ثانية، ورفع الدعم الحكومي عن المحروقات.
ويبين أحمد القرامسة أن الارتفاع المتزايد في تكلفة الخدمات الأساسية من تعليم وصحة، وانحسار الوظائف الحكومية في ظل نمو بطيء للقطاع الخاص وفرص العمل فيه، كل هذا يزيد من دائرة الفقر واتساعه في المنطقة.
وكان التقرير قد أوضح أن نسبة العاملين في القطاع العام من سكان المحافظة بلغ43.7 % ، ونسبة العاملين في قطاع السياحة 4.3 %، وعدد المشتغلين 22886، فيما بلغ عدد المتعطلين 5385 شخصا، بحيث بلغت نسبة المشتغلين الأردنيين 18.8 %، ونسبة العمالة الوافدة المرخصة 1.6 % وعدد المؤسسات الاقتصادية العاملة 1482.
وأشار إلى أن نسبة المؤمنين صحيا بلغ 83.2 % مقارنة بـ69.6 %على مستوى المملكة، في حين كان نصيب كل 598 مواطنا سريرا واحدا من عدد الاسرة البالغة 203 في إثنين من المستشفيات الموجودة في المحافظة.
وفي قطاع التعليم بين التقرير أن نسبة التسرب من المدارس بلغت 0.60 وهي بذلك أعلى من مستوى المملكة والتي بلغت 0.34 %، وإنخفاض نسبة النجاح في الثانوية 40.4 %، مقارنه مع نسبة النجاح على مستوى المملكة التي بلغت 49.3 %، الى جانب ارتفاع نسبة الامية، حيث بلغت النسبة في المحافظة 13 %، وهي أعلى منها على مستوى المملكة 7 %، ونسبة التلمذة المهنية 0.2، في حين بلغت نسبة المدارس المستأجرة 28 %.
وفيما يتعلق بقطاع الزراعة أظهر التقرير أن مجموع الثروة الحيوانية بلغ 241020 رأسا، ومجموع المساحة المزروعة في المحافظة 167314 دونما مزروعة بالمحاصيل الحقلية والفاكهة والخضراوات.
ولفت إلى أن عدد زوار المواقع السياحية بلغ 1172624 وعدد العاملين في المنشآت السياحية 1187عاملا.
وأقر التقرير أن تلك المؤشرات تشكل تحديات تنموية، خصوصا فيما يتعلق بارتفاع نسبة الفقر والبطالة ووجود 6 جيوب فقر، وانخفاض نسبة التلمذة المهنية وانخفاض مستويات الدخل والإنفاق وارتفاع حجم الأسرة، وتشتت التجمعات السكانية ونقص الكوادر الطبية من أطباء عامين واختصاصيين وأجهزة طبية. وأشار التقرير إلى جملة من التدخلات للحد والتخفيف من المشاكل التنموية في المحافظة وفق رؤية مستقبلية بحيث يتم الارتقاء بالمحافظة لتصبح أكثر تطورا سياحيا وزراعيا ومنطقة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي في السياحة والثروات المعدنية والطاقة المتجددة، بما يسهم في خلق فرص عمل قادرة على تحقيق الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وتوفير فرص العمل لأبنائها يسهم في تحسين مستوى معيشتهم.

[email protected]