فتيات يحترفن تصليح الهواتف الذكية بأول مشغل خاص بهن في الأردن

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان - بهمة وحرفية عالية وشغف بمهنة لطالما اقتصرت على الرجال؛ يبدع فريق مشغل "Security Mode-تلفونك بامان"، ليكون أول محل نسائي في الأردن متخصص بتصليح الهواتف.
الكادر الذي يقتصر على الفتيات فقط، خضع لدورات متخصصة، واحترفت كل واحدة من العاملات بهذا المجال صيانة وتصليح الهاتف، لتساهم في تعزيز ما تطمح له المرأة دائما: "تلفونك بامان".
ولا يقتصر المكان على كونه محلا تشغيليا لتصليح الهواتف، بل يختزل قصة سيدات احترفن العمل المهني والذي كان مقتصرا على الشباب فقط، ليكون أيضا فرصة لتمكين المرأة الأردنية في المجتمع المحلي وخاصة في مدينة الرصيفة التي يوجد فيها المشغل.
وأبدت الفتيات العاملات رغبة كبيرة في التميز والدقة ليثبتن أن "المرأة باستطاعتها تحقيق النجاح والإتقان في كل فرص العمل المتاحة". وفي تفاصيل المشروع، تقول عبير عازم، وهي من الفتيات العاملات في تصليح الهواتف ومشرفة أيضاً، إن جمعية "أثر" لتنمية الشباب وتمكين المرأة كانت قد طرحت الفكرة حول وجود محل بصبغة نسائية كاملة لتصليح الهواتف للسيدات والرجال في ذات الوقت، وكانت من ضمن اللواتي تم اختيارهن للتدريب.
وعبير الآن هي إحدى العاملات الأربع المتواجدات في المحل الذي يزوره الكثيرون بحثا عن مكان آمن لتصليح الهواتف والذي يمتاز بسرية وخصوصية تامة خلال مراحل التصليح، بعد أن خضعن لما يقارب 120 ساعة تدريبية، وتم توفير دورات لهن في كيفية التعامل التسويقي، وأصبحن يمتلكن شهادات مزاولة مهنة من وزارة العمل، ويعملن على فترتين صباحية ومسائية، ليتمكن من إنجاز عملهن بشكل سريع للزبائن.
وأشارت عبير إلى أنها والفتيات في المحل لديهن القدرة الكبيرة على إصلاح جميع أعطال الهواتف الذكية، على الرغم من وجود آراء معارضة ومؤيدة في بداية العمل قبل عدة أشهر، كونها كانت مهنة حكرا على الرجال فقط، إلا أنهن حصلن على تشجيع من الكثيرين، خصوصا مع أهمية وجود أماكن تستطيع السيدة أن تضع فيه هاتفها للتصليح مع ضمان "الخصوصية"، كون أغلبهن يحتفظن بصور خاصة أو مقاطع فيديو وغيرها من الأمور الخاصة التي باتت تمتلئ بها الهواتف.

فتيات يعملن بالمشغل الخاص بتصليح الهواتف الذكية - (من المصدر)
اضافة اعلان


وتعتقد عبير أن السرعة في التصليح التي تتبعها الفتيات في العمل، لها دور في زيادة إقبال أفراد المجتمع على المحل، كون العمل يتم خلال ساعات أو اقل وأمام الزبون مباشرة، وهذا حفز الكثير من الفتيات للحضور من محافظات أخرى قريبة من أجل تصليح هواتفهن في المحل دون اللجوء إلى "فلترة الهاتف للتخلص من الأمور الخاصة"، كما كان عليه الأمر حينما يصلحن هواتفهن في محلات أخرى عامة.
المشروع التشغيلي للمحل، تعود فكرته في البداية إلى مؤسسة أثر، التي تم تأسيسها في العام 2013، والتي يرأسها الناشط أنس بيليه، الذي بين لـ "الغد" أنها مؤسسة غير ربحية تُعنى بكل ما يخص الشباب الأردني، وتوعيتهم وتمكين المرأة وتوفير البنية التحتية للمشاريع الإنتاجية ليكونوا قادرين ومساهمين في التنمية المجتمعية المستدامة، كذلك في توفير الدعم النفسي الاجتماعي لتخفيف الضغوطات لدى الشباب.
وحول مشروع مشغل "تلفونك بأمان"، يوضح بيليه أن النساء في الرصيفة كما غيرهن، قادرات على العمل بحرف غير تقليدية ويتعمدن إثبات إنفسهن فيها، حيث تبين لنا من خلال استبيان خاص تم فيه توجيه أسئلة عما تحتاجه السيدات حول هواتفهن الخلوية، ليتبين أن 91 % منهن لا يشعرن بأمان عند تصليح الهواتف في المحال المختلفة، بغض النظر عن مدى الخصوصية فيها، خاصة مع وجود قضايا ابتزاز مختلفة تم التوصل لها من خلال وحدة الجرائم الإلكترونية.
عبير وبعد مرور أشهر على عملها في المشغل تبين أنها أحبته كثيرا في هذا المجال، لكونها "مهنة مرنة وتساعد الفتيات وتشعرهن بالأمان عند تصليح هواتفهن"، كل ذلك يحفز على الاستمرار والعمل بحرفية عالية لإثبات الوجود في هذا المجال بالمجتمع الذي "استهجن" هذه الفكرة في البداية.
وما كان يبعث على "الطرافة" في بداية العمل في المحل، كما تروي عبير وجود أشخاص يستغربون وجود نساء يعملن في هذا المجال، كما في المحال التي يتم التعامل معها لشراء قطع التصليح، وسؤالهن بشكل دائم "هل لديك القدرة على العمل والتصليح أو تجريب الشاشات وتشخيص الأعطال"، وغيرها من الأسئلة المتعلقة في هذا المجال، إلا أنهم مع الوقت أصبحوا يتقبلون وجود العاملات في هذا المجال ويتعاونون معهن بشكل كبير.
وتفتخر عبير لكونها مثالا للفتاة التي تثبت وجودها في العمل في أي مجال يمكن أن يكون حرفيا، ومهنيا، وتشغيليا، وهي سعيدة بعملها، ولديها القدرة كما تقول على مساعدة الفتيات اللواتي قد يتعرضن "لقضايا ابتزار إلكتروني"، وتوعيتهن في كيفية المحافظة على صورهن ومقتنياتهن الخاصة على الهاتف.
لذا، يؤكد بيليه أن الفكرة كانت بمشغل يعمل على تأهيل النساء في العمل الحرفي، وتوفير بيئة آمنة لتصليح الهواتف الذكية بأيدي فتيات وبالسرعة المطلوبة، وبطريقة تحفظ لهن الخصوصية خاصة بوجود جهة تنفيذية قائمة على المشروع، حيث تم توفير الدعم من مؤسسة أثر ومؤسسة إنقاذ الطفل.
ويشير بيليه إلى أن أي مشروع يتم تفعيله، يكون عبر قياس أثره النفسي على الناس، لتحقيق مبدأ الدعم النفسي، مؤكدا أن التطلع نحو وجود أشخاص لديهم القدرة على التعامل مع الزبائن بكل حرفية، مؤكدا أن العمل جار لإيجاد فروع أخرى في باقي المدن الأردنية لتعميم الفكرة وايصال الخدمة لأكبر عدد ممكن وتمكين فتيات آخريات كذلك.
ويشار إلى أن مؤسسة أثر لها العديد من الأهداف والأنشطة أبرزها؛ نبذ ومحاربة العنف بأشكاله وخلق حلول وحملات لمحاربته، والتركيز على لبنات المجتمع الأساسية (أسرة، مدرسة، جامعة) عن طريق فعاليات وجلسات وأنشطة متعددة، بالإضافة إلى نشر الإبداع والثقافة.