فرج نتنياهو

قيل، ويقال الكثير عن جوهر مواقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ إلا أنه أثبت مجددا، في الأيام الأخيرة، أنه تتملكه عقلية إرهابية، حتى عناصر اليمين المتطرف، لم يتحملوا ما قام به؛ إذ عمل جاهدا على توحيد أحزاب المستوطنين، ولكن بالذات بشكل يضمن تمثيل لحركة "كاخ" الإرهابية، المحظورة في الكثير من دول العالم، والتي عناصرها ارتكبت، وترتكب أخطر جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين. فمن ينتظر الفرج من نتنياهو، لعله ينتظر قليلا، قبل أن ينشر تغريدة أخرى "عن حق اليهود بكامل فلسطين". فقد رأى المحللون والساسة الإسرائيليون، أن هذا الجهد الذي بذله نتنياهو، وحتى أنه ألغى زيارة إلى موسكو، كي ينفذ مهمته على أكمل وجه، نابع من أنه لا يريد حرق عشرات آلاف الأصوات من أوكار المستوطنين، بشكل يقلل من وزنهم البرلماني في الولاية المقبلة للكنيست. وكي يضمن ثباتا أكبر لحكومته المقبلة. وهذا صحيح بقدر ما، إلا أن ما لا يقوله أولئك في تحليلاتهم وتصريحاتهم، هو أن لجوء نتنياهو لضمان تمثيل حركة "كاخ" الإرهابية، يلائم جوهر عقليته، التي تستفحل خطورتها يوما بعد يوم؛ كيف لا وهو يشعر ببحبوحة، تحت المظلة الممنوحة له، من وراء المحيط. والحديث يجري عن حركة "كاخ" الإرهابية، التي أسسها الإرهابي البائد مئير كهانا، الذي تمت تصفيته في نيويورك في العام 1990. فهذا انتخب عضوا للكنيست في العام 1981. وحينما كان يقف على منصة الكنيست ليخطب، كان كل أعضاء الكنيست يغادرون القاعة، بمن فيهم نواب وقادة حزب "الليكود". وفي العام 1984 حظرت المحكمة العليا مشاركة هذه الحركة في انتخابات ذلك العام، بسبب آراء صاحبها. وحظرت إسرائيل هذه الحركة، صوريا، في العام 1994، في أعقاب مجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل، في شهر شباط ذلك العام، وخلال شهر رمضان المبارك. إلا أن هذا الحظر كان لاحتياجات دولية لا أكثر، فقد أنشأوا حركات بعدها. وهذه الحركة تقدم الدعم الكامل والتغطية القضائية لكل عناصر إرهاب المستوطنين، الذين يرتكبون جرائم قتل، وجرائم ما تسمى "شارة ثمن". وتمثلت هذه الحركة في الكنيست باسمها الجديد، بنائب إرهابي واحد، في انتخابات 2009. ويومها لم يضم نتنياهو الكتلة التي كان بضمنها ذلك الإرهابي لحكومته، بسببه هو. أما اليوم، وبعد مرور 10 سنوات، فإن نتنياهو قدم ضمانات لتحالف المستوطنين الذي تحالف مع هذه العصابة، بأن يضمها لحكومته، ويمنحها حقيبة وزارية مهمة أو أكثر. ولكن هذا لا يعني أن الكنيست سيصبح منذ الآن أشد إرهابا، فالولايات البرلمانية في العقود الثلاثة الأخيرة، جمعت الكثير الكثير من النواب بذات العقلية، التي كانوا يغلفونها بديباجات سياسية، في محاولة تافهة للتجميل. ولكن هذه الحركة هي عنوان واضح لكل إرهاب المستوطنين. في صبيحة يوم العاشر من نيسان (أبريل) المقبل، سنصحو على ذات الكيان، وذات هوية الحكم، ففرص التغيير شبه معدومة؛ لأن بدائل نتنياهو، خاصة التحالف الجديد، يقوده ثلاثة رؤساء أركان سابقين لجيش الاحتلال، في كل جلسة لهم على فنجان قهوة، يتنافسون على من هو مجرم الحرب الأكبر من بينهم. كل هذا يتزامن، مع كثرة مشاهد الهرولة من العرب، ومن "كُتّاب" عرب، على الحكم الصهيوني وزعيمه نتنياهو. ووصلت وقاحة بعضهم للحديث عن "الحق الديني" لليهود بفلسطين كلها. في الوقت الذي يؤكد فيه جمهور واسع جدا من يهود العالم، من المتدينين، أن الصهيونية ركبت موجة الدين، وأن ما تنص عليه التوراة، هو أن "مملكة إسرائيل" لن تقام "مجددا"، إلا بقدوم المسيح لأول مرّة إلى العالم، ولذا فهم يكفّرون الصهيونية، ويعادون كيانها؛ إلا أن أولئك "العرب" أصدروا "فتاويهم" لتبرير وجود هذا الكيان، من نظرة دينية، ما يعني غرقهم كليا بالرواية الصهيونية. وأنا، كمن هو نصيبه من الشعب الفلسطيني المنكوب، أن أكون في قلب الوطن المسلوب، أعيش تحت حراب الصهيونية، وحكم إرهاب الدولة الذي تمارسه، عندي "جوز كلام"؛ وهذه المرّة أقولها باسم الشعب الفلسطيني قاطبة، دون حاجة لتخويل منه؛ أقولها لكل المهرولين، إلى عتبات نتنياهو وعصابته، ولمن "قرر" أن الحق بفلسطين هو لليهود: "حِلّوا عنا".اضافة اعلان