فرحة العيد: مرح طفولي يفسده سوء استخدام الألعاب

طفلة تلهو بالعاب العيد في عمان العام الماضي -( تصوير: محمد ابو غوش)
طفلة تلهو بالعاب العيد في عمان العام الماضي -( تصوير: محمد ابو غوش)

عبدالله الربيحات

عمان- ما إن تطلّ ليلة العيد حتى تقام عشرات المراجيح لينطلق إليها الصغار فرحين بملابسهم الجديدة بعد زيارة الأهل والأقارب وهم يغنون أغانيهم المحببة، وتكون فرحتهم كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار لينفقوها على اللعب وشراء المشروبات والمأكولات الخفيفة.اضافة اعلان
وتقترن مشاعر البهجة والمرح دوما بالملاهي، لكن  كالعادة "لا يخلو الجميل من قبح يفسده" ويقع ما لا يحمد عقباه من كوارث بشرية نتيجة سوء استخدام آلات الترفيه أو لقلة حرص بعض الآباء على أبنائهم، إضافة إلى التدهور الصحي الذي يصيب الأطفال ذوي الأمراض المزمنة وبعض ضعفاء البنية من توابع تضيع متعة الملاهي.
وفي هذا الصدد، يقول أستاذ علم النفس الاجتماعي إبراهيم شحادة إن الملاهي الترفيهية "لها فوائد تعليمية كثيرة للأطفال، منها إكسابهم خبرات جديدة عن طريق الألعاب التي يلعبونها، كما تسهم في تعريفهم على البيئة ومحتوياتها".
وأضاف شحادة أن من مزاياها أيضا "تزويد الطفل بالمهارات وإكسابه قدرات عضلية وحركية ومعرفية يحتاجها، كما تساهم في تنمية ذكائه وتوسع قدرته على حل المشاكل التي تواجهه"، مبينا أنه "عندما يزيد الطفل مثلا سرعة الأرجوحة فقد تنقلب عليه، ولذا عليه أن يتعلم كيف يجعلها مواكبة لحركة جسمه، وكذلك سيارات التصادم التي تعلمه التحكم والسيطرة".
وأشار إلى أن لعب الطفل في مجموعات ينمي الجانب الاجتماعي ويخلق لديه مهارات اجتماعية وتواصل جيد مع الآخرين، مؤكدا أن بعض الأطفال لديهم إفراط في الحركة أو طاقة زائدة ومن المهم أن يتم استخدامها بشكل إيجابي في الألعاب دون خسائر.
وأضاف أن اللعب جزء مهم من العلاج النفسي للطفل، عن طريق لعب المكعبات و"الميكانو" لتنمية الذكاء، إلا أن ثمة أضرارا تتمثل في الألعاب غير المناسبة للسن، موضحا أن "الأرجوحة التي تعتمد على التوازن العضلي تتطلب طفلا سنه كبير نسبيا ولا تكون لديه إعاقة عضلية، ويستطيع الحفاظ على الحركة والتوازن".
وحذر من مخاطر ألعاب القفز من مرتفعات، وتأثيرها على جهاز الطفل العصبي، وأكد ضرورة أن توجد "مراتب اسفنج" حتى لا يصاب الطفل بأي إصابات خطيرة، مشيرا إلى أن أهمية مراقبة ألعاب مدن الملاهي نفسها وإجراء الصيانة الدورية لها وتجديدها والحفاظ على سلامة ألعابها.
من جهتها، بينت طبيبة الأطفال منى أبو جاموس، أن "الأطفال الذين يعانون من الصرع لا تناسبهم الملاهي الخطيرة أو القفز من أماكن عالية، وكذلك من يعاني من الأنيميا إذ لا يصح إجهاده بدنيا، فضلا عن المصاب بأمراض القلب، والذي لا تناسبه الألعاب التي تحتاج للطاقة والمجهود"، مشيرة إلى أن لكل لعبة مشترطات صحية تختلف عن الأخرى.
وحذرت أبو جاموس من الخطورة النفسية والجسدية والبدنية لبعض الألعاب على الكبار أيضا، خاصة ذوي الأمراض المزمنة مثل القلب والضغط، وكذلك الأطفال الذين يعانون من الصرع.
وأضافت أن الضرر النفسي يتزايد عند من يعانون من مرض "الفوبيا" أو الخوف المرضى، وهو ما يكون له تأثير سلبي على حالتهم قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان، مبينة أن هناك شخصيات تحب المجازفة وتجربة كل ما هو جديد.
وأشارت إلى ما تبرزه الأفلام من شخصيات مثل "سوبرمان" و"بات مان" وهو ما يخلق حب المغامرة لدى الأطفال ومحاولة تقليد هذه الشخصيات عن طريق الألعاب كإحدى الوسائل، لافتة إلى حدوث كثير من الإصابات سابقا جراء محاولات تقليد "سوبرمان".
وأوضحت أن "العامل الأساسي لتجنب أي تأثيرات سلبية للملاهي يبدأ من الأسرة وولي أمرها، لكونه على دراية ومعرفة بخصائص أبنائه وقدراتهم وحالتهم الصحية، وتوجيههم بما يحافظ على أمنهم وسلامتهم الشخصية".
وأشارت إلى ضرورة وضع المحاذير التي تبين الخطورة الناتجة عن الألعاب ذات الحجم الكبير في المكان المناسب بجوار اللعبة أو في مدخل الحديقة الترفيهية، وطباعتها أيضا على تذاكر الدخول للتذكير الدائم بها.
وأضافت: "كذلك لا بد أن يراعي الآباء ملاءمة اللعبة لعمر أطفالهم، فلا تطغى رغبتهم في تلبية مطالب الأبناء والترفيه عنهم، على سلامتهم الشخصية والحفاظ على أمنهم، فبعض الألعاب قد لا تناسب عمرهم وقد تعرضهم لمخاطر بالغة، خاصة ألعاب الدوران السريع".
وقالت إن "الضرر لا يقتصر على ألعاب الدوران السريع فقط، بل والألعاب التي تعتمد على الليزر التي تمثل خطرا على جسم الطفل وشبكية عينه بالتحديد، ولهذا السبب لا بد ان تتواجد غرفة للإسعاف في الحدائق الترفيهية لعلاج أي حادث أو خطر قد يتعرض له الطفل بسبب لعبة غير مناسبة لعمره، لكن، في المقابل، يجب على كل الآباء اختيار المكان المناسب لرفاهية أطفالهم بما يناسب أولويات المحافظة على صحتهم الجسدية والعقلية، وأيضا بما يتناسب مع الإمكانيات المادية للأسرة".
من جهتها، أكدت إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي في مديرية الدفاع المدني ضرورة اتباع وسائل الوقاية وانتهاج السلوك الوقائي خلال أيام عطلة عيد ‍الفطر السعيد، تجنباً لوقوع الحوادث التي قد تعكر صفو وفرحة هذه المناسبة الدينية الجليلة.
ودعت، في بيان لها، إلى عدم ترك الأطفال وحدهم داخل المنزل دون رقابة الأهل ‍تجنباً للعبث بمصادر الاشتعال أو التمديدات والأجهزة الكهربائية والأباريز الموجودة ‍داخل المنزل.
كما ‍أكدت ضرورة الالتزام بالنصائح والإرشادات والتعليمات الموجودة في المواقع الترفيهية كمدن الألعاب والمتنزهات، والابتعاد عن ممارسة السباحة في التجمعات والمسطحات المائية والبرك الزراعية، تجنباً لوقوع حوادث الغرق، مشيرةً إلى أ‍نه خلال فترة عطلة العيد تكثر المناسبات وحفلات الزفاف وما يرافقها من قيام البعض بإطلاق العيارات النارية، تعبيراً عن الفرح، حيث دعت المواطنين إلى ضرورة الابتعاد عن هذه الممارسات الخاطئة، لما تخلفه من حوادث مؤسفة تهدد حياة أبناء وبنات المجتمع، ‍ويذهب ضحيتها العديد من الأبرياء في كل عام.