فرصة النواب الأخيرة

في المقابلة الخاصة التي أجرتها "الغد" مع رئيس الوزراء عون الخصاونة، في 21 شباط (فبراير) الماضي، تتكشف النوايا الحقيقية للرئيس حيال موعد إجراء الانتخابات النيابية. الخصاونة "توقع وتمنى" في الوقت ذاته، أن يتسنى استكمال العمل المطلوب لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام.اضافة اعلان
الرئيس بيّن أن الغاية من عدم تحديد الموعد تتعلق بإيمان الحكومة بأهمية الالتزام. مؤكدا أن وضع تاريخ بعينه وعدم الوفاء به سيثير الجدل حول صدقية الحكومة في حال لم يتم الالتزام بالموعد.
بحسب الجدول المعلن من الحكومة، سيقدم قانون الانتخاب، وهو الأخير في منظومة تشريعات الإصلاح، نهاية شهر آذار (مارس) الحالي، لتخلي الحكومة بذلك مسؤوليتها، وتكون قد استكملت ما هو مطلوب منها في هذه المرحلة، رغم أن المعطيات تشير إلى إمكانية أن يكون موعد تقديم قانون الانتخاب قبل قانون المحكمة الدستورية على سبيل المثال.
يبقى الدور الأكبر على مجلس النواب الذي باتت بين يديه اليوم معظم تشريعات الإصلاح، ما يحمّل المجلس مسؤولية تاريخية، سيحاسب عليها في حال تسبب تأخره في إقرار التشريعات بشكلها النهائي في إعاقة مسيرة الإصلاح.
المسؤولية التي يتحملها المجلس لا تقتصر على تأخر إجراء الانتخابات، بل قد يكون اللعب بالوقت كالوقود الذي يُصبّ على حالة الغليان الشعبي، ما يفتح الباب لسيناريوهات مقلقة، ومجلس النواب هو من سيتحمل كلفها العالية على البلد واستقراره.
بعض النواب ينظرون إلى تشريعات الإصلاح وإقرارها والانتهاء منها بمثابة الحكم بإعدام المجلس، خصوصا أن دورهم سينتهي عند هذا الحد.
وهذا التفكير محدود وأناني في الوقت ذاته، كونه يسقط من حساباته المصلحة الوطنية. إذ يظن بعض النواب أن القليل من المكاسب هدف بحد ذاته، ولو كان ذلك على حساب الوطن.
مشكلة تأخير وتعطيل تنفيذ خطة الإصلاح لا تطيل عمر المجلس لبعض الوقت، بل تعني أن وتيرة التشكيك الشعبي بنوايا الإصلاح سترتفع، وسيترافق ذلك مع ارتفاع سقف المطالب.
لذا، على النواب أن يوسعوا مداركهم بخطورة المهمة التي يؤدونها، فالمسؤولية الملقاة على عاتقهم مقدسة، لدورها في بث رسائل تطمين للمجتمع بجدية الإصلاح، وتحديدا ما يتعلق بإجراء انتخابات برلمانية.
والرد على خطط بعض النواب غير المدركين لخطورة الوضع السياسي المحلي يتطلب من الجهات الرسمية التي تربطها علاقة بالنواب، ولا سيما الحكومة من خلال الجلسات المشتركة، أن تتدخل للضغط على النواب من أجل إقرار القوانين المطلوبة خدمة للبلد، وليس لأي طرف آخر.
مرور الوقت لا يخدم الاستقرار، وتجاوز النواب للمواقيت المحددة بدون إقرار قوانين الإصلاح سيؤدي إلى نتائج كارثية، الأمر الذي يحتاج إلى تصعيد وتأهب من الفعاليات الشعبية والرسمية للضغط على النواب لتحقيق الغاية.
شرط النزاهة ووقف التدخلات السافرة في العملية الانتخابية أساس لبدء مرحلة جديدة، خصوصا أن الأردنيين ملّوا من تدخل الجهات الأمنية في مجالس النواب، ما أفقد المواطن الشعور بالثقة بالمؤسسات جميعها.
الأشهر القليلة المقبلة تشكل فرصة أخيرة لمجلس النواب ليؤكد حسن النوايا، ويثبت بما لا يدع مجالا للشك إدراكه لحجم المخاطر التي قد تحيق بالبلد، ويقطع التشكيك بمدى فهمه لما يجري في البلاد.