فريز: الإشارات الإيجابية لنمو الاقتصاد يجب البناء عليها باستمرار الإصلاحات العميقة

محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز - (ارشيفية)
محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز - (ارشيفية)

عمان- الغد- أكد محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور زياد فريز، أن الإشارات الإيجابية للنمو والتعافي يجب البناء عليها في عملية الإصلاحات العميقة للاقتصاد الوطني وإزالة التشوهات.اضافة اعلان
وقال المحافظ، في كلمة له خلال افتتاح الملتقى الخامس للمسؤولية المجتمعية للبنوك أول من أمس، إنه بالرغم من كل المؤشرات الإيجابية التي أظهرها الاقتصاد الأردني، إلا أن البناء على هذه المكتسبات يتطلب منا مواجهة التحديات التي ما زالت ماثلة أمامنا".
 واستشهد فريز بما قاله جلالة الملك بأنه "لن يقوم أحد بإيجاد الحلول لمشاكلنا إلا نحن أنفسنا فلا بد أن نعتمد على إرادتنا وإمكانياتنا وطاقاتنا في مواجهة التحديات أمامنا بعزيمة وتصميم، إذ لا بد لنا من مواجهة الواقع الجديد وتبدل أولويات المجتمع الدولي والتطورات الإقليمية، والتي جعلت من الاعتماد على الذات تحديا أكبر من أي وقت مضى".
وقال فريز "لا بد من تنفيذ الإصلاحات دون تلكؤ والتي أصبحت معروفة للجميع. وإن أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات ستطال آثاره السلبية أمننا الاقتصادي والاجتماعي".
وأكد المحافظ أن مضي الحكومة قدما في تنفيذ خطة التحفيز الاقتصادي والبرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي كفيل بمواجهة الاختلالات الخارجية، المتمثلة بعجز الحساب الجاري، والداخلية المتمثلة بعجز المالية العامة، مشيرا الى ضرورة وقف الهدر في الموارد الاقتصادية المحدودة، والانفاق غير المجدي، والاعفاءات غير المبررة اقتصادياً، ومعالجة التشوه في النظام الضريبي.
وأضاف" كل ذلك سيسهم ايجاباً في تعزيز البيئة الاستثمارية، وتعزيز مرتكزات النمو الشامل، ومعالجة مشكلة الدين العام ووضعه على مسار تنازلي وقابل للاستمرار"
وحول مؤشرات بدء تعافي الاقتصاد الوطني، ذكر فريز عدة مؤشرات من بينها، التحسن الملموس في بعض مؤشرات القطاع الخارجي، وانخفاض التراجع في بعضها الآخر، مشيرا إلى تواصل ارتفاع الدخل السياحي بنسبة %12.7  خلال العشرة شهور الأولى من العام 2017، مقابل تراجع نسبته 1.8 % خلال نفس الفترة من العام الماضي. وكذلك التحسن في الاستثمارات الاجنبية المباشرة الواردة الى المملكة بنحو 30 % خلال النصف الاول من العام، مما رفع نسبتها الى الناتج الى 6 % مقابل 4.7 % خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ومن بين المؤشرات أيضا تسجيل حوالات العاملين معدلات نمو موجبة بلغت 0.7 % خلال الارباع الثلاثة الاولى من هذا العام بالمقارنة مع تراجع نسبته 4.0 % خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ولفت فريز إلى استقرار الصادرات الوطنية، بعد ان تراجعت بما معدله 7.8 % سنوياً خلال عامي 2015 و 2016، واضاف فريز: "هنا أود أن أشير الى حقيقة مهمة تدعونا الى التفاؤل، وهي أن هذا الاستقرار جاء بالرغم من انخفاض اسعار الصادرات بنسبة 8.0 % خلال الثمانية أشهر الاولى، قابلها ارتفاع في الكميات المصدرة بشكل عام بنسبة مماثلة، بالاضافة الى الوصول الى اسواق جديدة".
وحول فتح الحدود مع العراق، أوضح فريز أن ثمة مؤشرات ايجابية تشير الى ان التجارة مع العراق آخذة بالتحسن، مشددا على أن "عودة حجم الصادرات الى العراق الى مستويات ما قبل اغلاق الحدود ستستغرق بعض الوقت، حيث من المؤمل ان نلمس الأثر الايجابي لاستئناف التجارة مع العراق ابتداء من النصف الثاني من العام 2018".
واعتبر فريز أن من مؤشرات التعافي كذلك نمو الإنفاق الرأسمالي وبنسبة 7.4% خلال التسعة أشهر الاولى من العام الحالي، مقابل تراجع نسبته 9.4 % خلال نفس الفترة من العام الماضي. حيث يشكل هذا النمو قوة رافعة للأداء الاقتصادي، ستمتد آثاره الايجابية الى مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة في ضوء توجه الحكومة نحو مزيد من الاعتماد على القطاع الخاص في تنفيذ عدد من المشاريع الرأسمالية، كتكريس لأطر الشراكة مع القطاع الخاص والاستفادة من خبراته المتراكمة، في الوقت الذي سيسهم ذلك في الحد من عجز الموازنة.
وذكر أيضا من المؤشرات استمرار وتيرة النمو في التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص، وبنسبة 7.8 % في التسعة شهور الأولى من هذا العام ، بعد نموه بنسبة جيدة أيضا لنفس الفترة من عام 2016 بلغت 7.5 %.
وأضاف: "مما يثلج الصدر ان هذه الزيادة في التسهيلات توزعت على كافة القطاعات الاقتصادية، لا سيما الانتاجية منها. إذ يعد ذلك من المؤشرات الإيجابية الدالة على إمكانات النمو الاقتصادي في المستقبل. وتأتي هذه التطورات في نفس الوقت الذي نشعر فيه بكل ثقة وباطمئنان الى تطور مؤشرات المتانة المصرفية".
وبين الدكتور فريز أن هذا اللقاء يأتي بعد خطاب العرش الذي افتتح فيه جلالة الملك أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة؛ حيث تضمن الخطاب تشخيصا واقعيا ودقيقا للتحديات التي يمر بها اقتصادنا الوطني، وما تمليه علينا جميعا، حكومة ومؤسسات دولة وقطاعا خاصا، من إجراءات عملية لمواجهتها والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي في المملكة.
وأشار إلى أن خطاب جلالة الملك يدعونا لتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين، وخصوصا من فئات الدخل المتوسط والمحدود، مؤكدا أن الاردنيين "عودونا دائما بإصرارهم وانتمائهم أنهم عند حسن الظن بهم، وكلي ثقة بقدرة الاردن على تجاوز جميع التحديات والعقبات التي يمر بها".
وثمن فريز التزام البنوك الثابت بضوابط العمل المصرفي الآمن والسليم، والحرص على توفير الشروط والإمكانات اللازمة لترسيخ الممارسات المصرفية الفضلى، وحسن إدارة المخاطر بما يرتقي بقدرة البنوك على تحمل الصدمات المحلية والخارجية.
ووفقا لفريز، استمرت السياسة النقدية في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، وزيادة جاذبية الدينار كملاذ آمن للمدخرات المحلية والخارجية.
وأضاف: "وعلى الرغم من تواضع نمو الودائع منذ بداية العام إلا أن الودائع بالدينار، قد زادت منذ نهاية آذار (مارس) وحتى الآن بخمسة أمثال زيادتها في نفس الفترة من العام الماضي، اي بحجم يفوق النصف مليار دينار، على الرغم من بعض العوامل غير المتكررة والتي فسرت في حينه على انها انخفاض في ودائع الدينار، بينما هي في الحقيقة تعود الى عمليات اعادة تصنيف احصائية صرفة، وصفقة شراء أسهم سعودي أوجيه في البنك العربي لمستثمرين اردنيين وغير اردنيين، وبحجم غير مألوف وصل إلى 1.1 مليار دولار. والأصح ان ينظر اليها كمؤشر قوة ودليل على متانة الجهاز المصرفي، وايمان راسخ بأسس الاستقرار النقدي واستقرار بيئة الاقتصاد الاردني على المدى الطويل".
وشدد فريز على "التقدم الملموس الذي سجلته المملكة في تقرير ممارسة الاعمال الصادر مؤخراً عن البنك الدولي، حيث تحسن ترتيب الاردن خمسة عشر مركزاً، من 118 في تقرير العام الماضي الى 103 في هذا العام. وقد جاء هذا التقدم بشكل رئيس بفضل تحسن معيار الحصول على الائتمان بمقدار 26 درجة، نتيجة بدء شركة المعلومات الائتمانية اعمالها اعتباراً من العام الماضي.
وبعد أن أكد فريز على أن الجهاز المصرفي هو شريان التمويل الرئيسي للاقتصاد الوطني، شدد على أنه من الطبيعي أن ينعكس تنامي دور البنوك ونشاطها في الاقتصاد الوطني على زيادة موازية في مسؤولياتها المجتمعية. وتابع: "فلم يعد يقتصر الهدف الرئيس للبنوك على تعظيم الأرباح، بل يتعدى ذلك إلى الالتزام بالمساهمة في تنمية المجتمع، وهو ما يستدعي ضرورة تقييم الأداء الاجتماعي للبنوك، وعلى الدور الذي تلعبه في المساهمة في حل المشكلات الاجتماعية".
وتظهر الأرقام المتاحة، بحسب فريز، زيادة حجم الأموال التي تنفقها البنوك في اطار المسؤولية المجتمعية الى 1.3 % من ارباحها ارتفاعا من 0.8 % عام 2015 وهو ما يستحق الاشادة. داعيا إدارات البنوك بأن لا تدخر جهداً في تخصيص المزيد من الدعم للمجتمعات المحلية. والذي من جهة أخرى يساهم في زيادة درجة الثقة بالبنوك، وينعكس ايجاباً على نشاطها بل وما تحققه من أرباح.
واعتبر فريز أنه "بالرغم من ارتفاع حجم القروض للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وبلوغها نحو 2 مليار دينار، الا ان نسبتها ما زالت متدنية، إذ لم تتجاوز 8.5 % من اجمالي التسهيلات، وهو ما يضع على كاهل البنوك مسؤولية البحث عن السبل المناسبة لتوسيع حجم الإقراض الممنوح لهذا النوع من الشركات".
وشدد فريز على "التمويل المسؤول" الذي تقدمه البنوك، إن كان للأفراد، أو للمؤسسات، او للأنشطة الاقتصادية المختلفة، بحيث لا يتأثر مستوى ونوعية القروض الممنوحة بهدف تحقيق الربح على حساب نوع الأنشطة، الأمر الذي يتطلب زيادة مخصصات القروض المتعثرة مع ما يرافق ذلك من استملاك عقارات لا يمكن التخلص منها.