فقدان الرغبة بممارسة الأنشطة وتنامي الشعور بالتوتر من أهم أعراض إدمان الكحول

فقدان الرغبة بممارسة الأنشطة وتنامي الشعور بالتوتر من أهم أعراض إدمان الكحول
فقدان الرغبة بممارسة الأنشطة وتنامي الشعور بالتوتر من أهم أعراض إدمان الكحول

عمّان- الغد- رغم كون المشروبات الكحولية هي أكثر العقاقير المؤثرة في الجهاز العصبي البشري استعمالا في العالم، إلا أن كثيرا من التصورات الخاطئة، تشوب استخدام هذا العقار، وإساءة استعماله، فعلى سبيل المثال يجهل عديد من الناس حقيقة أن مشكلة إدمان الكحول، هي عبارة عن مرض يتميز صاحبه بانشغاله، وانهماكه بشرب المشروبات الكحولية، وعدم قدرته على التحكم بالمواعيد التي يتناول فيها الكحول أو الكميات التي يتناولها فيها، ومن هنا جاءت أهمية الحديث عن موضوع إدمان الكحول، وأهم علاماته وطرق الوقاية منه وعلاجه.

اضافة اعلان

وتشتمل العلامات والأعراض المرافقة لمشكلة إدمان الكحول على؛ شرب الكحول في السر وبعيدا عن أعين الناس، عدم قدرة الشخص على التحكم بكميات الكحول التي يتم تناولها، فضلا عن النسيان، وعدم القدرة على تذكر بعض الأحداث والمناقشات التي تحدث في الحياة، إضافة إلى الاعتياد على تناول الكحول مع وجبة الغداء، أو قبلها أو بعدها، واعتماد هذا الأمر كأنه طقس من طقوس تناول الغداء، مع الشعور بالانزعاج إذا لم تكن ممارسة هذا الطقس ممكنة.

ومن أعراض إدمان الكحول أيضا، فقدان الرغبة بممارسة الهوايات والأنشطة، التي كانت فيما مضى تدخل البهجة والمتعة إلى حياة المدمن، إضافة إلى الشعور بدافع لا يقاوم، وبرغبة جامحة نحو شرب الكحول، إلى جانب تنامي الشعور بالتوتر والانزعاج، في حال عدم توفر المشروب.

والاحتفاظ بالمشروب في أماكن غير معتادة في البيت أو في السيارة أو في العمل؛ فترى المدمن يحتفظ بزجاجات الكحول تحت السرير، أو في درج المكتب أو في الحقيبة، وتجرع كميات زائدة من المشروبات الكحولية، وتناول الأنواع المركزة منها، والرغبة بالشرب بقصد الشعور بالراحة، والقدرة على ممارسة النشاطات اليومية بشكل طبيعي.

ومن العلامات أيضا، ظهور مشاكل اجتماعية وقضائية ومالية. في حياة المدمن، والاعتياد على الشرب؛ بمعنى الحاجة إلى تناول كميات متزايدة من الكحول، للحصول على التأثير والشعور السابق، والشعور بالأعراض الانسحابية للإدمان في حال التوقف عن تناول الكحول، التي من أهمها: التعرق والرغبة بالقيء والرجفة..، ويلاحظ أن هذه الأعراض تزول، في حال عودة المدمن لشرب الكحول.

أسباب إدمان الكحول

تشير إحدى النظريات العلمية، إلى أن أهم أسباب حدوث مشكلة إدمان الكحول عند بعض الأشخاص، هو خلل يحدث في نسب المستقبلات الكيميائية الموجودة في الدماغ، والتي من أهمها المستقبلات جابا GABA والدوبامين Dopamine.

أما أهم العوامل الأخرى التي من الممكن أن تؤدي بشارب الكحول إلى مشكلة الإدمان فهي:

-ضعف الوازع الديني؛ ذلك أن هذا الوازع يمنع الإنسان من مجرد التفكير بتجربة الكحول ولو لمرة واحدة، وهذا يحميه من التورط بجميع المشاكل المترتبة على ذلك، وبالتالي فإنه مهما تكالبت على الفرد ظروف نفسية أو جسدية أو عاطفية.. قد تفضي بالبعض للهروب إلى الكحول، يظل هذا الخيار معدوما لدى الفرد الذي يتمتع بوازع ديني متين.

- العمر: يلاحظ أن الأشخاص الذين يبدأون بتناول الكحول في سن صغيرة (أي قبل بلوغ السادسة عشرة) أكثر عرضة للتورط بمشكلة إدمان الكحول.

- العامل الوراثي والجينات: تشير بعض الدراسات التي أجريت على بعض العائلات، التي ظهرت فيها هذه المشكلة في أجيال مختلفة، إلى أن العامل الوراثي يساهم في حدوث هذه المشكلة لدى بعض الأفراد دون غيرهم.

- الجنس: الذكور أكثر عرضة من الإناث للتورط بمشكلة إدمان الكحول.

- الاضطرابات العاطفية: يلاحظ أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والقلق المزمن، أكثر عرضة للإصابة بإدمان الكحول.

مضاعفات إدمان الكحول

تثبط الكحول بشكل عام من عمل الجهاز العصبي المركزي في الإنسان، وإن كان يأخذ تأثيرا عكسيا لدى بعض الأشخاص في بداية الأمر، ولكن مع مرور الوقت سيشعر شارب الكحول بالنعاس، كما تؤثر الكحول في قدرة الفرد على التفكير، والشعور واتخاذ القرار الصحيح، بالإضافة إلى أنها تؤثر في قدرة الإنسان على الكلام، وعلى تناسق عمل العضلات الإرادية لديه، وقد يؤدي تناول كميات كبيرة من المشروبات الكحولية في مرة واحدة، إلى غيبوبة.

أما عن المشاكل الصحية التي قد يسببها شرب الكحول بشكل مزمن فأهمها ما يلي:

- مشاكل في الكبد: إذ يسبب شرب الكحول التهابا في الكبد، الذي من أهم أعراضه: فقدان الشهية والغثيان والرغبة في القيء وألم في البطن وحمى واصفرار Jaundice، كما قد يسبب تناول المشروبات الكحولية بشكل مزمن، تشمع الكبد Cirrhosis وتليفه وفشل كبدي مزمن، ما قد يؤدي إلى وفاة المريض، في حال عدم القدرة على إجراء عملية زرع كبد.

- مشاكل في الجهاز الهضمي: تسبب الكحول التهابا في الأغشية المغطية للمعدة، كما أنها تقلل من امتصاص حمض الفوليك Folic acid والثيامين Thaiamin، فضلا عن أن إدمان الكحول يؤدي إلى تدمير البنكرياس.

- مشاكل في الدورة الدموية والقلب: يؤدي إدمان الكحول إلى ارتفاع ضغط الدم، وإضعاف عضلة القلب، الأمر الذي قد يؤدي بالمريض في نهاية المطاف، إلى الإصابة بفشل في وظيفة القلب أو السكتة القلبية.

- زيادة فرص إصابة شاربي الكحول من مرضى السكر، الذين يتناولون الأنسولين بحالة هبوط السكر Hypoglycemia، ذلك أن الكحول تثبط عملية تحرير السكر من الكبد إلى الدم، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في دم المريض، وحدوث حالة هبوط السكر.

- يسبب تناول الكحول ضعف القدرة الجنسية لدى الذكور نتيجة ضعف الانتصاب، واضطراب في الدورة الشهرية لدى الإناث.

- هشاشة العظام: يثبط تناول الكحول عملية بناء العظام، مما يسبب هشاشة في العظام، وزيادة فرص الإصابة بالكسور.

- مشاكل في الأعصاب: يسبب تناول المشروبات الكحولية بصورة مزمنة، مشاكل في الأعصاب الطرفية، وتنمل الأطراف، بالإضافة إلى الخَرف وفقدان الذاكرة.

- زيادة فرص الإصابة بالسرطان: تشير الأبحاث العلمية، إلى أن شرب الكحول بصورة مزمنة، يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بسرطان المريء والحنجرة والكبد والقولون.

المرأة الحامل والكحول

إذا كان لتناول المشروبات الكحولية أثر ضار على صحة الإنسان بشكل عام، فإن ضرره على الجنين أشد وأعظم، ذلك أن الكحول تتسرب إلى الجنين، وتسبب له تشوهات اتفق علميا على تسميتها بمتلازمة الكحول الجنينية.

أما عن العلامات والتشوهات التي تظهر على الطفل المصاب بمتلازمة الكحول الجنينية فأهمها ما يلي:

- قصر القامة وتدني الوزن.

- صغر حجم الرأس.

- ظهور ملامح الوجه بشكل غير طبيعي.

- تشوهات في الأطراف والمفاصل.

- تشوهات في القلب.

- صعوبة الحركة.

- ومع مرور الزمن، تظهر علامات التخلف العقلي على الطفل.

- كما يتميز هذا الطفل بعدم قدرته على التركيز والعصبية الزائدة.

والخطير في الأمر، أن هذه التشوهات لا رجعية، أي أنها دائمة، ولا يمكن الشفاء منها، أما عن سبل الوقاية من إصابة الأطفال بمتلازمة الكحول الجنينية، فتكون باتباع ما يلي:

- امتناع المرأة الحامل، أو تلك التي تخطط للحمل، عن تناول المشروبات الكحولية بشكل تام مهما قلت كميتها.

- على المرأة التي تشعر بأنها تعاني من مشكلة إدمان الكحول، أو تشعر بأنها تتناول كميات زائدة من الكحول، استشارة طبيبها للخلاص من هذا الأمر.

- على جميع النساء بشكل عام، المواظبة على زيارة طبيب النسائية منذ بداية الحمل حتى الولادة؛ وذلك للكشف عن أية عيوب خلقية يعاني منها الجنين.

أما علاج التشوهات الخلقية الجنينية، الناتجة عن شرب الأم للخمور فهو غير ممكن، ولذا يظل القول الفصل هو "درهم وقاية خير من قنطار علاج".

علاج إدمان الكحول

الخطوة الأولى في علاج مدمن الكحول، تكمن في تحديد مدى تورط المدمن، وهو الأمر الذي يحدده الطبيب المختص، كما قد يتضمن علاج مدمن الكحول وصف دواء الدايسلفيرام Disulfiram، الذي يجعل المدمن يشعر بالصداع والغثيان والرغبة بالتقيؤ، وبارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة كلما شرب الخمر، ما يدفعه إلى كره الكحول، والابتعاد عن شربها، حتى لا يصاب بهذه الأعراض.

كما يدخل العلاج النفسي في علاج مدمن الكحول، إذ يبحث الطبيب المعالج عن الأسباب التي دفعت بالمريض إلى إدمان الكحول ويحاول حلها، ولا ننسى أهمية دعم العائلة والأصدقاء للمدمن؛ فهو مريض كغيره من المرضى، يحتاج إلى من يقف إلى جانبه، ويشجعه على مواصلة العلاج، لا إلى من يؤنبه ويحبطه.