فقراء المغاربة يحاربون البرد بـ"الحلزون" و"البيصارة"

مكونات أكلة "البيصارة" - (أرشيفية)
مكونات أكلة "البيصارة" - (أرشيفية)

الرباط- يُقْبِل ملايين المغاربة على تناول مشروبات ووجبات شعبية طمعاً في أن تقيَهم من آثار البرد القارس، الذي يعم منذ أسابيع قليلة العديد من مناطق البلاد، وعلى رأس هذه المشروبات والأكلات التي يتهافت عليها الناس مشروب "الببوش" أو الحلزون، وأكلة "البيصارة" الشهيرة.اضافة اعلان
ويسعى الكثيرون من فقراء المغرب إلى تناول صحون "الببوش" و"البيصارة" كوجبات رئيسية أو مُكملة من أجل طرد "البرد" من أجسامهم، لتوفرها على مقومات غذائية مهمة تمنح طاقة ودفئا كبيرين في الأيام والليالي الباردة، غير أن للأغنياء أيضا "نصيبا" من تهافتهم على الحلزون والبيصارة. وتمتلئ شوارع العديد من المدن المغربية، في فصل الشتاء وخاصة في الأحياء الشعبية، بالعربات المجرورة التي يقدّم عليها الباعة أطباق مشروب الحلزون للزبائن الذين يقفون أحياناً ينتظرون دورهم لأكل "الببوش" وشرب المرق الذي يُطهى فيه، والذي يكون مُحضرا ببهارات وأعشاب خاصة.
وبالنسبة لمحمد بلعيد، بائع لأكلة الحلزون في أحد شوارع الرباط، فإن أغلب زبائنه من الطبقة الفقيرة والشعبية الذين يقصدونه ليس فقط لأكل لحم "الببوش" أو "غلالة" أو "باينو" كما تسمى في بعض مناطق البلاد، بل أيضا لتذوق المرق اللذيذ الساخن.
وقال البائع إنه يُعد أكلة الحلزون بنفسه بمساعدة زوجته في البيت، حيث يُحضر كمية كبيرة من هذا الحيوان الزاحف، ويقوم بعملية تسمى "تصويم" الحلزون من خلال تغطيته في إناء كبير ومنحه مادة النخالة، ليتم بعد ذلك طهيه في قدر من الماء الساخن مع عدد من الأعشاب الصحية التي تحفل بها سوق العطارة بالمغرب.
ويعد المغرب أول مُصدر لحيوان الحلزون في العالم، وخاصة إلى إسبانيا والبرتغال، وتعد القرى والبوادي مخزونا هائلا للحلزون، حيث يقوم شباب ونساء هذه المناطق بجمع أطنان "الببوش" لبيعها إلى أفراد وشركات تعمل على تصديره إلى الخارج.
واعتبر اختصاصي التغذية الدكتور محمد الفايد، أنه إذا كان الكثير من المغاربة يقبلون على أكلة الحلزون لأنها تُشعرهم بالدفء وتساعدهم على تحمل برودة الطقس، ومقاومة الأمراض التي تنشأ عن ذلك من قبيل الزكام والسعال، فإن هؤلاء لا يعرفون في الواقع القيمة الغذائية المذهلة لهذا الحيوان الصغير.
وتابع الفايد أن المغرب يتوفر على مخزون هائل من الحلزون، لكنه للأسف لا يستفيد منه فيما يخص قيمته الغذائية، باعتبار أن لحمه مفيد لمرضى الكولسترول والسكري، حيث يمكنهم تناوله دون خوف من تداعيات، فهو يتوفر على بروتينات خفيفة وأملاح دقيقة تجعله من المنتجات الطبية ذات المقومات الغذائية الرفيعة.
أما بالنسبة لأكلة البيصارة فهي الأكثر انتشارا وشهرة عند فئات كثيرة من الفقراء والطبقات الشعبية بالمغرب، لما لها من فوائد جسدية وصحية خاصة في أجواء البرد القارس، علاوة على رُخص ثمن مكوناتها.
والبيصارة أكلة يتم إعدادها من الفول المجفف المجروش والمطهي مع بعض التوابل ذات النكهة المميزة، وخاصة زيت الزيتون، وذلك بعد أن يتم إزالة قشر الفول، وطحن المكونات لتصير عبارة عن عصيدة شبه سائلة، تؤكل في الفطور صباحا، أو في الوجبات الغذائية وسط النهار أو في الليل أيضا. وتقي البيصارة الجسم من العديد من الأمراض، من قبيل داء سرطان الفم، حتى إن سكان شمال المغرب هم الأقل إصابة بهذا المرض الخبيث بفضل إقبالهم عليها أكثر من غيرهم، وفق إفادات مختصين في العلوم الغذائية. ويزيد من توهج البيصارة وحب الفقراء لها سعرها الرخيص، حيث إن صحنا كبيرا منها يمكن أن يكفي أسرة متعددة الأفراد، دون أن يتجاوز ثمن الأكلة ومستلزماتها وموادها 10 دراهم فقط. - (العربية نت)