فلسطين بحاجة لك ولخبرتك!

محمد الشواهين

التسريبات الأخيرة المتعلقة باستقالة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) من رئاسة اللجنة التنفذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومعه عدد كبير من أعضاء اللجنة، أصابت كثيرين من أبناء شعبنا الفلسطيني والعربي بقلق بالغ. علما أن أمين سر اللجنة صائب عريقات، كان نفى ذلك لوسائل الإعلام. اضافة اعلان
وسواء صحت هذه التسريبات أم لا، فإن المراقبين أشاروا إلى ضرورة بقاء الرئيس أبو مازن على رأس المنظمة، كما على رأس السلطة الوطنية والدولة، لأن القضية الفلسطينية برمتها تمر الآن في مرحلة غاية في الدقة، تستدعي عدم رحيل هذه القيادة الحالية، وإلا فإن ضررا بالغا سيلحق بالمكتسبات التي حصل عليها الشعب الفلسطيني، وإن لم ترق إلى مستوى طموح هذا الشعب في الداخل والشتات، والذي يناضل مع قيادته منذ اتفاقية أوسلو وقبلها للتقدم، ولو خطوة بعد خطوة، لتحقيق ما يصبو إليه من تحرر وزوال للاحتلال، ومن ثم إقامة الدولة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، أو القدس الشرقية؛ فهما سيّان.
نفهم أن للشعب الفلسطيني حقوقا مسلوبة منذ النكبة وحتى يومنا هذا. والكفاح الفلسطيني لم يتوقف منذ ذلك الوقت؛ ترتفع وتيرته تارة وتنخفض تارة أخرى تبعا للظروف والأحوال، يحدو الفلسطينيين أمل كبير مصحوب بالإرادة والتصميم على استرداد هذه الحقوق المسلوبة وإن طال الزمن، وفق مقولة "ما ضاع حق وراءه مطالب".
حكومة بنيامين نتنياهو بدورها أعلنت أكثر من مرة أن الرئيس عباس لم يعد شريكا في العملية السلمية. وهو كلام مردود عليه من أصدقاء الإسرائيليين قبل أعدائهم. إذ من الواضح أن لدى الرئيس الفلسطيني كل النوايا الصادقة للتوصل إلى سلام عادل شامل، في إطار استراتيجية وطنية متفق عليها عربيا ودوليا. وقد كان شمعون بيريز، عندما كان رئيسا لدولة إسرائيل، قد رد بنفسه على نتنياهو قائلا: أبو مازن يعمل من أجل السلام؛ نافيا ادعاءات نتنياهو وزمرته المتطرفة.
على ضوء ما تقدم، ليس من المقبول إطلاقا أن يُقدِم الرئيس عباس في هذه الظروف العصيبة على تقديم استقالته، كي لا تعود القضية الفلسطينية إلى المربع الأول، وهو ما تتمناه بل وتعمل من أجله حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، فنقدم لها بالاستقالة أعظم هدية مجانية لهذا الموسم.
أبو مازن الذي عاصر الثورة الفلسطينية التي قادتها حركة "فتح" في ستينيات القرن الماضي، كان شريكا للراحل ياسر عرفات في النضال المسلح وفي النضال السياسي سواء بسواء. وعندما اختاره الرئيس عرفات، رحمه الله، رئيسا للوزراء أو نائبا له، فإن ذلك لم يأت من فراغ أو من قبيل الصدفة. وعندما ترتفع الآن الأصوات العاقلة المدركة لدقة المرحلة من أجل بقاء الرئيس عباس على رأس هذه المؤسسات الفلسطينية مهما كلفه ذلك من تضحيات، فإن ذلك ليس "من أجل سواد عيونه"، بل هي الحاجة الماسة والضرورة الملحّة، وفوق ذلك كله المصلحة الوطنية العليا لفلسطين وقضيتها، مع إدراك الجميع، من محبيه ومبغضيه، أن الرئيس عباس يتعرض لضغوطات محلية وعربية ودولية تعجز الجبال عن حملها. وهذا الكلام يقوله كل منصف وصاحب ضمير.
اليوم، لا بأس من إعادة النظر في أطر منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، بهدف تطويرها نحو الأفضل، وإعادة هيكلتها حسب المستجدات على الساحة الفلسطينية، لتندرج تحت مظلتها القوى الوطنية الفلسطينية كافة، بما فيها حركة حماس التي لنا عليها مآخذ كثيرة، في طليعتها الانقسام البغيض، لكن من دون المساس بشرعية المنظمة ولا شرعية رئيسها في هذه الظروف العصيبة على أقل تقدير. وللحديث بقية.