ما جرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تعرضت لهجمة بربرية صهيونية، خلال الأيام القليلة الماضية، يؤكد أن قواعد اللعبة قد تغيرت، وأن الأمور على الأرض أصبحت تتخذ منحنى آخر، غير ذلك الذي بقي لعقود طويلة، باتجاه وجود أو وضع اللبنة الأولى لاستراتيجية جديدة، قائمة على أربعة أبعاد، يتمثل الأول بالمقاومة أو الكفاح المسلح، والثاني يتمحور حول انتفاضة الفلسطينيين في الداخل، والثالث يتعلق بالوحدة الفلسطينية، أما الرابع فيرتكز على حملة تضامن دولية قوية.
ويبدو أن الفلسطينيين، باتوا على قناعة تامة بضرورة أن يكونوا أكثر ابتكارًا وتجديدًا بشأن الخطط التكتيكية، في سبيل تحقيق إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وبالتالي دحر الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُعتبر الاحتلال الوحيد في العالم في الوقت الحالي.
إن المقاومة الفلسطينية أو الكفاح المسلح، أثبتت فعاليتها في التعامل مع العدو المتغطرس، خلال الأيام الماضية، فقد استطاعت “دك” تل أبيب بعشرات الصواريخ، الأمر الذي يدل على أن قواعد اللعبة قد تغيرت، إذ لم تستطع الدول التي خاضت حروبًا سابقة مع إسرائيل أن تصل صواريخها وقذائف مدافعها إلى عاصمة الكيان المغتصب.
صحيح بأنه لم يكن لتلك الصواريخ فعالية أو مفعول، بمنظور الحروب، وصحيح أيضًا بأن آلة البطش الصهيونية قد خلفت الكثير من الضحايا والإصابات وتدمير المباني، جراء قصفها لغزة المحاصرة منذ أعوام، إلا أن هناك إيجابية تتمثل باستطاعة صواريخ المقاومة الوصول إلى “مدن” إسرائيلية، كانت قبل نحو عشرة أعوام، لم تستطع حتى النظر إليها.
ثم إن تلك الصواريخ، تُشير إلى التقدم والتطور الذي وصلت إليه المقاومة، إذ كانت قبل أعوام قليلة، لا يتجاوز مدى صواريخها الـ30 كيلومترًا، فضلًا عن أنها كانت تُوصف بـ”الورقية”، لكن الآن يصل مدى بعضها إلى 250 كيلومترا.
أما البعد الثاني، فهو يتمثل بالمواقف البطولية للفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، وهو ما نستطيع أن نُطلق عليه “انتفاضة” ضد المحتل، والتي تؤكد، أيًا كان مسماها، على وحدة الدم والمصير، والتلاحم الكبير بين كل أبناء فلسطين.
لا أحد يُنكر بأن “الانتفاضة”، تُسبب خسائر مادية كبيرة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن أنها تُعيد تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وحقوق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وما يتعرضون له من قتل وتدمير ونهب على يدل دولة الإرهاب المنظم في العالم.
ونستطيع أن نُقدم “الشكر” لإسرائيل، فأبناء الداخل الفلسطيني بمن فيهم المتواجدون على أراضي الـ48، تجمعوا على كلمة واحدة محورها الأساس هو رفض سياسات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى المبارك وغزة، وإيصال رسالة للكيان الصهيوني والعالم أجمع بأن ما كان يحصل سابقًا، لن يتكرر ثانيًا، وأن زمن الاستفراد الصهيوني في أي جزء من فلسطين، لا مكان له الآن، وهذا هو مربط الفرس.
أما البعد الثالث: المصالحة الفلسطينية، إذ يتوجب على الفلسطينيين نبذ الخلافات جانبًا، وإنهاء الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية، والعمل بكل قوة إلى الوحدة، التي من خلالها يُصبح الفلسطينيون أقوى، ويبدأ الاحتلال بعمل ألف حساب لهم.. فمعلوم لدى الجميع بأن الاتحاد قوة، ناهيك عن أن إسرائيل لن تستطيع التفرد بكل فصيل على حدة، إلا إذا كانوا متناحرين.
ويبقى البعد الرابع: حملة تضامن دولية قوية، إذ يجب التركيز على الرأي العام الأجنبي، وخصوصًا أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، من خلال توضيح الصورة الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وما تقوم به آلة البطش الصهيونية تجاه شعب أعزل، لا يرقبون إلًا ولا ذمة بطفل أو شيخ أو عجوز أو امرأة.
اضافة اعلان