فلسطين: قوانين تخص القضاء في مهب الاحتجاجات

رام الله- رفضت نقابة المحامين الفلسطينيين، مجموعة قرارات لها "قوة القانون" أصدرها الرئيس محمود عباس، في يناير/كانون أو الماضي، وتقول إنها "تمس باستقلالية القضاء". وأيدت عشرات المنظمات الحقوقية والأهلية خطوات النقابة، وطالبت الرئيس الفلسطيني بالتراجع عن مجموعة "قرارات بقوانين"، والعودة لقانون السلطة القضائية الفلسطيني لعام 2002. وفي 11 يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدر الرئيس محمود عباس، 3 قرارات "لها قوة القانون" تضمنت تشكيل محاكم نظامية جديدة، وإنشاء قضاء إداري مستقل على درجتين، وتعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002. كما أصدر قراراً بترقية عددٍ من القضاة، وإحالة 6 قضاة إلى التقاعد المبكر. ويعيش الفلسطينيون منذ 2007 انقساما سياسيا بين حركة "حماس" المسيطرة على قطاع غزة، وحركة "فتح"، ومنذ ذلك الحين يصدر الرئيس الفلسطيني بمراسيم رئاسية، قرارات لها قوة القانون، يُطلق عليها "قرار بقانون". وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، قضت المحكمة الدستورية الفلسطينية بحل المجلس التشريعي، الذي تهيمن حركة حماس على غالبية مقاعده. ** إضراب نقابة المحامين في بيانها الأول يوم 12 يناير/كانون ثاني رفضت نقابة المحامين "المساس بقانون السلطة القضائية" كما رفضت "رزمة (القرارات بقانون) الماسّة باستقلال السلطة القضائية"، الصادرة عن الرئيس الفلسطيني. وقالت النقابة إن "صاحب الاختصاص الدستوري الأصيل بإصدار القوانين الناظمة للشأن القضائي، هو المجلس التشريعي، بعد أخذ رأي مجلس القضاء الطبيعي" . ورأت النقابة في مجمل القرارات "إحكاما لقبضة السلطة التنفيذية على الشأن القضائي، خارج إطار مبدأ الفصل بين السلطات". وفي بيان ثان يوم 17 يناير/كانون بدأت النقابة إجراءات عملية بمقاطعة مجلس القضاء الأعلى، المشكل وفق القرارات الجديدة "باعتباره غير شرعي". كما قررت تعليق العمل أمام كافة المحاكم النظامية والنيابات العامة ليوم واحد مع استثناءات، وأقرت فعاليات احتجاجية أخرى. ثم في 23 يناير/كانون ثاني أصدرت النقابة بيانا ثالثا، أعلنت فيه تعليق عمل متواصل أمام جميع التشكيلات القضائية المستحدثة بموجب القرارات بقانون الأخيرة، إضافة إلى توسيع تعليق العمل بشكل متفاوت لثلاثة أيام طوال الأسبوع، ومضت في إجراءاتها مع دخول شهر مارس/آذار. ** 310 قرارات لها قوة القانون يلخص الحقوقي شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق (حقوقية غير حكومية)، أساس الخلاف حول القوانين بقوله "القانون الأساسي الذي هو بمثابة دستور فلسطين، يجيز للرئيس في فترة عدم انعقاد المجلس التشريعي، وفي حالات استثنائية جدا أن يصدر قرارا بقوة القانون، على أن يخضع القرار لمراجعة المجلس في أول جلسة يعقدها". لكن واقع الحال –يضيف جبارين- أن "الرئيس تحوّل إلى مُشرع، وأصدر أكثر من 310 قرارات بقوانين، وهذا يضرب المؤسسة والأسس الدستورية". ودافع جبارين عن قانون السلطة القضائية الفلسطيني (2002)، وقال إنه "متطور" وصيغ "بعناية عالية جدا" ويضمن استقلال القاضي والقضاء. ورأى جبارين في التغييرات "محاولة للسيطرة والتحكم برئيس السلطة القضائية.. وهذا شيء خطير". وانتقد طريقة التعامل مع القضاة باعتبارهم موظفين. وقال "بالتعديلات الأخيرة أصبح القاضي موظفا عند السلطة التنفيذية، بدل أن يكون مستقلا، ليأخذ قراراته بالعدل، بعيدا عن حسابات الوظيفة ومصدر الرزق والمعيشة". ودعا جبارين المجلس التشريعي القادم إلى "إلغاء كل القرارات بقانون التي صدرت في غياب المجلس". ** التغييرات ونزاهة الانتخابات أما القاضي أحمد الأشقر، المُحال للتقاعد بموجب القرارات الرئاسية الأخيرة، فلا يستبعد أن تؤثر التغيرات على الانتخابات الفلسطينية القادمة. وقال "المطلوب سحب المراسيم، حماية لضمان نزاهة العملية الانتخابية". ومن المقرر أن تجرى انتخابات المجلس التشريعي في 22 مايو/أيار القادم، وانتخابات الرئاسة في 31 يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب. وأشار إلى أن التعديلات الجديدة خولت مجلس القضاء الأعلى "المُعيّن" صلاحية تشكيل محكمة الانتخابات "وهذا يثير القلق". وأوضح أن "وجود سلسلة من العقوبات التي يمكن أن تُفرض على القضاة، بموجب تعديل قانون السلطة القضائية الأخير، سيؤدي إلى زعزعة الثقة بقرارات المحاكم، ويهدد نزاهة العملية الانتخابية برمتها"، في حال اللجوء للقضاء في قضايا تتعلق بالعملية الانتخابية. وتابع الأشقر "لا يجوز تعديل قانون السلطة القضائية الذي ينظم سلطة دستورية كاملة، بقرار بقانون". وأيدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ومجلس "حقوق الإنسان الفلسطيني"، وفصائل سياسية بينها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خطوات نقابة المحامين الفلسطينيين. وشبكة المنظمات الأهلية ائتلاف يضم 140 من مؤسسات المجتمع في فلسطين، فيما يضم مجلس حقوق الإنسان الفلسطيني 12 منظمة. وطالبت الشبكة والمجلس، في بيان مشترك وصل الأناضول "بإلغاء كافة القرارات بقانون ذات الشأن القضائي، وإنهاء كافة آثارها بشكل فوري". وفي ذات السياق، أعلنت حركة حماس، بداية شهر فبراير/شباط الماضي، اعتراضها على القرارات التي اتخذها الرئيس عباس. وفي المقابل، يرفض مجلس القضاء الأعلى، التعليق على الاحتجاجات، لكنه أعرب، في بيان بداية الأزمة "عن أسفه لاستمرار نقابة المحامين في تعطيل العمل أمام المحاكم النظامية". ويقاطع المحامون مجلس القضاء الأعلى المشكل بالقرار بقانون رقم 40 لسنة 2020 باعتباره "مجلس غير شرعي"، ونظموا اعتصامات أمام مقره في مدينة رام الله (وسط). وقال المجلس إن تعطيل النقابة للعمل "يُلحق ضرراً بالغاً بمصالح المتقاضين، ويزيد من القضايا المتراكمة أمام القضاء". ومن جهته، دافع رئيس الوزراء محمد اشتية في تصريحات متلفزة عن المراسيم الرئاسية، وقال إنها "مفيدة في العديد من الجوانب المشرقة". وأضاف "جميع المراسيم والقوانين قابلة لإعادة النقاش في المجلس التشريعي في حال انعقاده".-(الاناضول)اضافة اعلان