فوائد الحوار مع الأطفال

غياب اﻟﺤﻮار ﻓﻲ جميع ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮ اﻟﻄﻔﻞ يؤدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ مدّ جسور التواصل-(أرشيفية)
غياب اﻟﺤﻮار ﻓﻲ جميع ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮ اﻟﻄﻔﻞ يؤدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ مدّ جسور التواصل-(أرشيفية)

عبد العزيز الخضراء*

عمان- عالم الطفل كبير جدًا ولا يمكن الإحاطة به بشكل واسع وعميق، فالطفل يملك من المشاعر والأحاسيس التي لا يستطيع التعبير عنها كالراشد، ولا بدّ من مساعدته على أن يتعلم العيش والتعايش ضمن المجتمع المحيط به.اضافة اعلان
إنّ حاجات الطفل لا تقتصر على الماديّات من طعام وكساء، بل تتعدى ذلك إلى الحاجة إلى تعلم الحياة. والحوار مع الطفل هو أساس مهم في تعليم الطفل طريقة العيش ضمن مجتمعه، فالحوار ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟحديث بين شخصين أو فريقين يتم فيه ﺗﺪاول اﻟﻜﻼم بينهما بطريقة ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ، ﻓﻼ يستأثر به أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ويغلب عليه الهدوء والبعد ﻋﻦ اﻟخصومة.
والحوار ﻫﻮ أﻓﻀﻞ طريقة ﻟﻠﺘﻔﺎهم بين اﻷﻃﺮاف المتباينة اﻟﺘﻲ تربطها مصالح مشتركة، ليتمكن ﻛﻞ ﻃﺮف ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺳﻠﻮك وتصرف الطرف اﻵﺧﺮ، ﻓﺎﻷﻓﺮاد أو اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻌﻰ أو ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻩ تحقيق ﻣﻨﻔﻌﺔ أو ﻣﺼﻠﺤﺔ معينة ﻻ ﺑﺪ أن يكون ﻟﻬﺎ ﻏﺮض ووسيلة وﻫﺪف.
للحوار مع الطفل طريقة معينة وآداب يجب اتباعها في كل الأحوال والالتزام بها:
يلعب اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻷﻃﻔﺎل دورًا أساسيًا ﻓﻲ تربية اﻟﻄﻔﻞ تربية سليمة، ﻓﺎﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻪ ﻓﻮاﺋﺪ كثيرة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮﻩ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، لاسيما أن توجيه اﻷواﻣﺮ يتسبب ﻓﻲ زيادة ﻋﻨﺎد وﻏﻀﺐ الطفل.
أهمية اﻟﺤﻮار ﻣﻊ الأطفال:
إنّ اﻟﺤﻮار يساعد ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺄة اﻷﻃﻔﺎل ﻧﺸﺄةَ سوية وﺻﺎﻟﺤﺔ وبعيدة ﻋﻦ الانحراف اﻟﺨﻠﻘﻲ واﻟﺴﻠﻮﻛﻲ، اﻟﺤﻮار يوجه اﻟﻄﻔﻞ ويكسبه هويته الدينية.
إن غياب اﻟﺤﻮار ﻓﻲ جميع ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ الجامعية يؤدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ مدّ جسور التواصل، فاﻟﺤﻮار بين اﻟﻄﻔﻞ والمحيطين ﺑﻪ يكسبه ﺧﺒﺮات ويوسع ﻣﺪارﻛﻪ الفكرية وينمي ﻋﻘﻞ اﻟﻄﻔﻞ ويساعده ﻋﻠﻰ التعليم وﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث والهوية واﻟﻔﻜﺮ، اﻟﺤﻮار يساهم ﻓﻲ ﺑﻨﺎء شخصية اﻟﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﺿﺪ اﻟﻘﻤﻊ، واﻟﺤﻮار ﺿﺮوري ﻟﺸﻌﻮر اﻷﺑﻨﺎء ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﺮاﺣﺔ النفسية، ويعتبر وسيلة ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ الإﻗﻨﺎع.
يعد اﻟﺤﻮار اﻷﺳﺮي أﺳﺎسًا مهمًا ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت الأسرية الحميمة البعيدة ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺮق واﻟﺘﻘﺎﻃﻊ حيث
1 - يخلق اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ بين اﻟﻄﻔﻞ وأبويه ﻣﻤﺎ يساعدهما إﻟﻰ دﺧﻮل ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺨﺎص، وﻣﻌﺮﻓﺔ احتياجاته ويسهل اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ.
2 - يجعل ﻣﻦ اﻷﺳﺮة ﻛﺎﻟﺸﺠﺮة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻤﺮ ﺛﻤﺎرًا ﺻﺎﻟﺤﺔ طيبة، وﻫﻲ اﻟﺴﻠﻮى ﻟﻬﺬﻩ الحياة.
3 - يتعلم ﻛﻞ ﻓﺮد ﻓﻲ اﻷﺳﺮة أهمية اﺣﺘﺮام اﻟﺮأي اﻵﺧﺮ فيسهل ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ الآخرين.
أﻫﺪاف اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ:
– إﻧﻀﺎج ﻗﺪراﺗﻪ الفطرية وتحريك ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ.
– اﻟﺤﻮار قضية تعليمية ﻣﺘﻌﺪدة اﻷوﺟﻪ والآليات.
– اﻟﺤﻮار ﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث والهوية واﻟﻔﻜﺮ ﻟﻠﻄﻔﻞ.
– اﻟﺤﻮار عملية تربوية لتثبيت وإﻧﻀﺎج المفاهيم الأخلاقية.
مراحل اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ: ﺣﻮار الحديث واﻟﺤﺮﻛﺎت وهي من ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻮﻻدة ﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ.
وفي هذه المرحلة يقوم الوالدان بالتكلم الطويل مع الطفل ومناغاته والاهتمام بحركاته ومكافأته عليها واختيار ألعاب ﺗﻨﻤّﻲ ﻗﺪراﺗﻪ العقلية والجسدية.
تجنب أي ﺣﺮﻛﺔ منافية للأخلاق أمامه.
التحدث مع الطفل بلغة صحيحة وفصيحة وﻛأنه يفهم ما يقال مع عدم إظهار أي ملل منه.
اﻵﺛﺎر التربوية ﻟﻠﺤﻮار ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ العمرية:
1 - تنمية اﻟﻘﺪرات الذهنية ﻟﻠﻄﻔﻞ وتهيئة البيئة الاجتماعية.
2 - اﻹﻋﺪاد اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻤﻌﻨﻮي ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺮة.
3 - اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻄﻔﻞ ﻛﺄﺣﺪ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة الفاعلين والمشاركين.
4 - اﻋﺘﺒﺎرﻩ مرحلة إعدادية ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﺮﺑﻮي الطويل.
يحصل اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ  50 ٪ ﻣﻦ ﻗﺪراﺗﻪ العقلية ﻓﻲ نهاية العام الثالث ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ.
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ الثانية: ﺣﻮار اﻟﺼﻤﺖ واﻹﻧﺼﺎت من سن اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ.
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ يتكلم اﻟﻄﻔﻞ ويعبر ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺰﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻷﺳﺌﻠﺔ وﺑﻨﺎء ﻣﻌﺮﻓﺔ جديدة بطريقة جديدة، وﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻗﺎﻋﺪﺗﻬﺎ الإنصات ﻷﺳﺌﻠﺔ الطفل ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم. فأﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻮاﺑﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻮﻟﻪ، وأداﺗﻪ ﻓﻲ تصحيح فهمه لما يحيط به، والحرص على حصوله على إجابته كي لا يجدها بطريقة ﺧﺎﻃﺌﺔ، أو ﺗﻜﻮن غير صحيحة.
اﻷﺳﺌﻠﺔ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻀﻮر وإﺛﺒﺎت الوجود فتجنب اجابته ﺑﺼﺪق ﻟﻜﻦ ﺑﺬﻛﺎء، وأﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ الجنسية ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ منظومته في فهم ما يدور حوله وهنا يجب الصدق في الإجابة ﻣﻦ غير ﻋﻤﻖ.
ﻓﻮاﺋﺪ اﻹﻧﺼﺎت إﻟﻰ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ:
1 - تنمية شخصية اﻟﻄﻔﻞ.
2 - تنمية ﻗﺪراﺗﻪ اللغوية وتمرينه ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻜﻠﻤﺎت والتعابير الجديدة.
3 - اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺨﺒﺮة واﻟﺘﺠﺎرب.
4 - التدريب ﻋﻠﻰ اﻹﺻﻐﺎء واﻻستماع إﻟﻰ اﻷﺟﻮﺑﺔ.
5 - يؤكد ﺣﻀﻮرﻩ ﻛﺄﺣﺪ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة.
6 - ﺗﺴﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠﻰ التكييف اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺬاﺗﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺣﻮار الراشدين من سن اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ حتى اﻟﺮﺷﺪ.
التأكيد ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻋﻠﻰ أهمية التربية العقلية والإيمانية ﻟﻠﻄﻔﻞ وكيفية ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻔﻬﻮم الإيماني واﻟﻌﻘﺪي دون ترسيخ ﻣﻔﻬﻮم العصبية العمياء والكراهية للغير.
أهم الطرق المتبعة في الحوار مع الأطفال
أوﻻً: طريقة التعليم
ﻫﺬﻩ الطريقة ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ شيوعًا بين اﻵﺑﺎء، حيث يرى ﻣﻌﻈﻢ اﻵﺑﺎء أن مهمتهم اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ حياة اﻟﻄﻔﻞ تعليمه وإرﺷﺎدﻩ وﻫﺬا يحدث يوميًا ﺑﻞ لحظيًا.
ثانيًا: طريقة اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ
في هذه الطريقة يبحث الطفل عمن يفهم مشاكله ويظهر تعاطفه معه لمساعدته على تحملها وتجاوزها، فمثلًا رفض أصدقاء الطفل في المدرسة اللعب معه قد لا تبدو مهمة للكبار ولكن قد تكون مشكلة ذات شأن كبير بالنسبة للطفل.
ثالثًا: أﺳﻠﻮب التشجيع واﻟﺜﻨﺎء
ﻫﺬا ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻄﺮق ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ السلوكيات السليمة لدى الطفل ومكافأته على ما يقوم به من أعمال حسنة.
راﺑﻌا: طريقة التفاوض
والتي يتم فيها عقد اتفاقيات بين الطفل ووالديه حول متطلباته وشروط تحقيقها ومسؤوليته عما هو مكلف به.
ﺧﺎﻣﺴًا: طريقة اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ
وعادة ما يتم اللجوء بكثرة لهذه الطريقة في حالات الانشغال ووجود ما يتهدد الطفل ولاختصار الوقت وضيقه.

*كاتب وتربوي