فيتامين "د".. بين الحقيقة العلمية والتسويق التجاري!

عمان- يحرص الناس في العديد من الدول على تناول مكملات غذائية، لمد الجسد بفيتامين "د" المفيد للعظام، لكن هذا المركب العضوي لا يؤدي مفعولا خارقا كما يتصور كثيرون. ويلجأ نصف سكان الولايات المتحدة وبريطانيا إلى مكملات فيتامين "د" لأجل سد النقص الناجم عن عدم التعرض لأشعة الشمس، وفي عهد الملكة فيكتوريا كان هذا الفيتامين يقدم للأطفال في المناطق الفقيرة بمثابة تلقيح ضد الكساح. أما في الوقت الحالي، فيجري استخدام هذا الفيتامين لعلاج مرض هشاشة العظام وسط مخاوف من تأثير نمط الحياة المعاصر على صحة الناس بسبب المكوث لفترات طويلة في أماكن مغطاة بعيدا عن أشعة الشمس. كما أن مستويات فيتامين "د" في جسم الإنسان تتأثر على نحو كبير بالعوامل الجينية، وبالتالي فإن أشعة الشمس ليست حلا مثاليا. واعتمدت الدراسة على عينة ضخمة شملت بيانات صحية لـ500 ألف شخص و188 ألف حالة كسر في دول عدة بالعالم، ومن نتائج الدراسة أن قلة فيتامين "د" لا تزيد عرضة الإنسان للإصابة بالكسور. فضلا عن ذلك، وجد الباحثون أن تناول مكملات غذائية من فيتامين "د" لم يساعد الأشخاص على تفادي المتاعب الصحية، ولذلك فإن كثيرا مما يشاع في أوساط طبية قد لا يتسم جزء منه بالدقة. وبما أن الجسم يحتاج إلى فيتامين (د) على غرار حاجته إلى فيتامينات أخرى، فإن الدراسة تنصح بأخذ جرعة معتدلة لأن الإكثار قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وتختلف الأوساط العلمية والطبية حول الجرعة التي يحتاجها الإنسان في جسمه، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه الحاجة تتراوح بين 50 و80 نانومول في اللتر الواحد من الدم، ثمة من يقول إن الاكتفاء يتحقق بمجرد بلوغ 30 نانومول في اللتر الواحد من الدم. وأشارت الجزيرة الوثائقية، في برنامج لها، إلى أن تناول وجبتين من السمك أسبوعيا أو التعرض لأشعة الشمس قبل الظهيرة لمدة عشرين دقيقة أو تناول حبة أسبوعيا كاف لإيصال فيتامين (د) الى المستوى المطلوب؛ أي أنه لا داعي لشراء المكملات الغذائية المحتوية على فيتامين (د) لأنه يمكن الحصول عليه من أشعة الشمس أو تناول السمك. فيتامين (د) والجشع التجاري أصبح نقص فيتامين (د) بمثابة شماعة يعلق عليها الأطباء والشركات الدوائية أسباب الكثير من الأمراض، ومن خلال الدراسات التي تمول الأبحاث، يكون نقص الفيتامين (د) عاملا مشتركا بينها حتى أصبح بمثابة موضة العصر بأنه المسؤول عن السكري وأمراض القلب وحتى السرطان، وأن العلاج الأمثل هو تناول أقراص الفيتامين لعلاج مختلف الأمراض. لا ننكر أهمية هذا الفيتامين على الصحة والحماية من الأمراض، إلا أن المبالغة في ربط النقص في الفيتامين بمشاكل صحية وطبية غير المؤكدة هو أمر بحاجة للنقاش، وما يزيد الأمر تعقيداً أن المراجع الطبية لم تتفق كلها على الكمية أو الجرعة اليومية المفترض تناولها من معظم الفيتامينات، بما فيها فيتامين (د). نتائج فيتامين (د) غير مؤكدة على الصحة، وإن النتائج المتعلقة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري ومتلازمة الأيض والأداء البدني واضطرابات المناعة والالتهابات المختلفة والمشاكل العصبية التي يربطها البعض بنقص فيتامين (د) غير مرتبطة بشكل مؤكد مع الكالسيوم وفيتامين (د). كلما ذهبنا شمالاً بالعالم انخفضت نسبة التعرض لأشعة الشمس، وقد تزداد نسبة الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، ومن هذه العلاقة، ظهرت فرضية الدور المهم الذي يؤديه فيتامين (د) في الوقاية من أمراض القلب.. ولكن في النهاية اتضح أن العلاقة الأكبر ترتبط بتفاوت العادات الغذائية أو الصحية بين جنوب وشمال العالم، حسب جمعية القلب البريطانية. أما المؤكد فعلاً بخصوص فيتامين (د)، فهو دوره القوي في سلامة وصلابة العظام وأن نقصه قد يتسبب في لينها لدى الأطفال، وهي الحالة المعروفة بالكساح. الصيدلي إبراهيم علي أبورمان وزارة الصحةاضافة اعلان