فيروس الدعاية

يديعوت أحرونوت

ناحوم برنياع

اضافة اعلان

مدير عام وزارة الصحة، موشيه بار سيمان توف، يقف في غرفة العزل التي خصصت له في شيبا، علم الدولة خلفه، كاميرا امامه. الصحفي بعيد، داني كوشميرو من القناة 12، يسأله عن أداء وزيره، يعقوب ليتسمان. يتفوه المدير العام، بوتيرة الاملاء، بسلسلة من المدائح على مسؤوله. وفي نفس الوقت يبث جسده رسالة معاكسة. والفجوة بين لغة الفم ولغة الجسد تخلق حدثا. هذه هي احدى المرات، التي يفهم فيها ثقيلو السمع ما يقوله المتحدث أفضل مما يحسنه السامعون.
بار سيمان توف هو المتحدث بلسان الكورونا، وجهه. ذات يوم يظهر في كل قنوات الإعلام ويبلغنا ما يحصل، يعلمنا ما لا نفعله، ويحذرنا مما سيأتي. كل من يأخذ وظيفة كهذه على عاتقه يعرف انه يسير على الخيط الرفيع الذي بين الاعلام والدعاية. والمشورة التي كنت سأسديها له لو كانت واحدا من مستشاريه لكانت قصيرة وموجزة: لا تكذب ابدا. رغم الاغراءات، رغم الضغط، رغم التخوف الشديد من فقدان التحكم. المصداقية هي المفتاح. اذا بدأت تزيف، فاول ما ستخونك ستكون لغة الجسد. بعدها يأتي الجمهور: بعضه سيكف عن التعاطي مع ترويجاتك بجدية.
السؤال ما الذي يعتقده المدير العام عن وزيره ليس مهما جدا. في هذه المرحلة كلاهما في رزمة واحدة، كلاهما موقعان على القرارات التي اتخذت، الصحيحة وغير الصحيحة. ليتسمان لم يقرر أي شيء: كان أحد ما فوقه أقر؛ كان أحد ما تحته اطاع.
اناس مركزيون في الوسط الاصولي مصدومون على نحو خاص مما فعلته وزارة الصحة في مسالة المطاهر. وعلمت في نهاية الاسبوع بضعة امور لم اكن اعرفها. فالمطاهر هي جنة عدن للفيروس: فهي تتغذى من مياه الامطار التي تهطل فيها. تلاميذ المدارس الدينية الذين يعيشون في المدارس الداخلية يفترض بهم أن يغطسوا فيها كل يوم: في بعض من المدارس تكون هذه بديلا عن الحمام. الابناء يغطسون جماعة، في ظروف من النظافة الصحية المشكوك فيها. عندما طلب موظفو وزارة الصحة اغلاق المطاهر – كتبت عن ذلك في مقالي في ملحق السبت – رفض ليتسمان التوقيع على المرسوم. لا استطيع، قال. فقرر وزير الداخلية آريه درعي ان يتجاوز ليتسمان. توجه الى الحاخام الرئيس الشرقي اسحق يوسيف وطلب منه اصدار فتوى تحظر الغطس. فاستجاب الحاخام يوسيف، ومدير عام وزارة الاديان اصدر امرا يتناسب مع ذلك.
وفي الغداة، اصدرت وزارة الصحة أمرا خاصا بها، سوغت الغطس في المطاهر. كل ما نحتاجه هو صب مواد تعقيم في المياه. "كانت هذه عملية مضادة ببساطة"، قالت لي شخصية معروفة في الوسط الاصولي، "كان يتعين علينا ان نطيره في اليوم ذاته".
درعي تميز غضبا. هذا لم يمنعه من ان يدافع عن ليتسمان في العلن.
مما يعيدنا الى الفجوة التي بين ما يقوله الناس للميكروفون وللكاميرا وما يقولونه في محادثات خلفية. انتبهوا لما يقوله بعض من البروفيسوريين والدكاترة ممن وقعوا على الخدمة الدائمة في استديوهات التلفزيون. امام الكاميرا او في مقابلة صحفية يتبنى البروفيسور اجراءات وزارة الصحة. وفي توقفات الدعاية يرفضها رفضا باتا. وهكذا ينشأ تقسيم للعمل: المراسلون يقتبسون "مصدرا كبيرا في جهاز الصحة" دوما بن – بدون – اسم، يقول امورا قاسية وعندها يرتدي البروفيسور الدوري سترة الراشد المسؤول، يدير الزوايا ويصالح، وهلمجرا.
لا تفهم لماذا يخاف هؤلاء الاطباء والمدراء اطلاق ارائهم باسمائهم وباصواتهم. فاحد لن يقيلهم. فليقرروا ماذا هم – مصادر معلومات أم أجهزة دعاية. هم لا يمكنهم أن يكونوا هذا وذاك.
النتيجة هي التضليل. في الموضوع الاكثر حرجا من ناحية الاسرائيليين، لم يطرأ على تعليمات وزارة الصحة للجمهور الغفير، باستثناء موضوع الكمامات، عمليا أي تغيير في الاسبوع – الاسبوعين الاخيرين. لم يكن تشدد، لم يكن تخفيف. على الرغم من ذلك، ففي كل مساء تلو المساء نبشر، احيانا بصوت رئيس الوزراء، واحيانا فقط بصوت المدير العام، بتغييرات دراماتيكية. الدراما جيدة للجميع.
باختصار، يخدعوننا. يوجد فيروس كهذا، وهو سيرافقنا حتى بعد الكورونا.