"فيسبوك" يبدو الآن أكثر كحكومة!

ترجمة: ينال أبو زينة

تقدم مؤسس ورئيس "فيسبوك" التنفيذي، مارك زوكربيرغ، بطلب محير لصناع القرار في العالم هذا الشهر في ميونيخ: عندما يتعلق الأمر بالحوار، لا تعاملوا مواقع التواصل الاجتماعي على أنها صُحف أو شركات اتصالات، بل عاملوها على أنها "نوعاً ما في الوسط". ولكن ما الذي يعنيه ذلك؟ لقد أصدرت الشركة ورقةً بيضاء تقدم بعض الإجابات –وتثير العديد من التساؤلات على طول الطريق أيضاً- عقب أيام من ذلك، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

اضافة اعلان

لقد أصبح موقع "فيسبوك" حريصاً على التنظيم بعد أن أصبح التنظيم أمر لا مفر منه. وقد بدأت الدول، داخل الاتحاد الأوروبي، باختلاق أطر عمل تجبر الشركات بقوة على تعديل المحتوى لديها، والآن أصبحت الكتلة كاملةً تسعى إلى إيجاد قاعدة موحدة فيما بينها. وفي الوقت ذاته، ينظر المسؤولون في أميركا بنوع من الشك إلى منظومة الحماية من المسؤولية عن أفعال المشتركين التقليدية للشركات.

ولا يتمحور الجدل الدائر حول إذا ما كان على المنصات أن تتحمل كل شيء، وإنما إذا ما كانت مستعدةً لذلك –أو بمعنى آخر، إذا ما كان يتعين على هذه المواقع تحمل التزامات أشد لمراقبة وتنظيم المحتوى غير القانوني لديها، أو حتى ذلك الضار منه فقط.

وإجابة "فيسبوك" الواضحة البسيطة هي "نعم، ولكن". لا شك أن الموقع الشهير يود إتباع بعض القوانين، لكنه يفضل أن تتركز في آليات المراقبة والحذف التي يجب على الشركات وضعها بدلاً من أن تكون بمثابة قيود تُفرض على الشركات التي تتقبل نوعاً معيناً من المحتوى الحواري. وينبغي على الشركات، بكلمات أخرى، أن تُنفذ شروط الخدمة الخاصة بها بالكامل.

ويعد الاقتراح مفيداً وفعالاً، من الناحية النظرية على الأقل، لكونه سيحاسب موقع "فيسبوك" وغيره تبعاً لتنفيذهم ما يقولون. ولمزيد من الإنفاذ الشديد الذي يريد المشروعون مشاهدته –ليس من "فيسبوك" فقط وإنما من المواقع الأكثر إثارةً للرعب من حيث المحتوى على الإنترنت- ستمس الحاجة هنا للتلويح بعصاً أكبر.

ومن المؤكد أن معاقبة الشركات على محتويات المشتركين الفردية من شأنه أن يفعِّل الرقابة المفرطة. لكن الحكومات يمكنها أن تخبر الشركات بفئات المحتوى الذي يفترض بها أن تنظمه قبل المصادقة على الجهود المبذولة في حال كانت أوفت بالغرض أم لا.

وفي أوروبا، يغلب الظن أن فئات المحتوى هذه ستتجاوز تلك التي تعتبر "بالكاد غير قانونية" إلى تلك "الضارة والمسيئة" –وهو اقتراح محفوف بالمخاطر يمكن أن يخفف المنظمون من وطأته عبر تحديد ما يتوقعون من الشركات بوضوح أكبر.

وبالعودة مرةً أخرى إلى الولايات المتحدة، فالشعار هو "اللاقانونية"، وعلى الرغم من أن قانون الحماية من المسؤولية عن ما ينشره المستخدمون التقليدي لا يجب أن يُلغى بالكامل، ما يزال هناك حيز للتنقيح: حماية الشركات الجيدة التي تتبع أنظمةً منطقية للكشف عن وحذف المحتوى غير الشرعي، وسحب الحماية من تلك التي ترفض المحاولة.

وسوف تخبر أي من هذه القوانين الشركات بوجوب اتخاذ قرارات صعبة وحساسة من أجل التغيير –إسناد دور عادة ما تؤديه المحاكم إلى جهات فاعلة خاصة. وهذا ما يحدث الآن فعلياً. إذاً، فإن مفتاح أي نظام متبع لتنظيم المحتوى على الإنترنت يكمن في الشفافية الكاملة في عرض سياسات الشركات وآلية تنفيذها، بالإضافة إلى إيضاح أسباب اتخاذ الشركات قرارات معينة بذاتها، وسبل المناشدة التي لا تقل انفتاحاً عن ذلك.

وفي نهاية المطاف، لا يريد "فيسبوك" أن يُعامل على أنه صحيفة، أو كشركة اتصالات، لكنه الآن لا شك يبدو كثيراً كحكومة.