"فيسبوك" يتحول لصفحات رياضية بعد خسارة النشامى

جماهير غفيرة حضرت مباراة المنتخب الوطني والاورغواي- (الغد)
جماهير غفيرة حضرت مباراة المنتخب الوطني والاورغواي- (الغد)

مجد جابر

عمان- بعد الحزن الذي خيّم على الأردنيين مساء الاربعاء الماضي جراء خسارة المنتخب الأردني امام فريق الأورغواي في ذهاب الدور الفاصل المؤهل لمونديال البرازيل 2014، تحول كثير من المواطنين في جلساتهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي الى "محللين رياضيين".

اضافة اعلان

كما انقلبت صفحات "الفيسبوك" إلى نشرات وصفحات رياضية، تضم آراء وتحليلات، بعضها وقف على أسباب خسارة النشامى، من وجهة نظر "شعبية عاطفية"، وتعليقات سخرت من النتيجة "الخماسية" التي تلقاها المنتخب من خصمه.
تحليلات أخرى تجاوزت لغة "اللوم والغضب"، لتقسو على المدرب ولاعبي المنتخب، لاسيما الحارس محمد الشطناوي، حد مطالبة بعض مستخدمي الفيسبوك بـ "يجب الحكم على حارس المرمى بالاعدام"!!
ضياع الأمل بالفوز في المباراة التي أقيمت على ستاد عمان الدولي، وسخرت لها حملات دعم سبقتها بأسابيع، وقفت وراء هذه "الحالة العامة من الغضب"، وفق مختصين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يحق لأي كان من المواطنين إطلاق التحليلات الرياضية والتفسيرات حول أسباب الخسارة دون وجود أدنى خبرة، حتى إن بعض من علق ليست لديه اهتمامات رياضية، فضلا عن أنه مقل في حضور المباريات والبرامج الرياضية؟
"لدينا شعب من المحللين الرياضيين" هكذا قال الثلاثيني ابراهيم حسن وهو يتابع ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات واقتراحات رياضية بحتة، انطلقت من أشخاص يعرفهم "وليس لهم أدنى علاقة بالرياضة".
يقول ابراهيم "تحول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي فجأة الى محللين رياضيين يصدرون الأحكام والقوانين ويعاقبون اللاعبين، بالاضافة الى اقتراحهم تعديلات تكتيكية في اللعب".
ويتساءل ابراهيم باستغراب: هل تعليقاتهم وتحليلاتهم كانت ستغير من نتيجة المباراة مثلا؟، متابعا كيف لهم أن يتدخلوا بتقسيم الفريق وتسمية اللاعبين، والحديث عن الملعب وهندسته، فهل سبق وأن لعبوا في الفريق ومن أين تشكلت خبراتهم الرياضية؟!!
وعن تحول المواطن الى محلل رياضي فيعيده الاختصاصي الاجتماعي د.حسين الخزاعي الى ما يطلق عليه "علم النفس الرياضي"، وهو أن المجتمع يشترك بالمباراة مع المنتخب، وكل منهم يتقمص شخصية معينة من شخصيات المنتخب، فالجميع يصبحون محللين حتى أثناء حضور المباراة يلاحظ  أن كثيرين يقومون بتوجيه اللاعبين خلال متابعة المباراة وكأن اللاعب يسمعهم.
ويشير خزاعي إلى أن الروح المجتمعية "تكون معلقة مع الفريق ولا تريد أي أخطاء يقع فيها اللاعبون بل تنشد تحقيق الفوز والوصول الى البطولة".
الا أن "الصدمة"، وفق خزاعي، كانت "كبيرة" من حيث طبيعة اللعب وعدد الأهداف والخسارة، فقام المتابعون بـ"تفريغ هذا الكبت من خلال المواقع الاجتماعية والتعبير والتعليق واطلاق الأحكام والتحليلات"، مبيناً أن ذلك يعد "شيئا ايجابيا إن كان تفريغا بطريقة حضارية".
ويرى أن الأردنيين كانوا يتوقع نتيجة أفضل وتحقيق الفوز، لاسيما أن المنتخب لعب على أرضه وبين جمهوره الذي دعمه، لذلك فإن ما حدث هو "حالة من الغضب ما بعد حدوث الصدمة الذي ما يفتأ أن يهدأ ويعود الأمر الى حدوده الطبيعية لاحقا".
تعليقات كثيرة عجت بها صفحات "الفيسبوك"، بعضها حملت الحارس مسؤولية "الهزيمة الساحقة"، في حين ذهب بعضهم لـ"تحميل المدرب حسام حسن المسؤولية الكاملة الى حد المطالبة بإقالته"، ومن تلك التعليقات على سبيل المثال لا الحصر:
"بدنا مدرب أفضل المسؤولية في الخسارة تقع عليه وحده أما الشباب فعملوا اللي قدروا عليه"، "حكم المباراة يحتاج الى نظارة فهو السبب وراء الخسارة"، "نتيجة متوقعة لفريق بدون حارس"، "ولا لاعب وحداتي؟ كيف بدكم تفوزوا بهيك تشكيلة؟؟!!.. سوف تندم يا حسام حسن"، "حسام حسن خان ثقة الأردنيين، تخطيط سيئ. المنتخب تحول جذريا ومش لازم الإنجازات تضيع عشان مدرب بدون خبرة"، "كان الحارس وجوده مجرد طيف على المرمى".. وغيرها من التعليقات.
عمر علي يبدي استياءه من التعليقات التي انهالت على "الفيسبوك"، والتي تنتقد المنتخب وتطلق الأحكام عليه "جزافا".
ومع أن علي يدرك أن المباراة كانت "حالة" مر بها الشعب الأردني كله، ولكنه لا يقبل أن يعطي لنفسه الحق بالتدخل بشيء دون أن يكون على دراية كاملة به كأن يصدر القوانين والأحكام على المنتخب وعلى لعبهم ويحاكمهم ويحلل نتيجة الخسارة.
وينوه علي الى أنه يكتفي بالتعقيب على النتيجة بأن النشامى "وصلوا الى مرحلة جيدة ويكفيهم شرف المحاولة كما أنهم كانوا محط أنظار الجميع"، مفضلا أن يترك شأن التعليق الرياضي "لأصحاب الخبرة والاختصاص في هذا المجال".
في حين يحيل الاختصاصي النفسي الدكتور محمد حباشنة اللجوء الى هذا التفريغ كرد فعل على نتيجة المباراة الى أن هناك ما يسمى بـ "التوقعات الزائدة، والتي تضعنا دائماً في مطب الغضب الذي يتم التعبير عنه في حال عدم تحققها".
ويتابع "كثير من الناس وجدوا في حدث مثل المباراة اختصارا لكل ما يعانونه، حيث انصب تفكيرهم في الحدث والنتيجة، حيث أصبح أمر المباراة النقطة الأساسية في الدماغ".
وينوه الى أن المجتمع "يعيش حالة احباط سياسي واجتماعي واقتصادي، ودائم البحث عما يسمى "المورفينات" والمهدئات، مبيناً أن هذه المباراة "تعمل معنى المورفين والجميع يرغب بتعاطيه".
وما حدث من نتيجة "سلبية" تتشكل بخسارة المنتخب، شكل ما يسمى "ايقاف هذه الجرعة التي كانوا ينتظرونها فظهرت الأعراض الأخرى عليهم"، لذلك "يتوقع ردات فعل خاطئة وغاضبة"، وفق الحباشنة الذي يبين "أنه ليس من المعقول أن تختصر مشاكل الدنيا بأكملها بهذه المباراة بالرغم من أهميتها".

[email protected]