فيلا مع مشهد رائع للاحتلال

1
1

هآرتس

جدعون ليفي

17/1/2020

اضافة اعلان

بوابة بيت الفلاح ادريس عبد الله تفتح على الجدار. حتى قبل بضع سنوات كانت تفتح على حقل زيتون. الآن على بعد قليل منها يمر جدار حديدي طويل، قضبان مكتظة واسلاك شائكة فوقها، التي تحيط بمستوطنة ليشم. فوق التلة التي تقع خلف الجدار الحديدي يتم بناء حي جديد من الفيلات يقوم ببنائه عمال عرب من الخليل. شاحنة اسرائيلية تنزل حمولة من الاثاث في ساحة إحدى الفيلات. أثاث حديث لحديقة تم وضعه في فيلا اخرى. عندما سينتهي العمال من الخليل بناء هذه الفيلات الفاخرة ذات المشهد الرائع للاحتلال، سيتم اغلاق البوابة الحديدة. الفلاح عامر عبد الله، أحد أصحاب هذه الاراضي الذي يسافر معنا اليها، لن يتمكن من الوصول إلى ما تبقى من حقله، الذي الآن تتدفق اليه مياه المجاري من انبوب من البلاستيك يمر تحت فيلات ليشم وتتجمع في مستنقع في قطعة الارض.
دير بلوط، القرية الفلسطينية التي يعيش فيها 5 آلاف نسمة، تطل على التلة المقابلة. من أي نافذة فيها يمكن رؤية حي المستوطنين الذي اقيم أمام اعينهم، على ما يدعي السكان بأنه اراضيهم الخاصة. وإسرائيل أعلنت عنها "أراضي دولة" في العام 1981 بطريقة النهب المعروفة. حقول القمح تمتد في السهل الخصب الذي يقع بين التلة الفلسطينية وتلة المستوطنين التي اقيمت عليها ليشم، والتي هي امتداد لمستوطنة عالي زهاف، التي تقع على التلة التالية. فوق كل تلة مرتفعة وايضا فوق التلة غير المرتفعة وتحت أي شجرة يانعة يوجد هنا حي مستوطنين لمن يريدون "جودة حياة" على بعد قليل من غوش دان. الوضع هنا مكتظ جدا في وسط الضفة قرب الخط الاخضر. ها هي بدويل وبروخين، التي يبنون فيها بشكل حثيث. وها هو تمثال في مفترق بدويل، وهناك "مغسلة السلام" الفلسطينية للسيارات غير بعيدة عن هنا.
منازل ليشم آخذة في الاقتراب من الجدار، وآخذة في الاقتراب من البيوت في الصف الاول في دير بلوط، حيث اصبحت مجاورة لها تقريبا. قبل شهرين تلقى السكان بلاغ من السلطة الفلسطينية، من وزارة مقاومة الجدار والمستوطنات، بأن اسرائيل ستقوم بمصادرة 100 متر حول الجدار الذي يحيط بليشم. الوضع يغلي في القرية منذ ذلك الحين. ومكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق ابلغ ردا على سؤال "هآرتس" حول المصادرة: "في كل ما يتعلق بالاعمال في حدود "مخطط بناء مدينة"، فان الأعمال التي تجري في منطقة ليشم تنفذ على أراضي دولة في مناطق ج، وذلك على قاعدة مخطط مصادق عليه. ونؤكد بأنه كما هو دارج في القانون وكجزء من عملية الاعلان، نشر المخطط بما في ذلك اعطاء امكانية لتقديم اعتراضات".
على مدخل قرية دير بلوط يوجد مقهى قيد البناء يوجد فيه إنترنت لاسلكي، لكن الفلافل يحضرونه من الخارج، عدد من أصحاب الأراضي التي تقع قرب جدار ليشم يجلسون فيه، ويطرحون مشكلاتهم. عامر عبد الله يبدأ بالحديث عن الأحداث التي حدثت قبل سنتين. هو لا يتذكر التاريخ بالضبط. وينتهي بذعر أمر المصادرة الجديد لمئة متر على طول الجدار. هو عاطل عن العمل، عمره 48 سنة، وأب لستة اولاد، فقد تصريح العمل في اسرائيل في اعقاب ما حدث في العام 2018. وبعبرية العمال الفلسطينيين التي يتحدثها شرح عملية سلب أرضه بالتفاصيل الدقيقة. ووصف التعاون بين المستوطنين والجيش والإدارة المدنية والشرطة، الذي يتكرر في كل مستوطنة تقريبا. وقد كان لعبد الله وعائلته 82 دونم من حقول اشجار الزيتون التي يبلغ عمرها 50 سنة، و12 دونما صودرت منهم.
خمسون سنة في الارض
"ذات يوم كنا نوجد في قطعة الارض، وجاء آفي، المسؤول عن التراكتورات التي تبني ليشم"، تذكر عبد الله، "قال لي ما الذي تفعله هنا. فقلت له إن هذه ارضي. وقال لي محظور عليك أن تكون هنا. يوجد مخطط ونحن نعمل حسب المخطط. قلت له: يوجد هنا اشجار زيتون منذ خمسين سنة مزروعة في الارض. قال لي: اذهب من هنا، واذا جئت ثانية فسأقوم باحضار التراكتورات واقتلع اشجار الزيتون، واذا لم تذهب الآن سأحضر عشرة جنود. قلت له: أحضر".
عبد الله قال إنه بعد 20 دقيقة جاءت سيارتين عسكريتين. "أحد الجنود اراد ضربي. سألني: ماذا تفعل هنا؟ قلت له: انظر ماذا تفعل التراكتورات، إنها تقتلع اشجار الزيتون". وحسب قوله الجندي وقف مذهولا. "ماذا يمكنني أن افعل"، سأل. الجندي تحدث مع آفي وبعد ذلك قال "أنا لا يمكنني فعل أي شيء. أنا لا اعرف أين الحدود هنا. يوجد هنا اشجار زيتون، توجد هنا مشكلة". عبد الله قال إن الجندي اتصل مع مستوطن من عالي زهاف أو بدويل، الذي جاء الى المكان وقال إنه يوجد هنا مخطط. قلت له: يوجد لدي طابو تركي، وتوجد اشجار زيتون مزروعة منذ خمسين سنة في الارض قبل مجيئك الى هنا. قال ذاك الشخص لآفي الذي كان يقود التراكتور بأنه يجب عليه وقف العمل اليوم، وأنه في الغد سيتصل مع الادارة المدنية.
موظف الادارة المدنية جاء وسأل: ماذا تريد. سألته: من الذي مضى عليه وقت اطول هنا؟ الحكومة الاسرائيلية أم الحكومة الاردنية؟ اشجار الزيتون زرعت في عهد الحكم الاردني. الموظف قال لي: حسنا، أنا لم أقل لهم بأن يعملوا هنا. بعد ذلك صرخ نحو التراكتور: توقف، لا تعمل. وبعد يوم، قال عبد الله، عملوا مرة اخرى في الأرض. جاء رجال شرطة من اريئيل وقلت لهم إنه توجد هنا حدود. وأن التراكتورات تعمل مسافة 20 – 30 مترا داخل أرضي. بعد ذلك جاء مهندس من قبل المستوطنين وموظف من الادارة المدنية. موظف الادارة قال للمهندس: أنت محق في أمر واحد، إذا كانت الارض فارغة ولا يوجد فيها أشجار زيتون أو أشخاص، حينها يمكنك الدخول. قلت له: انظر، توجد اشجار زيتون ويوجد أشخاص. موظف الإدارة قال: أنا اخجل اذا قام التراكتور بالسير فوق اشجار الزيتون. وطلب من سائق التراكتور وقف العمل. في ذلك اليوم قاموا بوقف العمل.
بعد يوم اتصل آفي مع سائقي التراكتورات وطلب منهم الحضور من اجل القياس. جئت ورأيت، والتراكتور دخل الى الداخل. دخل مسافة 20 مترا آخر. قلت لآفي: أمس قالوا لك بأن لا تدخل. كيف تدخل. هو سخر مني ولم يسمعني. أنا جلست على كفة التراكتور ورفعني الى عشرة امتار وأنا معلق في الجو لمدة خمس دقائق. حاول تخويفي، وهو رأى أنني لم أخف فأنزلني الى اسفل على بعد نصف متر فوق الارض وبدأ بهز التراكتور. قلت له: أنت تريد قتلي. فكن رجل، الآن سيأتون من القرية.
عبد الله قال إن آفي اتصل مع مستوطن وقال له بأن يستدعي قوة. وبعد عشر دقائق جاء 100 شخص من القرية. وأضاف بأنه بعد عشر دقائق حضر مستوطن مع سيارتين عسكريتين. الجنود خرجوا من السيارات وقالوا لي: ماذا تفعل هنا؟ قلت: هناك محكمة، انتظروا الى أن تقرر المحكمة. في نفس اللحظة جاء رجال شرطة اريئيل، امسكوني وكبلوا يدي وقالوا بأنهم سيأخذوني الى السجن. وقالوا لي: قف هنا، ووضعوا جندي لحراستي. وبعد ساعة تقريبا ضابط الادارة المدنية بدأ التحدث مع المستوطنين وقال لهم: لماذا عملتم فوضى هنا؟ قالوا له: لم نفعل أي شيء، توجد هنا حدود ونحن نسير بحسبها.
جاسر عبد الله، ابن عمي، يعرف اللغة العبرية. وقد سمعه يقول لهم اوقفوا التراكتور الى حين ذهاب الناس. وعندما يذهبون قوموا بتشغيل التراكتور. جاسر قال له: أنت تهزأ منا. تقول لهم لا تعملوا، وبعد ذهابنا أن يبدأوا بالعمل. موظف الادارة قال: الآن سنقوم باستخدام القوة. محظور عليكم التواجد هنا. على كل حجر ساضع جندي وسنطردكم بالقوة. وقبل انهاء كلامه قال لي: الى السجن.
قاموا بوضعي في السيارة العسكرية وأنا مكبل. وقال عبد الله بأن الجيب بعد بضعة امتار انقلب. أنا كنت مكبل وظهري علق، جاء آفي وفتح الباب وخرج الجندي الذي كان يجلس بجانبي، والشرطي ايضا خرج. وبعد ذلك لاحظوا بأنه يوجد شخص آخر في الجيب. عبد الله قال إنهم حاولوا اخراجه بالقوة من الجيب، وقد حذرهم من أن ظهره عالق. وقال: جاء شخص آخر واخرجني من الجيب ووضعني على الأرض وجاءت سيارة اسعاف نقلتني الى تل هشومير وكنت أتبول دما وبقيت هناك ليلة مع شرطي. اجروا الفحوصات وقالوا لي بأنه لا شيء لدي. بعد ذلك اخذوني الى شرطة اريئيل وطلبوا مني التوقيع بأنه محظور علي التواجد في الارض، أنا وقعت وعدت الى البيت.
بعد شهر، قال عبد الله، تلقى مكالمة هاتفية من مجهول. قالوا إنهم من الشرطة وطلبوا مني الحضور. أنا خفت من أن اذهب وحدي حتى لا يقال بأنني قد بعت الارض. وقد تشاور مع الشرطة الفلسطينية التي قالت له بأن يذهب. "عندها فعلوا ما يريدون أن يفعلوا". وقال: تحدثت مع المحامي وقلت له ماذا بشأن الطابو التركي؟ فقال لي: كل اربعة – خمسة اشهر يقومون بتمديد القضية حتى يكون لديهم وقت للبناء. بعد ذلك يقولون أين كنتم؟ الآن اصبح الحي قائما. الآن قاموا بالبناء فوق كل الأرض. انبوب مياه المجاري قاموا بوضعه وعملوا جدار. وقبل شهرين قاموا بتقديم مخطط بديل للبلدية وقالوا بأنه يجب عليهم أن يأخذوا مئة متر اخرى حول الجدار.
لافتة على الشارع من قبل المجلس الاقليمي شومرون وقسم الهندسة كتب عليها: "اعمال بناء وتطوير لروضة اطفال، اربعة صفوف في مستوطنة ليشم. الجهة الممولة: وزارة التعليم، المجلس الاقليمي شومرون واللجنة المحلية في ليشم. نحن نهتم بالمواطن. يوسي دغان، رئيس المجلس".
الطريق الترابية والزراعية الموازية للشارع الأمني الذي يقع وراء الجدار، اغلقت بمكعبات الاسمنت من اجل منع المزارعين من الوصول الى ما تبقى من حقولهم. نحن نهتم بالمواطن. منشأة لتكرير المياه العادمة قرب الحاجز. عبد الله ينظر من الثغرات في الجدار الى ارضه ويشير الى انبوب مياه المجاري والى اشجار الزيتون التي تم قطعها والتي هي قريبة من الجدار. مستوطنة ترتدي قبعة ضيقة على راسها وتقوم بجر عربة اطفال على الطرف الثاني. ايضا هنا المعركة حسمت.