في الاستعداد للتاسع من آب: القدس حبيبتي

في الاستعداد للتاسع من آب: القدس حبيبتي
في الاستعداد للتاسع من آب: القدس حبيبتي

نداف شرغاي: اسرائيل هيوم 

يعلمنا التلمود أن "القدس لم تخرب إلا لأنه انقطع منها الصادقون. وتعلمنا "الجمرا" أن "الصادقين" هم أناس يمكن أن نثق بكلامهم، لكن القدس هي "مدينة الصدق" والأكاذيب تضعضع أسسها.

اضافة اعلان

بعد 1940 سنة من خراب القدس يكذب قادة هذا الجيل فيما يتعلق بالقدس، وهكذا لم تعد نذورهم نذورا ولا ايمانهم ايمانا، وهم يستخفون بالمدينة وحاجاتها ومقدساتها.

ليست القدس عاصمة ورمزا ووعيا وذاكرة يهودية فحسب، بل هي نسيج مدني حي يتنفس، يتركه في كل سنة 18 ألف يهودي، وتركه في السنين العشرين الاخيرة أكثر من 300 ألف يهودي. إن كارثة سكانية كهذه، تنبع من نقص شديد من السكن والعمل تقتضي تدخلا حكوميا غير موجود.

يقسم القادة، واحدا بعد آخر، أغلظ الايمان على وحدة القدس وسلامتها والسيادة اليهودية فيها، لكن دولة إسرائيل في واقع الأمر لم تعد تسيطر على مناطق أخرجها الجدار الأمني في الواقع عن القدس. وأخطر من ذلك، أنه في شرقي القدس داخل الجدار، وفي البلدة القديمة وفي الحوض المقدس، توجد مناطق لم تطؤها رجل يهودي اليوم، وذلك لأن الدولة سحبت سلطتها منها في واقع الأمر.

في العقد الاخير تخلت حكومات اسرائيل على اختلافها عن القدس، إما بالكلام وإما بعدم الفعل. بالكلام فقد كان ايهود باراك وايهود اولمرت اللذان غيرا دينهما فيما يتعلق بالقدس. إن باراك، الذين بيّن في يوم القدس قبل عشر سنين أن "المنقطع تماما عن كل صلة بالتراث التاريخي والغريب عن رؤية الشعب ونشيد حياته، واعتقاده وأمله فقط، قادر على أن يخطر بباله تنازل دولة إسرائيل عن جزء من القدس"، وافق من غير أن يطرف له جفن بعد شهور قليلة فقط، في كامب ديفيد العام 2000 على تقسيم القدس والبلدة القديمة وجبل الهيكل، ونقض كل نذوره. وهكذا سلك اولمرت ايضا. بل إن بنيامين نتنياهو استسلم لضغط الولايات المتحدة وجمد البناء في الاحياء اليهودية التي أنشئت في شرقي القدس بعد حرب الايام الستة، وهي أحياء يسكنها اليوم نحو 200 ألف يهودي، وينبغي أن نؤمل ان يكون هذا التجميد مؤقتا فقط.

لكن التنازل الأكثر اذلالا، والاكثر ايلاما وصعوبة، والمضيع تماما من جهة دعائية، هو التنازل عن القلب، عن جبل الهيكل. أجل تفضل ابو مازن في المدة الاخيرة في بيان أنه يتخلى عن الحائط الغربي والحي اليهودي، لكن أحدا لم يجهد نفسه في أن يبين له مبلغ سخف كلامه وانقطاعه عن الواقع. لم يبين له أحد ان اسرائيل قامت بالتنازل الضخم في القدس في 1967، عندما سلمت جبل الهيكل، وهو الموضع الأقدس للشعب اليهودي والثالث في أهميته فقط للاسلام، لتديره السلطات الدينية الاسلامية، وحظرت على اليهود الصلاة هناك. لم تسلك أي ديانة أخرى هذا السلوك مع ديانة أخرى منذ الأزل.

التخلي عن مكان الهيكل ترك لليهود مع كل ذلك حقا واحدا هو حق زيارة الموضع. بل ثبت هذا الحق بقانون حماية الأماكن المقدسة. لكن في السنين الأخيرة، بعد أن أبطل حاخامات كثيرون ولا سيما متدينون قوميون، الحظر الشرعي الشامل لدخول اليهود جبل الهيكل؛ وعندما ازدادت الرغبة في تحقيق هذا الحق، أصبحت الشرطة تملي على الحكومة في الواقع سياسة أخرى. فهي تحد دخول اليهود جبل الهيكل وتسلب الجمهور اليهود اخر موطئ قدم تركته له حكومة إسرائيل في الجبل.

قلنا من قبل إن القدس لم تخرب إلا لانقطاع الصادقين منها. من أراد الحفاظ على القدس وعلى جبل الهيكل يجب عليه الحد الأدنى من الصدق، على الأقل.